مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 في مرسى مطروح    البيزنس الأسود لجماعة الأخوان «الإرهابية» تستخدم التبرعات وحصيلة الاستثمارات لتمويل المنصات الإعلامية الموجهة ضد مصر    انعقاد استثنائى وتشريعات مردودة |«الدور السادس» وإعادة القوانين.. «عرض أول» ببرلمان الجمهورية الجديدة    وزير الطيران يبحث مع نظيره البولندي تعزيز التعاون في مجالات النقل الجوي    وزير الإسكان يزف بشرى سارة للمصريين: طرح 25 ألف وحدة جديدة    وزير البترول يكشف ل أحمد موسى موقف زيادة أسعار الوقود    فلسطين تُرحب بجهود ترامب لإنهاء الحرب في غزة    الجهاد الإسلامي: خطة ترامب هي اتفاق أمريكي-إسرائيلي يعكس بالكامل الموقف الإسرائيلي    ترامب: خطتي للسلام في الشرق الأوسط قد تشمل إيران    السفير محمد كامل عمرو: خطة ترامب قد تكون بذرة صالحة للتسوية في غزة إذا ما نُفذت بنزاهة    مصادر عسكرية إسرائيلية: نزوح 800 ألف شخص من مدينة غزة    مجدي عبدالغني يحذر الأهلي بسبب بيراميدز.. ويؤكد: «الزمالك على استحياء هيكون تالت الدوري»    بعد هزيمة الزمالك.. لميس الحديدي ساخرة: قلبي يقطر دما    الأهلي يهزم الزمالك في القمة 131 ويشعل صراع الصدارة في الدوري المصري    نجم الأهلي السابق يشيد بتعامل كوكا مع أخطر لاعبي الزمالك في القمة    مصرع 7 عناصر إجرامية والقبض على 5 آخرين خلال مواجهات مع الأمن بالبحيرة    وزير الإسكان يكشف عن انفراجة بملف أرض نادي الزمالك    أحمد داش يشاهد فيلم لا مؤاخذة بعد 11 عامًا من عرضه الأول    جيريمي سترونج يجسد مارك زوكربيرج في الجزء الثاني من The Social Network    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة الأقصر    سر بسيط من الطبيعة هيساعدك في تنظيم سكر الدم وتعزيز الطاقة    "غرقنا ولازم يمشي"، شيكابالا يطالب برحيل فيريرا عن الزمالك "فورا" (فيديو)    جمال عبدالحميد يهاجم فيريرا بعد هزيمة الزمالك من الأهلي    «ميقعدوش دكة».. مصطفى عبده يتغنى بثلاثي الأهلي بعد الخسارة من الزمالك    عيار 21 الآن بالمصنعية.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر بالصاغة بعد الارتفاع التاريخي    اليوم، الحكم في دعوى التعويض ضد الفنان أحمد صلاح حسني    الأرصاد تحذر: موجة تقلبات جوية تضرب البلاد خلال الأيام القادمة    الداخلية الكويتية: ضبط مقيم عربي خطط لعملية إرهابية تستهدف دور العبادة    فيضان النيل يحاصر «جزيرة داوود» بالمنوفية.. والأهالى: «نستخدم القوارب»    العزلة تتزايد.. إسبانيا تمنع عبور طائرات وسفن أمريكية محملة بالأسلحة إلى إسرائيل    وزير الري الأسبق: إثيوبيا مررت 5 مليارات متر مكعب من سد النهضة خلال الأسبوع الماضي    كان رمزا للعطاء والتفاني، جامعات المعرفة الدولية تنعي رئيسها ياسر صقر    أول حفل مباشر لمغنيات "K-pop Demon Hunters" الحقيقيات على مسرح جيمي فالون    3 أيام عطلة رسمية.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 في مصر للقطاع العام والخاص بعد ترحيلها    يصل إلى 14 جنيها، انخفاض جديد في أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    راحة فورية وطويلة المدى.. 7 أطعمة تخلص من الإمساك    غير الحمل.. 