أولاً: مأساة بورسعيد تحتم علينا جرأة الكلمة حينما اجتمع رأي الشعب المصري علي الاحتفال بذكري 25 يناير كنت أحلم أن الجميع سيبدأون منذ صباح 26 يناير ينظفون الميادين ويزيلون الخيام ، وينهون الاعتصامات. ثم تبين أن كل ذلك كان مجرد حلم واستمرت بعض الاعتصامات، وعادت مظاهرات ماسبيرو، واحتلال كوبري قصر النيل بأكمله، ومحاولات اقتحام وزارة الداخلية والاعتداء علي أقسام البوليس وتهريب المساجين من سجن المرج وغيره وفقأ عين مسئول كبير بالأمن المركزي، كل ذلك كرد فعل علي الأحداث الدامية وقتلي بورسعيد. وخرجت الشعارات التي تهاجم جيش مصر والمشير رغم خطابه التاريخي بمناسبة 25 يناير، ولم يخرج شعار واحد يقدم الشكر لقيادة المجلس العسكري علي إلغاء قانون الطوارئ الذي حكم مصر عقوداً طويلة.. وكان لدي المجلس العسكري الوعي أن يوضح أن قانون الطوارئ بعد إلغائه يبقي سارياً في حالة واحدة وهي التصدي للبلطجية الذين عاثوا في الأرض فساداً يعتدون علي الرجال والنساء والأطفال والمال والممتلكات. وهل من العقلاء من يقبل أن تترك القوات المسلحة موقعها قبل 30 يونيو بعد الانتهاء من إعداد الدستور وانتخابات رئيس الجمهورية ليحتله الخارجون علي القانون وأعداء الاستقرار؟ أمام مأساة بهذا الحجم والنوع أتحمل علي مسئوليتي أسلوب المواجهة بلا مهادنة ولا تردد: أفهم أن يعتبر الأبرياء من مشجعي الفرق الرياضية الذين قتلوا أنهم شهداء، ولكن أرجو عدم تعميم كلمة شهداء حتي لا يستفيد منها من سقطوا من البلطجية في مواجهات بين بعضهم البعض. أختلف مع رئيس الوزراء ووزير الداخلية حينما يطالبان الشرطة بشعار "ضبط النفس" مع حرمان رجل الشرطة والبوليس من حق الدفاع عن النفس وحماية مبني وزارة الداخلية وأقسام البوليس كجزء من هيبة الدولة. يا سادة يا من تحكمون مصر أقول لكم أن أعداء الوطن هم مفجرو الفوضي وأعداء الاستقرار إذاً المطالبة بضبط النفس ليست بالحتم هي الحل ، بل أن أعداء الاستقرار يجب أن نضرب علي رؤوسهم بيد من حديد لإبعادهم عن الساحة وننقذ 80 مليونا من خطر الضياع. أما بالنسبة للمجلس العسكري الوحيد في المنطقة العربية الموحد الهدف والتنظيم أقول لا تترددوا في اقتحام خنادق الخارجين علي القانون. أما عن الرسالة المهينة من أعضاء الكونجرس التي تهدد المجلس العسكري بوقف المعونة إذا لم تترك الدولة بعض الجمعيات الأهلية "تعمل ما بدا لها..." بما فيه إعطاء المال إلي البلطجية لحرق وتدمير مؤسسات الدولة... رجاء إلي المجلس العسكري أن ينشر علي الملأ كل خلفيات التحقيقات مع هذه المنظمات الأهلية قبل أن نسمع إحدي مجموعات الكونجرس تتجرأ في أن تكتب في رسالتها إلي وزارة الدفاع والخارجية الأمريكية أن الأسباب التي أعلنتها الحكومة المصرية لتبرير مداهمة مقار بعض المنظمات الأهلية هي "مثيرة للسخرية...!" يا سادة: صدقوني حينما أقول لو تنازل الملايين من موظفي مصر عن عشرين جنيها من راتبه كما قال لي أحد زملاء المهنة الأعزاء، ولو أقمنا المصالحات مع رجال الأعمال المصريين لتسوية أوضاعهم علي أسس عادلة ومتوازنة لأمكننا أن نوجه الشكر إلي الولاياتالمتحدة راجين أن تحتفظ بهذه المعونات لنفسها كجزء من حل أزمتها الاقتصادية...!!! وحينئذ يحل شعب مصر مكان أمريكا في إعطاء المعونات وإنقاذ ماء وجه وطننا من هذه المهانة بهذا السعر البخس..!! ثانياً: ودقت الساعة لإنقاذ اقتصاد مصر واستقرارها أنصح كل وطني في هذا البلد أن ينسي الشعارات الاستفزازية وإذا صح أن هناك ضرورة عقلانية لكلمة الثورة الثانية، فلن تكون ثورة الحناجر بل ثورة عودة الصحة والعافية للاقتصاد المصري لنحمي لقمة العيش للمواطن، ولنحارب معا البطالة. عودة الاستقرار والهدوء إلي مدننا وقرانا وطرقنا سيفتح أبواب الرزق أمامنا. رجاء.. رجاء تمسكوا بلغة العقل وأمانة الفكر والكلمة. يا أبناء هذا الوطن.. ويا أهل الإيمان.. نصرتكم وخلاصكم، لن يأتي إلا من وحدتكم في القول والعمل ولن يبارك الله فينا إلا حينما ننسي الكراهية والصراع والغرور، وننسي معارك الماضي لنفكر ونركز في المستقبل.. مستقبلنا ومستقبل أبنائنا. اللهم إني قد بلغت.. اللهم فاشهد.. اللهم أهد قومي.