صبرى غنىم مهما كان حجم الفجيعة التي أصابتنا في أحداث بورسعيد ، لايمكن ان نحرق بلدنا بأيدينا أو نسعي لاسقاط الدولة.. صحيح أن الصدمة ليست هينة وخاصة عندما تأتي الطعنة من مصريين لمصريين وأن يكون ثمن الخيانة فيها ارواح لأبرياء كانوا بالامس مشجعين سلميين..
- وصحيح أن مجزرة بورسعيد أفقدتنا الوعي ونحن نتخبط و نبحث عن المجهول.. أمسكنا بالحجارة وألقينا بها علي رجال الشرطة لأنهم خذلونا وبدلا من أن يكونوا درعا لنا وقفوا صامتين.. لم يتحركوا ورؤوس اولادنا معلقة في ايدي المجرمين.. .. إذن لا احد يلوم الثائرين إن كانوا فعلا هم الثائرين الذين زحفوا علي مبني وزارة الداخلية للتعبير عن غضبهم واستنكارهم لموقف رجالها المشين.. من حقهم أن يستنكروا إهمال وتقصير رجالها في استاد بورسعيد.. وكون أن يندس بين الثوار شرائح من المشاغبين فهذه طبيعة المصريين.. المهم ألا نتهم الثوار فأفعال هؤلاء المشاغبين في اشعال النيران أو القاء الحجارة علي غلابة الامن المركزي..
-الذي يحدث في محيط وزارة الداخلية هو " تهريج " فقد كان في إمكان قوات الأمن اصطياد مجموعات الصبية المشاغبين الذين زحفوا اليها دون استخدام العنف معهم أو إحداث اي اصابات أو أذي لأي أحد منهم.. وسهل جدا ان تقوم القوات باغلاق الشوارع الجانبية ومحاصرة هؤلاء الصبية في دائرة واحدة وبدلا من لعبة " العسكر وحرامية بالفر والكر " نضع نهاية لهذه اللعبة بتجميع هؤلاء المشاغبين في معسكر مثل معسكر الأمن المركزي بالهرم او الدراسة ونفحص حالة كل منهم.. وأي واحد منهم مطلوب علي ذمة قضية يتم تسليمه للنيابة.. أما المتظاهر فيتم تسليمه للقوي السياسية.. " الجدعنة " هنا عدم إهانة أي متظاهر..
- صدقوني هذا هو الاسلوب الأمثل الذي يصحح صورة رجال الأمن يوم أن يتعاملوا بروح " سلمية " الثورة.. ولا مانع من أن يلتقي وزير الداخلية في مكان تجمعهم ويقول لهم " ان مجيئي لكم افضل من اقتحامكم لوزارة الداخلية ".. من المؤكد أن الحوار هنا افضل من الحجارة او قنابل الدخان.. وبالحوار نفهم ماذا يريد الغاضبون.. وماهي رسالة وزير الداخلية لهم.. ان هذا العمل الحضاري أفضل من تكرار المشاهد المسيئة لقوات الامن علي الفضائيات والتي تصور حالة البؤس التي تعيش فيها مصر وعجز الأمن عن مواجهة الغاضبين..
- لقد تلقيت تليفون واحدة من الامهات وهي تصرخ وتقول : فيه حاجة غلط.. البلطجية يتسلقون المباني الحكومية علنا وأمام الشرطة ولم يستوقفهم احد.. يشعلون النار في مصلحة الضرائب وكان في امكان الشرطة اصطيادهم والقبض عليهم ومع ذلك تركوهم يحرقون " إيه اللي بيحصل ده ".. نفس اللي حصل في المجمع العلمي.. هل بيحصل شيء مقصود .
.. وتصرخ الأم وهي تتساءل.. المجلس العسكري عارف كل حاجة وساكت.. بدليل أنه لم يرسل قوات الكوماندوز او رجال الصاعقة لاصطياد البلطجية الذين يحرقون البلد.. كل الاجهزة سلبية.. لم نسمع صوتا لمسئول وتركونا في البيوت بنتحرق.. ماذا سيفعلون لنا لو تهجموا علينا في البيوت..
علي اي حال الذي حدث في بورسعيد هو بلاء واختبار من الله ، صحيح أننا دفعنا ثمنه 74 قتيلا بخلاف الجرحي والمصابين ، لكن الله سبحانه وتعالي يدعونا للتماسك والترابط وان نسد الابواب والنوافذ أمام الايادي الخفية التي تتسلل الي الوطن.. لتمزيقه.. لنشر الفوضي وتهديد أمن البلاد ، فالذي حدث ليس وليد مباراة ولكنه مخطط لاضعاف جهاز الأمن المصري ومحاولة لهدم مؤسستنا المسلحة التي سوف تبقي لنا الدرع الواقي سواء رضوا او لم يرضوا..
.. إذن علينا أن نفهم أن هناك مخططات خارجية وداخلية تستعين بأصحاب النفوس الضعيفة وبالصبية الذين كانوا مهمشين أيام النظام ولا يمنع من شراء ضمائر بعضهم بالمال.... ولأنهم أقزام فهم يندسون بين شبابنا ويحرضونهم علي التدمير والتخريب ، ولأن شبابنا الواعي في التحرير قطع عليهم الطريق وأفشل خطتهم في التخريب ، راحوا الي بورسعيد واستغلوا مباراة بين شباب الاهلي وشباب المصري وهات يا تصفية وياتدمير.. وكون أن يحدث تراخ من أجهزة الأمن في الرصد والتأمين.. ليس معناه ان الامن كان يؤيد القتل والتخريب ، فمسؤلياته هذه الايام كبيرة والاحمال الثقيلة التي علي ظهره اصعب واشد بعد الانفلات الذي تشهده البلاد من حوادث سطو علي البنوك.. وخطف للنساء والاطفال وقد كانت مكافأة الأمن من الشعب هي التحقيق الذي طالب بها اعضاء مجلس الشعب مع وزير الداخلية مع أننا كنا بالأمس نحمله فوق رؤوسنا علي انجازاته في الشارع المصري.. لكن ماذا نقول لقدره الآن.
.. يكفي أن عندنا وزير داخلية يؤيد حق التظاهر بشرط أن يكون سلميا.. ويكفي أنه خضع للحساب والاستجواب في مجلس الشعب.. وكنا نري سلفه السابق الذي كان " بعبعا " ايام النظام فرعون عصره.. وكيف كان يفرض قبضته الحديدية علي انفاس المواطنين.. فلم يجرؤ أحد في عصره علي الاقتراب من وزارة الداخلية حتي ولو سيرا علي الاقدام.. المفروض ان تكون لنا في هذه الذكريات عظة.. ونعترف بفضل الثورة علينا.. وأن مصر لاتستحق منا هذا الهدم والتخريب بعد أن أصبحت البلد بلدنا..