7 أسباب لانقطاع الدورة الشهرية    بسبب خلافات مالية.. تجديد حبس المتهم بقتل صديقه في مصر الجديدة    إلغاء «طموح جارية» من مناهج الإعدادية 2026.. توزيع منهج اللغة العربية والدرجات وخطة التدريس كاملة    الأردن: جماعة الإخوان أنفقت 1% من التبرعات على جهات إغاثية والباقي على أنشطتها المحظورة    "معاريف": رسالة نصية وراء اعتقال رئيس مكتب بن غفير    لاتسيو يكتسح جنوى بثلاثية خارج الديار في الدوري الإيطالي    قرار جديد بشأن بلوغ المعلمين سن المعاش 2025.. (تعليمات عاجلة للمديريات والتأمينات الاجتماعية)    37 عامًا على رحيل فتحي رضوان «المثقف الشامل»    احتكاكات غير لطيفة مع بعض زملاء العمل.. توقعات برج الحمل اليوم 30 سبتمبر    موظف بسيط دخل التاريخ صدفة.. حكاية أول وجه ظهر على شاشة التلفزيون    "التعليم في مصر الفرعونية" ضمن أنشطة ثقافة الغربية للتوعية بمخاطر الأمية    تعاون بين مكتبي مصر والسعودية لدى «الاتحاد الدولي للعقار»    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الثلاثاء 3092025    تعرف على مواقيت الصلاة غدا الثلاثاء 30سبتمبر2025 في المنيا    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الثلاثاء 3092025    الرئيس السيسي يدعو مجلس الشيوخ للانعقاد الخميس 2 أكتوبر    انطلاق المؤتمر السنوي لأمراض الغدد الصماء والسكر بمشاركة نخبة من الخبراء ب«عين شمس»    عضو مركز الأزهر: الزكاة طهارة للنفس والمال وعقوبة مانعها شديدة    مصرع طفلين غرقا في حادثين منفصلين بدار السلام وجرجا في سوهاج    وزارة الصحة توضح حقيقة شكوى مواطنة من معهد القلب القومي    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا حدث لمصر والمصريين؟!
نشر في صوت الأمة يوم 21 - 09 - 2009

· د. أحمد عكاشة : 16 مليون مصري مصابون بالاكتئاب و15% منهم يحاولون الانتحار
· خلال نصف القرن الأخير حدث انهيار في القيم والضمير العام
· د . يحيي الرخاوي : سادت قيم الغش والشطارة و« الشكل للشكل» وتراجعت قيم الانتماء والتضحية
· د . خليل فاضل : الفقر حول الشباب لقنابل موقوتة .. وصعوبة الحصول علي رغيف العيش أثرت سلبياً علي الصحة النفسية للمواطن
· المصريون ينفقون 25 مليار جنيه سنوياً علي المخدرات.. وانتشارها سببه البطالة
· موت النظام التعليمي نتيجة حتمية لحال المجتمع الذي تأثر سلباً باستمرار نظام الحكم مدة طويلة
· دراسة حكومية : 75% من المصريين يخشون إبداء رأيهم بصراحة
· أحداث الشغب تعكس وصول الاحتقان الشعبي إلي قمته في ظل غياب بديل مقنع وانسداد كل قنوات التغيير والحرمان من المشاركة الحقيقية
· قيمة ما تم حصره من قضايا الفساد في عام 2008 وصلت إلي 39 مليارا و373 مليونا و524 ألف جنيه
· المصريون ينفقون 10 مليارات جنيه سنوياً علي الدجل والشعوذة
· د. خالد منتصر: الخرافة في مصر «بنت شرعية » للعجز وقلة الحيلة
في البداية لابد من طرح سؤال بديهي هو: لماذا تغيرنا؟
أستعير هذا العنوان من الدكتور جلال أمين باعتباره يعبر عن حقيقة ما أفكر فيه.فالجميع مشغول بما حدث للمصريين من تغيرات تدفعهم للموت غرقاً في رحلات فاشلة للهجرة إلي أوروبا وارتفاع معدلات العنف والجريمة وضعف الانتماء وانتشار الاكتئاب وزيادة حالات الانتحار .
