إىمان أنور رغم أنني أحب بغداد ولها في نفسي مكانة تاريخية خاصة.. إلا أنني لا أتوقع نجاحا يذكر لقمة عربية تلتئم في أرض السواد.. مهما دججت بالشعارات الرنانة.. والبيانات الطنانة.. وحتي لو تم حظر جوي فوق بغداد طيلة أيام انعقاد القمة لحمايتها.. لا أتوقع نجاحا يحدث أثرا لقمة بغداد.. ليس لأن بغداد ما زالت تنهض من رمادها.. وتلعق جراحها.. وتتعافي.. أو أن حكامها الجدد يتآمرون علي حرية الشعوب.. وكأنهم ما شربوا من هذه الكأس.. بل لأن هذا العام تحديدا.. كما كان العام الماضي.. هو عام القاع الذي انقلب قمما.. وليس عام القمم.. التي خنقتنا بدخان طبيخ توصياتها منذ عقود.. هذا عام الشعوب التي نهضت من غربال كساحها.. وهرولت بلا عكاكيز لقطف أمجادها.. هذا عام الشعب حين يريد الحياة.. وليس عام القمم التي ظلت تتكرر علينا بذات التضاريس وذات جدول الأعمال والجلسات والخطب.. حتي ترسبت في قاع اهتماماتنا.. ورسبت بجدارة.. وصارت تمر دون أن نشعر بها.. هذا عام الشعوب.. التي أعادت خرائط الأشياء إلي موقعها الصحيح.. فجعلت القمة قمة والقاع قاعا.. وأحقت الحق وأبطلت الباطل.. وجعلت تونس والقاهرة وطرابلس وصنعاء ودمشق عواصم للقرار الشعبي.. الذي إنتصر وسينتصر.. رغم كيد الطغاة ومن لف لفيفهم.. ومن أجل هذا.. أقترح قمة للشعوب العربية في سيدي بوزيد مسقط رأس شعلة التحرر العربي الجديد محمد البوعزيزي.. نريدها قمة دون سجاد أحمر يزين أرض المطار.. نريدها قمة تتراءي أمامها دماء شهداء ثورات الياسمين واللوتس والربيع العربي وغيرها.. نريدها قمة تدرج علي جدول أعمالها كلمة حمراء واحدة.. الحرية.. ثم نرددها بلكنة تخلد في أذن الزمان طويلا.. في بعض موروثنا الشعبي.. كان إذا تأخر الطفل عن المشي.. فعلي الأم أن تضعه في غربال خشبي ثم تدور به في زقاق الحارة مرددة أغنية ممزوجة بالتفاؤل والأمنيات يالا يالا يا قرون الغول إمتي يكبر ويطول .. وحلقاته برجالاته إن شا الله يعيش .. الشعب العربي الذي ظل صغيرا قابعا في غربال كساحه مرعوبا من الغول والغولة وظلالهما.. نهض أخيرا بكامل براكينه وأقدامه.. وإقدامه في هذين العامين وراح مهرولا.. بعد أن كان مجرورا في عالم يتقدم ونحن نراوح ذات أزقة وحارات الخمول.. في قمة سيدي بوزيد.. علينا أن نكسر غربال كساحنا.. ونكومه قطعا صغيرة في عربة محمد البوعزيزي الخشبية الماثلة للعيان هناك.. ثم سننصت بكامل قلوبنا.. ليس لسماع ألسنة اللهب تأكل جسد البوعزيزي.. بل لنسمع صدي الصفعة الظالمة التي سقطت علي وجهه من شرطية تونسية وقلبته بركانا لفتيل تحررنا.. فكانت الشرارة لانتفاض ثورتنا المجيدة لتحرر مصر .. سلام علي ال بوعزيزي في العالمين.. وعاش شعبنا والشعوب العربية حرة أبية.!