كنت قد أعددت هذا المقال لكي يكون هناك وقت كاف للإعداد للاحتفال بالعيد الأول لثورة 52 يناير المجيدة. واتصلت بالزميل العزيز الأستاذ سمير غريب رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري وهو الذي أخذ علي عاتقه اختيار النصب التذكاري لشهداء الثورة من خلال مسابقة كبري. وقد أفادني سمير بأنه جاهز مع جهوزية الميدان. اكملت تصوري للميدان ومكانته العالمية وقلت إنه من الضروري بأسرع وقت أن يدعي مع سمير غريب والفنان الذي فاز بتصميم النصب التذكاري مع ممثلين رفيعي المستوي لوزيري السياحة والآثار ومحافظ القاهرة وفنان تشكيلي هو الفنان عز الدين نجيب وأحد المعماريين البارزين وليكن عصام صفي الدين مع ممثل للإدارة العامة للمرور وللأمن العام. فأنا أتصور ان يقام النصب في الجزيرة الوسطي للميدان وأن يكون له حرم مناسب يسور بشكل جميل توضع فيه بشكل فني صور الشهداء مع حامل رخامي منقوش فيه اسماء الشهداء من جميع المحافظات وان يكون لهذا الحرم حرس شرف جميل الهندام كما هو موجود في كل المواقع المماثلة. وان تتولي وزارة السياحة وضع موائد جميلة الشكل يصممها فنانون لكي يستريح عليها زوار هذا المكان والذين نتوقع حضورهم من كل أنحاء العالم. وأظن انه قد يكون من المفيد تنفيذ الفكرة التي أبداها الفنان عز الدين نجيب بأن يصمم تحت أرض هذا المكان موقع لعرض صور الثورة وهو المعرض الذي اعده المهندس العالمي الدكتور ممدوح حمزة. لكي يكون ذلك بمثابة متحف يحكي قصة الثورة وايضا ليكون ملتقي ثقافيا مصريا عربيا عالميا. واتصور أن يكون للميدان نظام مرور خاص محكوم بنقط مرور علي جميع المداخل ذات شكل وملمس خاص وان يحدد الباعة الجائلون الذين يتواجدون لخدمة زوار المجمع بتراخيص محددة ولا يسمح بأي دخول لغيرهم. لتنته لعبة البائعين الجائلين الذين هم في الحقيقة بلطجية من نوعين للتخريب، الي الأبد، أما زوار متحف الشهداء أو الثورة فستكون الكافيتيريا السياحية »كافيه« لهم ومنذ 52 يناير 2102 لا يكون ميدان التحرير مركزا للتجمعات أو الاعتصامات إلا لقوي ثورة 52 يناير. أما من يرغب في التظاهر أو الوقفات الاحتجاجية أو الاعتصامات فلتكن له أماكن أخري كالحديقة الدولية أو حديقة الأزهر أو الميادين المختلفة. كنت أعددت هذا الجزء من مقالي قبل أيام لكن جاءت ليلة الجمعة ونهار الجمعة وليلة السبت ونهار السبت حتي العاشرة وأنا اكمل هذا المقال، وقد وقعت الأحداث الدامية وشهدنا من صورها ما يمزق القلب ويشكك كثيرا في اننا مقبلون علي العيد الأول لثورة 52 يناير. فلقد وقع حتي هذه الساعة تسعة شهداء وأصيب آخرون بطلقات نارية كادت تودي بحياتهم.. ولم يكن كل ما حدث من الشباب، سواء المعتصمون من مصابي الثورة أو حتي فتيان الألتراس بسبب يدعو لإسالة كل هذه الدماء وكل هؤلاء الذين قتلهم الرصاص الحي، وفق شهادة الدكتور هشام شيحة النائب الأول لوزير الصحة ولا مجال لإنكار ذلك فأنا شاهد علي ذلك من واقع اصابة شاب قريب لي اخترقت رصاصة بطنه وخرجت من ظهره وهو مهندس متميز من خريجي كلية التخطيط العمراني، واذا كانت القوات المسلحة والشرطة ينفيان دائما إطلاق رصاص حي فأقل ما يتوجب عليهم هو ان يمسكوا بهؤلاء »المجهولين« الذين يطلقون الرصاص دائما من البالون الي ماسبيرو الي محمد محمود الي مجلس الوزراء والمصابون حتي هذه الساعة بلغوا 163 مصابا بقي منهم عدد كبير يلزمه عمليات جراحية لأن عناصر ما يسمي بالأمن »المدني« ظلت من فوق مبني مجلس الوزراء ومجلس الشعب يلقون بالرخام بل الأثاث نفسه علي رؤوس المتظاهرين والمعتصمين يومين كاملين دون ان يتدخل أحد من قادة الأمن »المدني« ليقول لهم اوقفوا ذلك. لكل ذلك ساءلت نفسي هل نحن حقا سنحتفل بالعيد الأول للثورة يوم 52 يناير أم ان ذلك اليوم سيكون يوم حداد علي ارواح شهداء الثورة؟!