يقول الدكتور أحمد عكاشة أن 16 مليون مصري يمثلون 20% من السكان مصابون بالاكتئاب و ان 1.5 مليون منهم مصابون بالاكتئاب الجسيم ، يقدم 15% منهم علي الانتحار.
ولتحليل أسباب ما يحدث للمصريين يقول الدكتور عكاشة " إن الأخلاق والضمير والقيم تتأثر بما يحدث في المجتمع، وضمير المجتمع ينشأ ويتطور وينهار حسب المعطيات المتواجدة فيه ، وإذا نظرنا إلي ما حدث في الضمير المصري خلال نصف القرن الأخير لوجدنا تحولاً واختلافاً وانهياراً في القيم والضمير العام، والأسباب متعددة لهذا التدهور من عدم الإحساس بالمواطنة، انخفاض درجة التضحية في سبيل الغير، التمركز حول الذات، الفقر، التفكك الأسري، الهجرة والبحث عن الرزق، البطالة، الازدحام، حال التعليم، عدم توافر العلاج للأغلبية، الفهم الخاطئ للدين، عدم الشفافية، عدم المساءلة، عدم وجود العدل أو الفرصة بالتساوي، السماح بالرشوة العلنية، والغش وعدم احترام القانون كذلك تدهور هيبة الدولة، انتشار الفساد، عدم تطبيق القانون والدستور الذي يتأرجح بين الاشتراكية والرأسمالية، و5% عمال وفلاحين وتحول الدولة إلي قوة بوليسية، وعلي رأس ذلك عدم وجود القدوة سواء في الأسرة أو الحزب الحاكم أو المدرسة أو المجتمع" .
كذلك يري عكاشة أنه " يجب أن نتوقف عند مسألة ضمير المصري ولماذا يهرب المصريون من بلادهم ، فليس هناك بلد عربي يهاجر الناس منه بهذه الأعداد المهولة في العالم إلا مصر حيث لا يوجد انتماء" .
أما الدكتور يحيي الرخاوي ففي دراسة هامة له بعنوان " ماذا حدث لقِيم المصريين؟!" يقسم التغيرات التي حدثت في القيم إلي مجموعات : الأولي ترصد التحول الذي حدث ويحدث في منظومة القيم، الثانية تشمل سلسلة من المبادئ والمواقف التي تجمدت في موقعها نتيجة لحسن سمعتها، وكثرة ترديدها معه أنه انتهي عمرها الافتراضي برغم أدائها واجبها في حينها.أما الثالثة فهي التي يمكن أن تبين ما أردت أن أعنيه بما يمكن أن نتحول إليه نحن البشر، أي قيم التطور والنمو.
يعرض الرخاوي للمجموعة الأولي من قيم الفخر بالسلبي والتي تشمل قيم الغش، مجموعة القيم البدائية(القبيلة- القرية)، مجموعة قيم الشطارة، "الشكل" "للشكل"، اللا عمل ، أما المجموعة الثانية فتشمل القيم الثوابت (بغير وجه حق) مثل قيمة "الثبات علي المبدأ" ( بمعني الجمود وعدم التطور) ، الطيبة و(البراءة) ، التوافق (جدا) بأن تكون مثل الآخرين ، الانتماء إلي الحق (الخاص) ، التضحية، "فض الاشتباك": بين الناس، وقيصر، والله" حيث إن كثيرين يعيشون ويرددون قيمة أن "الدين لله والوطن للجميع" فرحين مزهوين طول الوقت، وهم -عادة- من أطيب الناس وأذكاهم وأكثرهم وطنية، ومع ذلك فلا مفر من مراجعة الشعار بجدية جديدة.
