ماذا بيننا وبين دول حوض النيل التي تربطها مع مصر علاقات تاريخية واتفاقيات مائية؟ وماذا حدث حتي تقوم ست من دول المنبع بالتوقيع »منفردة« علي اتفاق عنتيبي في اوغندا ويقضي باعادة اقتسام مياه النيل بحصص متساوية بينها وبين دولتي المصب مصر والسودان وعدم الاعتراف بالاتفاقيات السابقة والقائمة؟ ولماذا ادارت اثيوبيا ظهرها وافتعلت الازمة وبما قد يؤثر علي مبادرة دول حوض النيل وهو برنامج يرعاه البنك الدولي للمساعدة في ادارة مياه النيل؟. ولم تتوقف الازمة عند هذا الحد الذي يمكن التفاوض حوله، وانما مضي ميليس زيناوي رئيس الوزراء الاثيوبي في التصعيد بدرجة الاساءة وانتقد رفض مصر إعادة توزيع الحصص بين دول الحوض التسع.. والي حد قوله: ان مصر لا تستطيع منع اثيوبيا من بناء سدود علي النهر يقصد النيل الازرق وأعرب عن اعتقاده بأن السودان ليس مصدر المشكلة وإنما مصر. ولابد من وقفة مصارحة امام حديث زيناوي وادعاءاته بالتحريض وقوله: ان البعض في مصر لديهم أفكار بالية تستند الي ان مياه النيل ملك لمصر، وانها تمتلك الحق في كيفية توزيع مياه النيل! وهذا خطأ جسيم من جانب زيناوي وافتراء علي الحقيقة ومحاولة تبرير للأزمة المفتعلة التي تصعدها اثيوبيا بلا مبرر.. لان الاوضاع والحقوق التاريخية استقرت علي ان حصة مصر من مياه النيل محددة ب 5.55 مليار متر مكعب ولم تطرأ عليها اي زيادة! ولابد من تعليق علي ما يسوقه زيناوي من ادعاءات بأن مصر تري ان دول المنبع غير قادرة علي استخدام المياه لانها فقيرة وغير مستقرة ولذلك يقول: ان الظروف تغيرت وان اثيوبيا فقيرة ولكنها قادرة علي تسخير الموارد الطبيعية الضرورية لاقامة اي اشكال من البنية التحتية والسدود علي النهر!. وكما يبدو من وراء ادعاءات زيناوي ان هناك اصابع خارجية تحرك الازمة وتدفعها في اتجاه عدم التسوية من خلال المفاوضات بين دول حوض النيل، وحتي تنفذ مشروعات وانشاءات علي مجري النهر بدون موافقة دولتي المصب.. وليس خافيا ان اسرائيل تسعي منذ سنوات لاقامة وتنفيذ سدود في اثيوبيا لكي تستفيد بجزء من مياه النيل الازرق!. وسوف يتضح لدول حوض النيل من خلال المفاوضات التي دعت اليها مصر انها انساقت وراء الدعاوي المضللة للتوقيع علي هذا الاتفاق في عنتيبي، والتي لا تخدم غير قوي خارجية تريد الايقاع بينها لمصالح مشبوهة وللتدخل في شئون دول الحوض.. ويكفي ما أكده الرئيس مبارك: ان ما يجمع بين دول حوض النيل اكثر مما يفرقها، وان الاطار الحالي للتعاون بين دول الحوض هو اطار رحب ويمكن ان يتسع، وعندما طرح مبادرة حوض النيل عام 9991 كان يستهدف تحويلها الي منطقة للسلام والاستقرار والتنمية وتحويل مياه النيل إلي التعاون وليس للتنافس!. ومثل هذا الاتفاق الموقع في اوغندا يكون بالتوافق وليس بالاغلبية لانه يمس الامن المائي لدول الحوض جميعا دول المنبع ودولتي المصب باعتبار ان المصالح المائية مشتركة ومصر من جانبها لاتطمع في حصص الدول الاخري بل انها تسعي لزيادة ايراد النهر حتي يستفيد الجميع من المشروعات التي تخدم التنمية في دول الحوض وتستفيد من كميات المياه الهائلة »الفاقد« والضائعة في مستنقعات أعالي النيل والهضبة الاثيوبية!. ان موقف الكونغو وكينيا يدل علي وعي بتلك المصالح وحرص علي الروابط التي تعلو فوق الخلافات، وما قاله رئيس الكونغو جوزيف كابيلا في القاهرة يعبر عن ذلك: أي اتفاق بين دول النيل لابد ان يتم بتوافق الآراء! وكذا رئيس وزراء كينيا اودينجا الذي أكد بوضوح: انه لا يمكن لكينيا او أي من دول المنبع ان تفكر في الاضرار بمصالح مصر المائية!.. ويبقي موقف اثيوبيا ورئيس وزرائها ميليس زيناوي الذي يثير دوافع سياسية معينة!.