لابد لأي عربي قومي ان يشعر بصدمة شديدة لقرار وزراء خارجية جامعة الدول العربية بتجميد عضوية سوريا. ليس سبب هذه الصدمة ان النظام السوري لا يستحق العقاب جراء استخدامه عمليات التنكيل والعنف ضد الشعب الذي يطالب بالحرية والديمقراطية. ولكن الشيء المؤكد ان قصور هذا القرار انما يعود الي عجز هذه المنظمة العربية علي مواجهة المشاكل التي يكون نظام الحكم باحدي الدول الاعضاء طرفا فيها. هنا لابد من الاعتراف بان غياب الثقة والايمان بأهمية الانتماء للجامعة العربية هو أحد أبرز العناصر في عدم القدرة علي ايجاد الحل المناسب الذي يرضي جميع الاطراف. من ناحية اخري فان عدم الادراك السياسي والافتقاد الي الوعي الوطني والقومي يترتب عليهما الوقوع في كمين التأثر بالاتجاهات والضغوط التي تعمل لخدمة مصالح غير عربية. المحصلة في هذه الحالة هي الوقوع في اخطاء جسيمة والتي لا تضع قي تقديرها الاثار السلبية لاي قرار لما يتسم به من خطورة شديدة علي المصالح العربية. لا جدال ان الإقدام علي قرار تجميد عضوية اي دولة في الجامعة العربية يعد سابقة خطيرة لا تتعلق بالاهداف والنوايا الطيبة التي تستهدف مناهضة الخطأ جنوحا الي الصواب.. ان الخطورة تأتي من عملية الانسجام والتوافق مع الرغبات الشريرة المعادية للصالح العربي والساعية الي تمزيق الترابط بين الدول العربية. الخطوة التالية المترتبة علي عملية السير في هذا الطريق هي تمزيق العالم العربي دولة بعد دولة. هذه الاستراتيجية بدأت بالصومال ثم العراق ثم السودان ثم تونس وبعدها مصر وليبيا واليمن. بالطبع لقد ساعد علي ذلك جاهزية هذه الدول للثورة نتيجة نظم الحكم الاستبدادية والديكتاتورية. ان منبع الخطورة والانحراف بهذه الثورات هو الوقوع في براثن محترفي ركوب الثورات وجماعات الانتهازيين الذين يقومون بتحويلها الي معاول للقضاء علي وحدة وسيادة هذه الدول الوطنية والقومية. ان ما يدل علي هذه الحقيقة ما تم كشفه عن حجم الاموال الاجنبية التي تم تدفقها علي بعض الجهات المشكوك في وطنيتها للدفع بهذه الثورات الي الصراعات والاضطرابات وعدم الاستقرار. هذا الوجه غير السوي جري العرف علي تسميته »بالفوضي الخلاقة« التي تحدثت عنها الرموز السياسية الغربية من امثال هنري كيسنجر وكونداليزا رايس ومعهما كل الزعامات العربية التي تعمل في فلك الامبريالية الامريكية وكذلك نظم الحكم والجماعات شبه السياسية الواقعة في براثن الجمود الفكري. من الطبيعي ان تسعي القوي الاجنبية التي ليس من مصلحتها وجود ترابط عربي الي تجنيد العملاء في العالم العربي سواء كانوا في شكل أنظمة حكم او افراد للعمل علي تنفيذ استراتيجيتها تحت شعار الهوية العربية المزيفة. ان اي متابعة قومية لمسيرة المعوقات التي تواجه استقرار الثورات العربية نجد أنها تستهدف في الاساس الانطلاق نحو التقدم والتخلي عن سياسة التخلف . في هذا الاطار فان اسوأ صورة لمسيرة هذه الثورات أن تنتهي الي السقوط تحت السيطرة والهيمنة الخارجية المتحالفة مع المصالح الاسرائيلية والصهيونية. ان ما يؤكد هذا الواقع.. التخطيط لفرض الحصار علي مصر جنوبا وشمالا وشرقا لشل حركتها باعتبارها محورا للتحرر والمقاومة العربية ثم العمل علي الدفع بها الي مستنقع الفوضي والانفلات السياسي والامني وهو مايحدث حاليا. وللحديث بقية