أما عن قيمة التسامح وقبول الآخر فيقول الرخاوي " ما أسهل أن تزعم أن المصري متسامح، بل ومتسامح جداً، مستشهداً بكيف عاش المصريون معا علي اختلاف مذاهبهم وأديانهم قروناً ، لكن العمق الآخر لمسألة التسامح يحتاج لمراجعة، خاصة في الآونة الأخيرة. أنت تصبح متسامحا حقيقيا إذا تبنيت حقيقة ماهية الآخر وتفاصيل رأي ومعتقد هذا الآخر بجدية ومسئولية، أولا: لتراه كما هو لعلك تفهمه، تفهم الرأي وتفهم الآخر في آن، وثانيا: لتأخذ منه ما تعدّل به رأيك ومعتقدك باحترام متبادل. أنا لا أزعم أن هذا العمق موجود عند غيرنا من الذين يزعمون "قبول الآخر"، الخطأ الشائع عبر العالم دون استثناء العالم المتحضر جدا، هو القبول الانتقائي الاختزالي لمن نسميه آخراً. أما الدكتور خليل فاضل فيري أن الفقر المجتمعي حوّل الشباب لقنابل موقوتة، وأن الحصول علي رغيف الخبز أثر بالسلب علي صحة المواطن النفسية، وأن هناك 3 آلاف منتحر سنويا في سن الشباب و عدد مرضي الفصام 850 ألف مريض.
ويؤكد أن المخدرات هي أكبر أوجاع الأسرة المصرية وأن المصريين ينفقون 25 مليار جنيه سنويا عليها، وأن سبب انتشارها بين الشباب تحديداً راجع للفراغ والبطالة التي يعانون منها. ويشدد علي أن موت النظام التعليمي في مصر هو نتيجة حتمية لحال المجتمع الذي تأثر بالسلب باستقرار نظام الحكم لمدة طويلة.
ويؤرخ لاختفاء النخوة والرجولة من الشارع بحربي 1967 و1973، حيث فقد المصريون هدفهم، خصوصا مع وعود التطوير التي لم تنجز.
هذه بعض من آراء ثلاثة من أكبر الخبراء النفسيين في مصر والعالم حول تحليل أسباب ماحدث لمصر والمصريين والوضع الحالي الذي وصلنا إليه وأضيف لهذا التحليل سبب آخر هو المشاركة وإبداء الرأي، حيث أجري مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار دراسة حول مشاركة المصريين في صنع السياسات العامة أوضحت أن 75% من المصريين يخشون إبداء رأيهم بصراحة.
أما عن انهيار التعليم فيرصد الدكتور خليل فاضل وفاة المَدرسة كمؤسسة تعليمية (تربوية) وانتصار الدروس الخصوصية، حيث أجمع كل الأوائل بلا استثناء وبلا حرج أو خجل أو مواربة علي أن الدروس الخصوصية في كل المناهج كانت سبب تفوقهم، إن (موت النظام التعليمي) هو محصلة حتمية لحال المجتمع، وما حدث هو تأصيل وتقنين للفردية والسعي لإصابة الهدف بقليل من المجهود، الاستعانة بخبير أو بصديق! واختزال العلم في إجابات عن الأسئلة بعيداً عن الروح النقدية، ومن ثم تتولد لدي كل الشرائح المجتمعية سمات، أقلها التربص والتحفز والاستعداد للقفز فوق الأسوار وفوق الآخرين، عدم الانتماء، انعدام روح الفريق وفقدان التماسك واللحمة التي من الممكن أن تجمع بين الطلاب .
وفي محاولة للوقوف علي حقيقة ما جري وبمطالعة صحف الثلاثاء الأول من سبتمبر الجاري استوقفتني عدة عناوين منها:
خبر منشور في " الوفد " يقول " إلغاء مشروع صكوك الملكية جمال مبارك يطلب تأجيل المشروع لأسباب سياسية وإلغاء لجنة علي لطفي".
خبر آخر في " الأهرام المسائي" يقول " أحمد درويش، الفساد مسئولية المواطن، درويش يعترف في محاضرة أمام معهد القادة بحلوان بارتفاع معدلات الفساد الإداري".
و في صفحة الحوادث بالوفد ثلاث حوادث مفزعة:
1- ابن يقتل أمه بعدة طعنات ويذبحها ويفصل رأسها عن جسدها ويشرع في قتل والده وأخيه بسبب الخلاف علي سداد قيمة فاتورة الكهرباء.
