جمال الشرقاوى في ديسمبر، واستعدادا للعيد الأول للثورة، كتبت في المكان، اقترح أن يكون يوم 52 يناير 2102 يوم استكمال معالم ميدان التحرير كرمز مصري عربي عالمي للثورة المجيدة ومركز لها. وافترضت أن الاستاذ سمير غريب رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري سينتهي من المسابقة التي افتتحها بعيد 52 يناير 1102، وسينسق مع محافظ القاهرة ووزير السياحة والآثار، لاختيار موقع النصب التذكاري لشهداء الثورة الفائز في المسابقة. وأن يكون للنصب التذكاري »حرم« في الجزيرة الوسطي للميدان. وأن يتم تشكيل مجموعة من الفنانين والمعمارين، تحدد شكل وموقع صور وأسماء الشهداء من كل محافظات مصر. وأماكن جداريات الفنان طه قرني. وصورة أماكن استراحة زوار المكان. والبدء في التصميم الهندسي لتنفيذ - اذا تم الاتفاق عليه- مقترح الفنان عز الدين نجيب، بإنشاء مركز ثقافي ومتحف للثورة، تحت الأرض. وضمنت اقتراحي، أن يتم تنظيم المرور علي أساس الطبيعة الخاصة، وأن توضع علي مداخل ومخارج الميدان حراسات خاصة، فضلا عن حرس شرف لحرم النصب التذكاري للشهداء. وأن تصدر وزارتا السياحة والآثار كتيبا خاصا، باعتبار الميدان رمزا ومركزا للثورة، ومزارا سياحيا. مع الأسف لم يحدث شيء من ذلك، ولا زقلأمنه. بل وصار الميدان موضوعا لمنازعات أطراف الثورة الثلاثة. القوات المسلحة والداخلية رفعا أيديهما نهائيا عن الميدان وامتنعا عن تأمينه، أو حماية المتظاهرين أو المعتصمين فيه. بحجة عدم حدوث توتر أو اشتباكات بينهم وبين الأمن. وعندما هاجم البلطجية أو الباعة الجائلون من في الميدان، لم يتحرك الأمن لمنعهم، وحماية المعتصمين، مما ولد شعورا لدي الشباب بتواطؤ أجهزة الدولة ضدهم.. فصعدوا رد فعلهم الي مطلب زاد العلاقة توترا بين الشباب والمجلس الأعلي للقوات المسلحة، برفع شعار يسقط حكم العسكر. وبعد انتخاب وانعقاد مجلس الشعب، ظهر تناقض اخر بين الشباب والإخوان والسلفيين، الشباب تمسك بأن ميدان التحرير، أي هم، الذين فجروا الثورة، أصحاب الشرعية الأساسية للثورة. وأن البرلمان، الذي يعترفون بمشروعيته، باعتباره منتخبا انتخابا حرا من الشعب، إن هو الا مشروعية فرعية، من الأصل، وهو ميدان التحرير. بينما رأي الاخوان والسلفيون، وقد فازوا بأغلبية مجلس الشعب، أن البرلمان له كل الشرعية.. وليس للميدان من ذلك شيء، لأن المجلس هو المؤسسة الوحيدة المنتخبة من الشعب. وهكذا صارت قوتان، للمجلس الأعلي، ومعه الداخلية، والإخوان، ومعهم السلفيون -عمليا - ضد الميدان. في نفس الوقت صارت المليونيات أقل كثيرا.. وتباعدت.. بينما قلت أعداد مصابي الثورة، لحل مشاكل أعداد منهم، ولتجنب آخرين الصدام مع البلطجية أو الباعة الجائلين. وانتهي كل ذلك الي ان اصبح ميدان التحرير ليس ميدان التحرير.. بل صار شيئا فوضويا في الشكل.. مرتعا للحثالات من الباعة والخارجين علي القانون من البلطجية وتجار المخدرات بإهمال متعمد من كل أجهزة الدولة مما يثير شبهة ان يكون ذلك تخطيطا متعمدا لتشويه سمعة الميدان، ومحو الصورة والمكانة الرائعة والرفيعة للميدان الذي احتضن أعظم ثورة مصرية، حظيت بإعجاب الدنيا، وحظي معها بتعظيم العالم.. حتي صار مقصدا رئيسيا لكل سياسيي العالم الذين زاروا مصر بعد الثورة. ان ما حدث لميدان التحرير، بسبب النزاعات السياسية، التي انحدرت إلي مستوي المكايدات مع الأسف، خطيئة كبري.. ليس في حق الشباب، أو حتي الثورة.. بل في حق الوطن وتاريخه وتراثه وآثاره. ولذلك، فإن علي الجميع، ولو في ادني حد من المصالحة الوطنية أن يحفظوا لميدان التحرير مكانته. وأن يطهر الميدان فورا من كل ما يسيء إليه. وينقل مصابو الثورة المعتصمون بأسلوب ودي وليس بالعنف خيامهم الي موقع الجهاز المختص.. وتبدأ لجنة اعادة تخطيط الميدان.. وتنفيذ مخطط وضع النصب التذكاري للشهداء، مع كل ما ذكرناه في بداية هذا المقال، أو غيره مما يراه الفنانون وجهاز التنسيق الحضاري. ان ذلك سيكون له أثره المعنوي الهائل، في احياء روح الثورة، واعادة روح الوحدة الوطنية الي مستواها الضروري. وحتي نخلد ميدان التحرير، رمزا لثورة عظيمة، وقيمة انسانية عليا، اعترف بها العالم كله.. اقترح ان يؤكد ذلك بنص صريح في دستور الثورة.. يسجل عظمة الميدان، ويجرم الاساءة اليه.