د. محمد الدمرداش مجلس الشعب هو الجناح الرئيسي للسلطة التشريعية في مصر ويتولي التشريع واقرار السياسة العامة للدولة وخططها الاقتصادية ويمارس الرقابة علي السلطة التنفيذية، ويضرب التاريخ النيابي في مصر بجذوره في عمق التاريخ الحديث، حيث سطرت اولي صفحاته في عام 6681، والشاهد ان مجلس الشعب الحالي هو اول برلمان ينتخبه الشعب المصري دون تدخل او تزييف لارادته قل او كثر. ولكن النتائج التي حملتها صناديق الاقتراع كانت صادمة لكثير من القوي السياسية التي كانت من صناع ثورة يناير، ولكنها باءت بخسارة فادحة في اول برلمان للثورة، فنشأت من جراء ذلك اشكالية وجدلية شائكة بين من لم يحالفه التوفيق في الجلوس تحت قبة البرلمان وبين من حقق انتصارا وحاز النصيب الاوفي في البرلمان، وان كان النظر المنصف لتركيبة وتمثيل الاطياف فيه يكشف بغير عناء انه لا يوجد فصيل سياسي يسود مقاعد الاغلبية فيه بما يبعد الشبهة والالتباس بالحزب الوطني المنحل الذي يريد البعض اسقاطه علي التيار الديني وهو منه براء، فشتان وشتان بين مقاعد سيقت بنزاهة اشراف قضاة مصر الاجلاء ومقاعد اخري كان شيطان التزوير يوسد فلول الحزب الوطني فيها بغير ادني حياء، فقد كان اختيار الناخبين معبرا بجلاء عن حجم القوي السياسية علي ارض الكنانة فنتج عنه برلمان تمثل فيه كل التيارات السياسية كل حسب قدرته علي حشد الجماهير وايمانها بأفكاره ورجاله. ولكن الامر المنذر بالخطر الدعاوي التي تقدمت بها كثير من القوي السياسية التي خاب سعيها عبر صناديق الاقتراع فراحت تروج ان مسار البرلمان اصبح مضادا لمسار الميدان، وان البرلمان بتركيبته الحالية لا يعبر بحال عن جماهير الثوار ولا يلبي مطالبها في الحرية والعدالة والكرامة الانسانية ويزيد الامر سوءا والشقة اتساعا رأي كثير من التيارات السياسية التي توسدت بقاعة البرلمان ان البرلمان بعد انتخابه اصبح بديلا عن الميدان وثواره والمعبر الحقيقي عن احلام وطموحات الثورة، وحقيقة الامر لكل من له قلب او ألقي السمع وهو شهيد ان المسارين متلازمان بل متعانقان يكمل بعضهما البعض، فميدان التحرير بكل ما فيه من طهر وما يمثله لكل مصر من شرف لا يمكن ان يكون بديلا عن برلمانه المنتخب من عموم المصريين الذي يعول عليه في سن القوانين التي تصلح منظومة التشريع التي اعطبها وشوهها نظام المخلوع، والذي يمثل في حقيقته تجسيدا للثورة في هيئة مؤسسات حاكمة يعول عليها في إصلاح البلاد ويحقق مصالح العباد، وهذا الطرح ينطلق من ايمان ان لكل مصري صوتا انتخابيا أداه في صناديق الاقتراع واخر ثوريا يصدح به ميدان التحرير دون ان يقاطع ايهما الاخر، اما من يريد ان يضع كلا المسارين في مواجهة الاخر من خلال تخوين البرلمان او تهوين حقيقة تمثيله للميدان وللثورة التي قامت ضد الطغاة الذي بلغ ذروته بتزوير الانتخابات التي جرت رحاها اخر ايام المخلوع. وباليقين فان مسارعة البعض الي تخوين البرلمان والتربص به في ايام انعقاده الاولي واظهار ان جماهير الثوار لا تضع الثقة فيه وهو اهل لذلك فهم يقعون بذلك في متناقضات عدة أظهرها ادخال البلاد في دوامة من الفوضي واسقاط الثقة ممن انتخبهم المصريون في اول انتخابات حرة نزيهة، وكذا فانهم بذلك يناقضون انفسهم أيما تناقض فهم يرومون نقل السلطة الي رئيس مجلس الشعب وهو من رموز التيار الديني او الي من ينتخبه المجلس من بين اعضائه وهو باليقين سيكون من هذا التيار، ختاما اقولها صادقا الي من يطلق هذه الدعاوي دون حساب لاثارها علي البلاد قليل من الصدق والتصالح مع النفس حتي يستطيع برلمان الثورة اداء دوره المنوط به.