عندما ننظر الي فاعليات تطورات ذكري ثورة 52 يناير التي دعت الي الاصلاح والتعمير والعدالة الاجتماعية والمساواة، وما صاحبها من هتافات.. لابد ان ندرك علي الفور بان هناك ازمة ثقة بين المحتشدين في الميادين وبين القائمين علي ادارة شئون البلاد.. يبدو ان هذه الازمة امتدت او سوف تمتد بالتالي الي الموقف من مجلس الشعب علي اساس انه كان صنيعة الاجراءات التي اتخذها المجلس الاعلي للقوات المسلحة. المتظاهرون المعترضون علي ما يجري يطالبون بتسليم السلطة فورا الي سلطة مدنية دون الوضع في الاعتبار وفي هذه الحالة لابد من مراعاة ما يترتب علي غياب الحكمة في هذه الخطوة.. من فوضي وتصاعد لعدم الاستقرار الذي نعيشه. لاجدال انه يدخل ضمن مايجري في ميدان التحرير والكثير من الميادين بعواصم مصر ومدنها انما يعكس سيطرة الاحساس بانه كانت هناك اخطاء فاحشة شابت ما تم من اجراءات وقرارات علي طريق الديمقراطية وبناء الدولة المصرية. هذه الدعوة الغالبة التي تبناها المتظاهرون والمعتصمون الذين يعتبرون انفسهم روادا للثورة تري ان الاخطاء التي اُرتكبت كانت متعمدة ومستندة الي صفقات سياسية مريبة. هذا الاحساس كان دافعا ايضا الي عدم الرضا عن البطء القضائي في محاكمة رموز النظام السابق وهو الامر الذي يتم تبريره بأنه يعود الي التعقيدات الاجرائيةالتي توفر من خلال القوانين الي تحقيق العدالة. من ناحية أخري فانه من بين العوامل التي حّركت ثورة الغضب.. الافتقاد في بعض مواقف الوعي الي الوعي باهمية الاستقرار واعطاء الفرصة لاستكمال مسيرة الديمقراطية التي تقود الي تعاف اقتصادي تنعكس اثاره ايجابيا علي جموع الشعب. وليس مستبعدا ان يكون هناك عناصر مستترة تسعي الي تأجيج نار الفتنة والصراعات تكريسا لحالة الفوضي التي من المؤكد انها لصالح من يقف وراءهم. متابعتي لهذة التطورات الخطيرة جعلتني اعتقد ان لا أمل الا بالتوصل الي صيغة للتوافق السياسي وضمان حقوق جميع اطراف الصراع الدائر حاليا. ليس من سبيل لتحقيق هذا الهدف سوي تبني عقلاء هذا الوطن ممن يحظون بالاحترام والتقدير لمثل هذه المبادرة بما يؤدي الي التهدئة والاقتناع بأهمية الاتفاق علي العبور بمصر الي بر الامان. انجاز هذه الصيغة التوافقية تتطلب حوارا بناء يستبعد منه المتشنجون واصحاب الاجندات الخاصة الذين تحوم حولهم الشبهات. في هذا الاطار لابد من العمل علي ازالة أي شعور لدي أي طيف سياسي بان هناك اقصاء له.. بما يؤكد ان لا استئثار بالحكم ولا استهداف السيطرة والهيمنة علي شئون الوطن. تأتي في مقدمة ماهو مطلوب لابداء حسن النية.. عملية تشكيل اللجنة التأسيسية التي سيوكل اليها اعداد الدستور الدائم للدولة المصرية المدنية الحديثة بشفافية ومسئولية. يمكن ان يكون هناك فرصة لاستعادة الثقة المفقودة من خلال الاختيار المتوازن والتوافق علي الاسماء قبل الطرح للاستفتاء الشعبي. في هذا المجال لابد ان تتوقف كل القوي الوطنية وبدون استثناء عن اطلاق التصريحات التي تثير المشاعر وتدفع الي التشكك في النوايا والسلوكيات. ان ثورة الشارع المصري حاليا تعود للشعور بان الثورة التي كان وراء اشعالها تم سلبها منه باستخدام استراتجية المرحلية المنظمة. انه في حاجة ولصالح مصر ان يعود اليه الاطمئنان بان هناك التزام بالثوابت.. وليدة حضارتها وتراثها وتاريخها ووسطيتها والتي يعد احد محاورها الاساسية الازهر الشريف. أيها المصريون.. ايها الشرفاء.. ليس امامكم لانقاذ هذا الوطن سوي التوافق والوفاق.