ماذا كانت رسالة إبراهيم عليه السلام تحرير العقل البشري من الخرافات والأوهام حتي لقي في سبيل ذلك ما لقي فحطم الأصنام الحجرية والبشرية وهاجر في الأرض وحيدا مبلغا الرسالة الإلهية. وشعيب عليه السلام.. كان مصلحا عندما فشا التطفيف في الكيل والميزان وانتشر الغش وفساد الضمائر. ولوط عليه السلام.. كان مصلحا لما فسد من الأخلاق التي انحطت حتي تجاوزت الهبائمية. وموسي عليه السلام.. كان مصلحا عندما طغي فرعون في الأرض وأكثر فيها الفساد.. وقد جاء ليرفع الذل عن قومه وينصح فرعون وقومه.. وما الذي فعله عيسي ابن مريم عليه السلام الذي جاء بالأخلاق العالية والقيم النبيلة وليصلح ما أفسده بنو إسرائيل وما افتروا علي الله وأنبيائه.. ومبشرا بمبعث نبي خاتم بعده.. هو محمد صلي الله عليه وسلم. وهكذا فعل جميع الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام. أما صاحب الربيع العربي الإسلامي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي ولد في ربيع الأول.. فقد جاء بالاصلاح كله في شتي الميادين.. فقد عني بالنفس والعقل والروح والمشاعر والجسد والإنسان والحيوان والبيئة والجماد والنبات وكل شيء.. ولا يتسع المكان لذكر مجالات رسالته الإصلاحية الشاملة وهذا طرف منها.. فقد كان رسول العدالة ومحاربة الظلم.. وهو الذي أصل مبدأ تقديم خدمة الناس علي الاعتكاف في المسجد والانقطاع للعبادة فقال: أحب الناس إلي الله أنفعهم.. وأحب الأعمال إلي الله سرور تدخله علي مسلم أو تكشف عنه كربا أو تقضي دينا أو تطرد عنه جوعا.. وحرر العبيد وجعل تحريرهم طريقا لدخول الجنة وكفارة للذنوب. وجاهد ليحقق المساواة بين الناس دون النظر إلي معتقداتهم أو وضعهم الاجتماعي أو أصلهم وجعل المفاضلة بينهم علي أساس التقوي وحسن الأخلاق. وأرسي مبدأ الشوري واشراك الناس في القرارات المصيرية المتعلقة بشئونهم ولم ينازعهم فيها في الحرب. وعالج المشكلة الاقتصادية بوسائل عملية كثيرة منها.. التشجيع علي العمل المنتج الجاد.. وحث علي التكافل الاجتماعي وحذر من الغفلة عن الجار المحتاج حتي لو كان بعيدا.. كما كان من أركان الإسلام الزكاة فرضها للفقراء في أموال الأغنياء ووضع لها نظاما خاصا. وربي النفوس علي القناعة وغني النفس ليأخذ الإنسان ما يكفيه إن كان محتاجا دون جشع حتي قال الله عنهم »يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف« وأول ما بني في المدينةالمنورة المسجد ثم السوق الخاص بهم بدلا من السوق الوحيد الذي يمتلكه اليهود فحرر اقتصادهم وحدد آليات للبيع والشراء وتوثيق الدين.. وحذر من الغش وتطفيف الكيل والميزان ومنع الاحتكار والمغالاة في الأسعار. وامتدح مهنة التجارة بشروطها وقال: التاجر الصدوق يحشر مع النبيين والصديقين والشهداء. وحث علي وحدة الأمة واجتماع كلمتها وحذر من الخلاف »واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا«. وأرسي مبدأ العدل وجعله قيمة عظمي. لقد ولد الاصلاح الشامل للحياة كلها بمولده الذي كان مولد أمة.. ومولد خير علي الدنيا.. وهي تنتظر اليوم من يحل مشكلاتها ومن أولي من منهجه لحل مشكلاتها؟. وأنا هنا أقف علي أعتابك يا حبيب الله تذكرت ربيعك الخالد.. في واقع الربيع العربي الممتد المزهر بإذن الله.. اللهم صل وسلم وبارك عليك يا سيدنا محمد يا رسول الله.