بالتأكيد مشهد الطوابير المتراصة انتظارا للاقتراع علي صناديق الانتخاب للإدلاء بأصواتها ليس أحد مظاهر الديمقراطية لكنه أحد ديكورات الديمقراطية الحاكمة.. فالاحتكام لصناديق الاقتراع وقت فوران الثوار ومطالبتهم بإسقاط النظام ورسم طريق نحو الحرية والعدالة الاجتماعية هو بعينه ما وصفه "ويليام جودوين"بمؤامرة الاحتكام لصناديق موت الثوار أو كما نسميها صناديق الاقتراع.. ووصف"صناديق الاقتراع قائلا »إن صناديق الاقتراع هي كفن الثوريين«.. وجودوين هو الروائي والفيلسوف الانجليزي ! "وجودوين" اشتهر بكتاباته عن السلطوية الحكومية وما تمثله من إفساد لأخلاق شعوبها بسياستها المناوئة للعدالة والمنحازة لطبقة من الطبقات.. وقد حث علي ما يسمي في الفكر السياسي الحديث »العدالة السياسية«.. ووصفها بأنها أساس نشر الفضيلة العامة والسعادة بين الشعوب.. وتحدي جماعات بعينها ان تنشر الخير بأي دعاوي أخري علي الأرض غير العدالة السياسية التي لا تفرق بين الجماعات المختلفة. فأي ديمقراطية هذه التي لا تري غير صناديق الاقتراع والثوار يقتلون في الشوارع.. ولا تري ان الديمقراطية حزمة أخلاقيات وسياسات تبدأ بالتعددية والمواطنة والعدالة والمساواة ولا تنتهي عند قبول الآخر وكيف لا تري في الديمقراطية دعوة ملحة لرفع مستوي وعي الكتلة الصامتة صوتا وعقلا.. وحجب التلاعب بغرائز البشر دينيا ودنيويا.. \أي ديمقراطية هذه تغفل عن استحقاقات الثورة وتترك أركان النظام يعيث فسادا في الأرض ويبحث عن صندوق الاقتراع.. بغير استحقاقات الثورة وحزمة أخلاقيات الديمقراطية لن نجد بصناديق الاقتراع غير أصوات منتهية الصلاحية وضارة الاستعمال..! وأي أنظمة ديمقراطية هذه التي تسمح وقت الاقتراع بالقتل المعنوي وإبدال السلاح والقنابل المفخخة بدعاوي التكفير المبطنة بالدعوة الدينية وإلا ما معني المنشورات التي تطالب بدعم الدين حتي تعلو كلمة الله في الأرض بانتخاب التحالفات الدينية.. أليس يعني هذا ازدراء من هم ليسوا في زمرة التحالف ووصمهم امام البسطاء بأنهم أعداء الله..! تكفير المرشحين غير المنتمين للتيارات الدينية أو حتي للقوائم الأخري ليس من الديمقراطية في شيء بل هو »لعبة الديمقراطية« وأكفان جاهزة لصحوة الديمقراطية التي تشمل كل التيارات.. فهل من أهداف هؤلاء إحقاق الحق والعدالة الاجتماعية والقضاء علي الفقر ومشكلات البيئة ومواجهة تحديات هذا العصر، إذا نجحوا في تبوؤ مقعد البرلمان..! من الأسهل ان يخدعوا الناخب بكذبة كبيرة وهم يملكون خيالا خصبا بعيدا عن الأرض يروجون له عند البسطاء حتي يملكوا أصواتهم.. ومن يملك ان يصوت لغير الله.. لكن هل يستمرون في اختراع أكاذيب تقنع البسطاء المصوتين لله من الناس أن أهدافهم محاربة الفقر بتوزيع التبرعات وذل كبرياء النساء.. ولم يعرفونا كيف سيتعاملون مع مجتمعات العالم والقوي الدولية من حولنا؟ أظن أننا لن نحتاج للترويج لفكرة أن تحقيق مبادئ الديمقراطية الحقيقية في هذه الفترة أمر يصعب تحقيقه لكن ما يجب أن نتعلمه هو أن تحقيق ولو جزء بسيط من مبادئ الديمقراطية سيكون بمثابة حاجز قوي أمام العديد من الأكاذيب ومحاولة اجهاض ثورة الثوار بصناديق الاقتراع.. ولن نحتاج لوقت كبير من أجل إزالة الأقنعة وكشف حقيقة بشاعة استغلال الإنسان، والدين، والوطن من اجل كرسي البرلمان واقتلاع دولة من جذورها وتكفين ثوارها وتكفير مرشحيها..!