أمام التغييرات العصبية والعنصرية في معاملة المسلمين المسالمين بلا تفرقة بينهم وبين الإرهابيين لم تجد السيدة "مالاما" الفرنسية/ السنغالية" من وسيلة لإظهار رفضها واعتراضها سوي أن تمسك بقلمها وتكتب رسالة قرأت نصها علي موقع إخباري فرنسي دافعت فيها عن القيم الفرنسية التي لا تفرق بين مواطنيها علي أساس اللون أو الجنس أو الديانة. فالكل أمام الدستور والقانون سواء، وليس من حق البعض الإساءة إلي غيره لمجرد أنه يختلف عنه: لوناً أو أصلاً أو ديناً. أعجبني في دفاع السيدة "مالاما " الفرنسية/ من جذور سنغالية أنها لم تتقمص صفة الداعية والعالمة الإسلامية وهي غير ذلك.. بالتأكيد وإنما بصفتها المتواضعة كمواطنة عادية ولدت في فرنسا، من أبوين أفريقيين مسلمين، وتحمل مثلهما الجنسية الفرنسية التي سمحت لها ولأخوتها وأخواتها بالتعليم في مدارسها وجامعاتها، ثم العمل في وظائف يختارونها. تقول "مالاما" إنها تعيش حياة بسيطة، وتحرص علي أن تكون بقدر استطاعتها صادقة مع نفسها، وقيمها، ومعتقداتها الدينية. وأضافت أنها واجهت وتواجه لحظات في حياتها تذبذبت فيها مواقفها بين خيار يجب الالتزام به، وآخر يمكنها الشك فيه، وخيار ثالث لا تأخذ به.. آنذاك. ولا تري »مالاما« عيباً في مواقفها المتجددة وتعديل أو تبديل خياراتها، وإنما تراه دليلاً علي أن سماحة الإسلام والحريات الممنوحة للمسلمين خاصة تلك التي لا تتعارض مع فروض الدين. وتضع "مالاما" نفسها ضمن ملايين المسلمين المعتدلين في أي مكان، فتقول: "ولدت في فرنسا، سوداء البشرة، مسلمة الديانة ملتزمة بتعاليمه التي لا تتعارض مع المباديء والقيم والقوانين الفرنسية. طولي لا يتجاوز ال 160سم. ووزني في حدود ال 52 كيلو. لا أعيش علي المعونة الاجتماعية وإنما أتكسب من وظيفتي وأدفع الضرائب علي دخلي. لم أتعرض في حياتي لمشكلة مع الشرطة، وليس لي صحيفة سوابق. أمي تعمل بضع ساعات يومياً، وأبي لم يتوقف عن العمل منذ أن غادر السنغال وجاء إلي فرنسا في السبعينيات من القرن الماضي وأذكر أن المرة الوحيدة الذي انقطع فيها عن العمل خلال العشرين عاماً الماضية كانت لأيام معدودة، أمضاها مريضاً في المستشفي. فالعمل بالنسبة لكل أفراد أسرتي ضرورة وقيمة حياة. " بعد تقديمها لنفسها وأسرتها، تساءلت "مالاما" هل فيما قالته ما يمثل تهديداً للجمهورية الفرنسية؟! هل هذه الصفات التي سردتها تشكل كلها أو واحدة منها خطراً علي قيم الفرنسيين ودستورهم وقوانينهم .. كما يزعم المتعصبون الفرنسيون في تعاملهم مع السود، والسمر، والصفر.. من معتنقي ديانات غير ديانة اليمين المتطرف الفرنسي؟! وأضافت "مالاما" مستنكرة هذه المزاعم قائلة: " كأن الإسلام يريد تغيير فرنسا ومحو هويتها؟! كأننا كفرنسيين مسلمين نختلف عن غيرنا ولا يؤمن جانبنا؟! إن فرنسا هي بلد كل الفرنسيين الأصليين منهم والمتجنسين، ولا أتصور أن هناك عاقلا من بين هؤلاء أو أولئك يعمل علي هدم بيته أو التنكر لبلده". وتضرب "مالاما" مثالاً بأسرتها فتقول:" فرنسا بيتنا وبلدنا وهويتنا. وليس معني ذلك أن نقاطع أصولنا أو نتخلي عن عاداتنا. فنحن نذهب أحياناً لزيارة أقاربنا في السنغال ونستقبلهم في فرنسا. والدتي تعد لنا بعض الأكلات والمشروبات السنغالية. وكثيراً ما نستمع لأغانيها وموسيقاها. كما أننا نتابع ما يجري في السنغال من أحداث سياسية وأزمات اقتصادية وتطورات اجتماعية..بنفس متابعتنا لما نراه ونعيش أحداثه في فرنسا".