إلهام أبوالفتح إذا شعرت أنك سعيد هذه الأيام فلابد أن تذهب لطبيب لأنك بالتأكيد مريض نفسيا.. هذا ما أكده د. يحيي الرخاوي استاذ الأمراض النفسية. كل الوجوه التي التقي بها يغطيها الحزن والاكتئاب. كل من أتحدث معه ينقل لي إحساسا بالمرارة والخوف علي مستقبله ومستقبل أبنائه والسؤال إلي أين نحن ذاهبون؟! وكلما حاولنا أن نخرج من هذا الإحساس داهمتنا كارثة جديدة لم نتوقعها ولا ندري من أين جاءت! وفي حديث للمذيعة اللامعة رولا خارسا علي قناة »صدي البلد« أول أمس سألت د. يحيي الرخاوي.. كيف نخرج من حالة الاكتئاب الشديد التي نشعر بها؟.. أجاب العالم الكبير : وسط كل ما يحدث حولنا فان الشعور بالإحباط يجعلك مطمئنا أن صحتك النفسية في أحسن حالاتها.. ولكن إذا كنت سعيدا عليك استشارة طبيبك النفسي. ورغم غرابة الإجابة فهي منطقية وسليمة فالأحداث حولنا تتعدي الخيال وتفوق الاحتمال.. حالة من العنف والفوضي لم نتعود عليها كمصريين وكنا نفتخر دائما اننا بلد الحضارة التي علمت العالم كيف يكون التحضر وأننا بلد النيل الذي ينساب من الجنوب إلي الشمال وسط أرض سهلة سمحة علمت هذا الشعب السماحة والعمل وجعلته يقود العالم ويعلمه الاتحاد والوحدة. ماذا حدث؟ لماذا تحولنا إلي كل هذا العنف لدرجة ان مباراة كرة قدم في مدينة بورسعيد تتحول إلي مجزرة لمشجعي النادي الأهلي.. كلنا نعلم العداوة التاريخية بين مشجعي النادي الأهلي ومشجعي النادي المصري ولكن لم يتخيل أحد ان تتحول إلي قتل للمشجعين.. نعم كان هناك تهاون أمني ربما خوفا من الهجوم علي قوات وزارة الداخلية والتي أصبحت هدفا للانتقام.. إذا تدخلت الشرطة لفض الاضطرابات هوجمت واتهمت بالاستخدام المفرط للقوة وقامت المظاهرات للثأر منهم وإذا لم تتدخل فقد أخلت بواجبها وكانت المظاهرات طلبا للقصاص. المشهد أصبح بالفعل خارج حدود العقل والمشكلة الكبري ان الإعلام الحكومي والخاص بالفعل يلعب دوراً تحريضيا يحتاج إلي مراجعة من خبراء الإعلام لوضع ميثاق شرف يعطي توصيات ونضع التزاما علي موجهي الرأي العام بالالتزام بمصالح مصر العليا وليس لمجرد جذب المشاهد مهما كان الثمن واللعب علي مشاعره. اتصلت بي صحفية إيطالية وقالت لي لماذا تركزون علي ما يحدث في ميدان التحرير والشوارع المحيطة بوزارة الداخلية.. سواء في الصحف أو القنوات الفضائية؟.. قلت لها لأنه أهم حدث الآن يؤثر علي مستقبل البلد والشعب.. أجابت ولكن التركيز الشديد في جميع القنوات يساهم في زيادة حالة الفوضي.. سألتها وكيف تتعاملون مع مثل هذا الحدث في إعلامكم.. أجابت الحدث يأخذ حجمه الذي لا يؤثر علي مصلحة الوطن ويكون هناك شبه اتفاق إعلامي ان الكل يعمل لمصلحة الوطن وليس بهدف الإثارة وجذب المشاهد علي حساب المصلحة العليا.. كما ان مؤسسات المجتمع المدني يجب أن يكون لها دور فعال في وأد الفتن التي يتعرض لها المجتمع. والحقيقة ان الأحداث المؤسفة التي مرت بها مصر تفرض علينا جميعا أن نتوقف ونبدأ في دراسة ما يحدث وكيف نتوقف لنبدأ معا في بناء مصر التي نتمني أن نعيش فيها ونشعر بالأمان والاستقرار والاطمئنان علي أولادنا. ولكن محاولات الإرضاء التي تتباري فيها الأجهزة المختلفة تشبه الأخشاب التي تلقي في أتون النار فتجعله أكثر اشتعالا والتهابا وعلي سبيل المثال التوصيات التي أعلنها المجلس الاستشاري والتي جاءت بلا دراسة ولا حيثيات تجعلنا نشعر انها تعطي حلولا واقعية.. مثل الدعوة لإجراء الانتخابات الرئاسية بعد أقل من اسبوعين لنقل السلطة لرئيس منتخب.. وهي دعوة بعيدة عن الواقع فمن هو الرئيس المحتمل الذي لديه برنامج واضح وحلول للمستقبل.. في رأيي أنه لم يظهر بعد. الحقيقة ان الوضع يدعو للاكتئاب.. فاكتئب وأنت مطمئن علي صحتك النفسية.