2- صاحب محل في القليوبية يطعن نفسه بسكين ويخرج أحشاءه لعدم قدرته علي الوفاء باحتياجات المنزل . وهو عريس لم يمض علي زواجه أكثر من شهرين.
3- سيدة تستأجر أشقاء زوجها لهتك عرض أختها أمام عينيها لإجبارها علي التنازل عن حصتها في ميراث والدها.
رمضان والصيام وحر القاهرة جعلوني أردد عنوان كتاب الدكتور جلال أمين « ماذا حدث للمصريين» ربما فسر لنا أساتذة علم النفس بعض أسباب هذه التغيرات وكيف قادت للاكتئاب والانتحار .ولكن فضولي البحثي دفعني لأبعد عن ذلك قليلاً, للدخول علي الانترنت واختيار 7 صحف بها صفحات للحوادث. ومع ان حصر الحوادث والجرائم في يوم واحد لا يعطي دلالة صادقة ودقيقة لأنه من الصعب أن نجعل منه قاعدة يمكن تعميمها والاعتماد عليها.إلا أنه يلاحظ علي جرائم القتل التي رصدتها مايلي:
جرائم قتل الوالدة أو الوالد أو الأخ أو ابن العم.بما يعني انتهاء عصر «أنا وأخويا» في زمن الفردية و«أنا ومن بعدي الطوفان» و«إذا جالك الطوفان حط أولادك تحت رجليك» و«إن بيت أبوك خرب ميل خدلك قالب».
تتوزع الجرائم بين الريف والحضر .
الغياب الأمني في الشارع وعزوف الناس عن الاشتباك خوفاً من الضرر.
فقدان الأعصاب وسرعة الاستثارة ليصل إلي القتل لأسباب مثل لعب الأطفال أو الضجيج بالمنزل أو ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء.
كما تعكس أحداث الشغب المنشورة حقيقة وصول الاحتقان الشعبي إلي قمته في ظل غياب بديل مقنع وانسداد كل قنوات التغيير والحرمان من أي مشاركة حقيقية بحيث أصبح تفجر أحداث شغب وعنف يتم لأسباب متنوعة بدءاً من طوابير الخبز ومرورا بضجيج الأطفال .
كذلك تشكل قضايا رجال الأعمال محوراً رئيسياً، خاصة مع عودة هدي عبدالمنعم التي لقبها الإعلام بالمرأة الحديدية وقرب عودة المليونير الهارب رامي لكح وإيهاب طلعت.
ويحفل المناخ المصري بقضايا رجال الأعمال، فرغم رعاية الدولة لهم وحمايتهم وإغداق الإعفاءات والتسهيلات عليهم إلا أن الفساد أصبح ملازماًَ للصعود الطبقي للكثير من رجال الأعمال . كما أن قصص الصراع بينهم والاحتكارات مثل أحمد عز في سوق الحديد وحسين سالم لسوق الغاز والوليد بن طلال لسوق السياحة وساويرس للاتصالات تدفع البسطاء للمزيد من التأمل
ولهذا ليس غريباً ما كشفه تقرير مركز الدراسات الريفية عن الفساد عام 2008 وأن قيمة قضاياه التي تم حصرها 39 مليارا و 373 مليونا و524 ألف جنيه.
وتلعب قضايا رجال الأعمال دوراً في تشكيل الوعي الاجتماعي، خاصة تجاه حجم الفساد وإدارة الحكم والتزاوج بين الثروة والسلطة.
كما تشكل البطالة والفقر أهم الأسباب في حوادث السرقة، ففي ظل بطالة تقدرها المصادر الحكومية ب 2.1 مليون متعطل 33% منهم يحملون مؤهلات جامعية ، وتقدر دراسات أخري حقيقة البطالة بأضعاف هذه الأرقام.
وتعد مشاكل التعذيب والتعامل خارج القانون من أخطر القضايا التي تؤثر في الوعي الاجتماعي للمصريين . لقد رصد تقرير مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف أكثر من 1677 حالة تعذيب ترددت علي المركز بين عامي 1993 و2000 .
