سىد حجازى التصريحات التي اطلقها الرئيس الأمريكي أوباما عشية زيارة رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو لامريكا كانت مستفزة الي أبعد حدود الاستفزاز وقد اصابت هذه التصريحات بعض الذين كانوا يحتفظون بشيء من حسن النية تجاه الإدارة الامريكية بصدمة لا أعتقد أنهم سيفيقون منها في وقت قريب. لقد أعلن أوباما بوضوح وقح وبصراحة هابطة أن الدعم الامريكي لإسرائيل هو عملية (مقدسة) وأن أمريكا ملتزمة بأن تحافظ علي التفوق العسكري الإسرائيلي علي كل الدول المحيطة، وكشف أوباما بذلك عن الوجه القبيح لأمريكا، ووضع النقاط علي الحروف، وحدد دون مواربة ابعاد الاستراتيجية الامريكية في المنطقة وشرح مستقبل العلاقات الامريكية الإسرائيلية والأمريكية العربية. والسؤال الآن هو أين نحن من هذه التصريحات.. وماهي خطتنا القادمة في العالم العربي لمواجهة هذه الاستراتيجية التي أصبحت واضحة وضوح الشمس.. إن السلاح العربي كله سلاح أمريكي ونحن بذلك في قبضة أمريكا أي في قبضة إسرائيل وإذا كانت إسرائيل تتحرك اليوم بحذر فلا أعتقد أنها سوف تحافظ علي هذا الحذر في المستقبل.. عندما قويت العراق وأصبحت تمثل تهديداً.. حطموا العراق وعندما تمردت ايران يجري الآن العمل لحل المشكلة الإيرانية.. ان التفكير في المستقبل اصبح بالنسبة للعالم العربي مسألة حياة أو موت وإذا كنا اليوم نملك بعض القوة المتمثلة في البترول فلسنا ندري ماذا سيحدث غداً عندما تتلاشي هذه القوة.. إن العداء ضد العروبة والإسلام هو ركن اساسي في سياسة الغرب.. هذه حقيقة يجب ان نعيها وأن نعمل علي أساسها. لقد كان بوش الابن أكثر وقاحة من خليفته عندما قال إنه سوف يبدأ الحرب علي الإسلام.. وقد ربطت السياسة الأمريكية ببراعة شديدة بين الإسلام والإرهاب وحولت الإسلام إلي فزاعة لكل الغرب المسيحي لتحصل علي مباركته للتصرف في المنطقة كما تشاء.. إنني بطبعي لست متشائماً ولكن استقراء الواقع المرير.. من وجهة نظري اصبح يحتم علي صناع السياسة في المنطقة اتخاذ منهج جديد في التعامل مع الخطر القادم وهو لن يكون خطراً بسيطا.. والأمر ممكن لو خلصت النوايا.. إن لدينا الآن مراكز للقوي لو توحدت لأدت إلي اعتدال ميزان القوي المائل جداً لصالح إسرائيل.. هناك إيران وهناك السعودية وهناك تركيا وهناك مصر.. هذه القوي لو التقت وتوحدت وتقاربت لكانت هي الخلاص وهي صمام الأمان للمنطقة كلها.. لم يعد مقبولاً أن نخضع الآن لخلافات مقيتة وهزلية بين السنة والشيعة.. لم يعد مقبولاً أن يخسر العالم العربي قوة شجاعة مثل قوة إيران بسبب الخلاف القديم حول من كان أحق بالخلافة »علي أم ابو بكر« لقد مات الجميع وكان يجب لهذا الخلاف ان يموت معهم لا أن يستمر لأكثر من 0041 سنة وليهدد بالموت مستقبل هذه الأمة كلها بشيعتها وسنتها، إنها مهزلة تاريخية سوف تحاسبنا عليها الأجيال القادمة عندما ننكفيء ليقاتل بعضنا بعضا لسبب مضحك عفي عليه الزمن.. لقد آن الأوان لاتخاذ منهج جديد وسياسة جديدة لإيجاد محور يضم كما اشرت السعودية وإيران ومصر وتركيا.. ان الظروف الآن قد تكون مهيأة لذلك وهي بالتأكيد لن تظل كذلك في المستقبل فأمريكا وإسرائيل تعلمان جيداً خطورة قيام مثل هذا المحور وسوف تعملان بكل وسيلة ممكنة لتعميق الخلاف بين هذه الدول وزرع الفتنة بينها لكي تنشغل بمشاكل اليوم عن مصائب المستقبل.. لقد قامت ثورات مباركة في بعض الدول العربية وهي ثورات قضت علي بعض العملاء الذين قدموا كل شيء لامريكا ولإسرائيل بما فيه كرامتهم وكرامة شعوبهم ومستقبل بلادهم ومصير أمتهم ويتولي الحكم الآن بعض القوي عميقة الإيمان بالاسلام صادقة الإيمان بالعروبة شديدة الحرص علي صنع غد أفضل لهذه الشعوب.. وعلي هذه القوي أن تضع تصريحات أوباما الأخيرة امامها.. وأن تعيد رسم سياستها علي ضوئها وأن تعمل اليوم قبل الغد لانتهاج سبيل يجنب هذه الأمة الاخطار الشديدة المحدقة بها والمتربصة بشعوبها والتي تبيت لنا الغدر والشر والتي لن تتواني عن القضاء علي هذه الشعوب الباحثة عن الحرية والعدالة للإسلام وللعروبة.. لقد كشفت أمريكا بتصريحات أوباما الأخيرة عن وجهها القبيح وهو ليس شيئاً جديداً ولكنه كان كذلك علي الدوام.. هذا الوجه الذي يمثل حقيقة هذه الدولة التي تتشدق بالديمقراطية وحقوق الانسان وهي أبعد ما يكون عن الديمقراطية وعن حقوق الانسان وعن العدالة. ولله الامر