اليوم تشيع مصر كلها بمسيحييها ومسلميها جنازة ابن عزيز عليها، ورمزا كبيرا من رموز الوطنية المصرية، أحب هذا الوطن، وعشق ترابه، وعمل من أجل وحدته الوطنية وسلامة مجتمعه، فأحبه الناس، وأصبحت له مكانة متميزة في قلوبهم وعقولهم. واليوم يودع المصريون جميعهم، أبا، وأخا، وصديقاً عزيزاً عليهم، وعلي الوطن، هو البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، بعد رحلة عطاء غزير في خدمة وطنه، وأمته، ورعاياه، بطول حياته الممتدة عبر »98« عاما حافلة بالحكمة والتسامح، ومليئة بالمواقف الإنسانية والدعوة للخير والمحبة والسلام. والبابا شنودة الذي نودعه اليوم استطاع بعقله الراجح، وحكمته البالغة، وثقافته المتنوعة والموسوعية، ومعرفته العميقة بالتاريخ والأدب بصفة عامة والشعر بصفة خاصة ان يحظي بحب، وتقدير واحترام، وصداقة كافة أبناء الوطن، بالإضافة الي ما يكنه له الجميع من توقير وإكبار لمنزلته الدينية الرفيعة. وإذا كانت مصر تودع اليوم الأب والأخ والصديق لكل مواطنيها، فإنها لن تنسي له أبداً مواقفه النبيلة والحكيمة في حب الوطن، والتمسك في كل الظروف بالحفاظ علي وحدته، ورفض كافة المحاولات للفرقة بين أبنائه، وجهده المستمر لوأد الفتن والعبث بالوحدة الوطنية. كما لن تنسي له مصر أبداً مواقفه الوطنية الصادقة والحكيمة، في رفضه الشامخ لأي تدخل خارجي في الشأن المصري الخاص، واعتزازه الدائم بمصريته وعروبته، ورفضه القاطع والحاسم للاحتلال الإسرائيلي للقدس الشريف، ورفضه المعلن والشجاع لحج الإخوة المسيحيين للقدس، وإصراره أن يؤجل ذلك حتي تحرير بيت المقدس، والمسجد الأقصي. ورغم وداعنا للراحل العزيز اليوم إلا أن كلماته ومواقفه ستظل حية في وجداننا جميعاً، خاصة تلك التي عبرت في حكمة بالغة عن مدي حبه لمصر وعشقه للوطن، والتي قال فيها،..، »إن مصر ليست وطنا نعيش فيه، ولكنها وطن يسكن فينا«. ونواصل غداً إن شاء الله