وحذرت دراسة خطيرة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء من التأثير السلبي علي الاقتصاد المصري من المخدرات ، قائلة إن قيمة ما يتم إنفاقه علي المواد المخدرة تصل نسبته إلي 2.5 % من عوائد الدخل القومي المقدرة بحوالي 731.2 مليار جنيه للعام المالي 2006 2007، لأن ما أنفق علي المواد المخدرة العام الماضي يمثل بالنسبة لعوائد الدخل القومي نحو 79.5 % من دخل قناة السويس، و32.8 % من عائدات الصادرات المصرية (العادية)، و41.3 % من عائد السياحة، و109 % من عائد الاستثمار، و46.9 % من تحويلات المصريين بالخارج ، و32.7 % من عائدات البترول.
وقالت الدراسة إن قيمة ما أنفقه المصريون علي القنب في سوق الاتجار غير المشروع العام الماضي وصلت إلي 12.64 مليار جنيه، بنسبة 69.45 %، يليه الخشخاش بملياري جنيه، بنسبة 16.8 % من إجمالي قيمة ما تم تداوله والبالغ 18.2 مليار جنيه.
لذلك تشكل جرائم المخدرات إحدي وسائل تغييب وتدمير وعي الشعب رغم كل الجهود التي تتم للمواجهة، ولكن المشكلة تكمن في أن المواجهة الأمنية وحدها لن تجدي مالم يتم اجتثاث المسببات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية المسببة لانتشار هذه الظاهرة من مجتمعنا.إن اتساع حجم المتعاطين يخلق سوقاً كبيراً يستنزف مليارات الجنيهات ويدمر مستقبل الأمة.
كما ان انتشار جرائم الانتحار بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار والبطالة وانطلاق حرية الأسواق مرتبط بجرائم القتل العائلي التي تتم من خلال قيام رب الأسرة بقتل جميع أفراد الأسرة لخوفه علي مستقبلهم. كل هذه الأسباب تؤدي لانتشار مثل هذه النوعية من الحوادث المرتبطة بطبيعة النظام الرأسمالي القائم وتوحشه.
كما أثبتت دراسة أعدها المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن المصريين ينفقون 10 مليارات جنيه سنوياً علي الدجالين والمشعوذين والنصابين، و أن هناك ما يقارب من 300 ألف شخص يعملون في مجال الدجل والشعوذة في مصر، فضلاً عن أن هناك مليون مصري علي الأقل يعتقدون أنهم ممسوسون من تحت الأرض، وكشفت الدراسة عن أن 50% من النساء المصريات يعتقدن اعتقاداً جازماً بتأثير السحر علي جوانب الحياة، خاصة الجانب الاجتماعي منها..
يفسر لنا الدكتور خالد منتصر هذه الظاهرة وخلفياتها بقوله:
" الخرافة في مصر بنت شرعية للعجز وقلة الحيلة ،وعندما يفشل مجتمع في تفسير ظواهر التغير وعوامل الخلل و"اللخبطة" و"اللخفنة" فيه فإن أبناءه يدقون بشدة علي أبواب الخرافة والدجل لعلهم يجدون السبيل والحل والضوء في نهاية النفق المعتم، ولأننا بلد يزدري العلم ويحتقر الإحصائيات ويمقت التحليل ويبالغ في التواكل والفهلوة وقول ياباسط، فقد أعطينا العقل أجازة مفتوحة وأقمنا له سرادقاً باتساع حدود هذا الوطن لنستقبل العزاء فيه،وعندما تسللت الخرافة وخرجت من رحم الطبقات الشعبية لتفض بكارة أهم مؤسساتنا الاجتماعية لم نحرك ساكناً واكتفينا بالفرجة.
إن ما حدث لمصر والمصريين علي مدي العقود الأخيرة يحتاج للعلم قبل أي شيء آخر من أجل المواجهة . ولمواجهة الفقر والجهل بخطة حقيقية تعيد توزيع الثروة والسلطة وتقلل من حدة الأمراض التي نواجهها وتكفل رعاية صحية مجانية للجميع. مواجهة تعيد الإعلاء من قيم المواطنة والشعور بالانتماء وتحشد الملايين خلف مشروع للتطوير والتحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.