الحمد والشكر لله علي مرور يوم 52 يناير بسلام وهو ما كنا ويجب ان نتوقعه عملا لائقا بعظمة الثورة التي اشعلها الشباب وايدها ودعمها الشعب بكل اطيافه وحماها جيش مصر.. رغم الخلافات علي مساراتها وسلوكياتها. فقد جري الاحتفال بهذه المناسبة الجليلة حتي الآن في اطار من السلمية. كانت هناك مقدمات ايجابية لمرور هذا اليوم علي خير تمثلت في مبادرات التهدئة الصادرة من المجلس الاعلي للقوات المسلحة ومن رئاسة الوزراء ومن مجلس الشعب.. وكانت عناوينها جميعا التجاوب مع مطالب الثورة والثوار. ولعل ما يلفت النظر في التجمعات الشعبية التي قدرت بالملايين ومئات الآلاف انها كانت تمثيلا لكل التيارات كل علي طريقته وبما يخدم اتجاهاته ومواقفه ومصالحه. كان ذلك واضحا في حرص جماعة الاخوان والتيارات الاسلامية في الحفاظ علي أمن ميادين الثورة بما يضمن عدم وقوع اي قلاقل أو عمليات تخريب. هذا التوجه يأتي متفقا مع النجاحات والمكتسبات السياسية التي حققوها في انتخابات مجلس الشعب والتي كانت بدايتها الانحياز لهم في عملية تشكيل لجنة الاعداد للاستفتاء الدستوري الذي أُعتبر القاعدة لعملية التحرك السياسي الجارية حاليا. من ناحية اخري فان اهم ما يجب ملاحظته هو أن الثورة اسفرت عن انكسار حاجز الخوف لدي الشعب بكل اطيافه واتجاهاته وهو ما يعد ضمانا حقيقيا لعدم السماح بالانحراف بمبادئها. هذه اليقظة الشعبية ستظل سيفا مصلتا علي رقاب اي نظام للحكم سوف يسود. المهم ومع استمرار هذا المناخ المشحون ان يقبل الجميع بان يكون القانون والعدالة ومصلحة مصر فوق كل اعتبار. في هذا الاطار فانه لابد ان ينال كل مخطيء يثبت القضاء ادانته.. جزاءه العادل.. في ظل الايمان بان لا احد فوق القانون الذي يجب ان يحكمنا وان تتوافر في نفس الوقت كل متطلبات استيفاء شهداء ومصابي الثورة لحقوقهم كاملة. وفي اعتقادي انه ما كان يمكن ان يحدث ما صاحب السنة الاولي للثورة من صراعات وخلافات وعدم استقرار لو ادرك الجميع ان ما جري في 52 يناير كان تجسيدا لثورة الشعب.. كل الشعب.. وان كل الدلائل بعد النجاح الذي حققته تؤكد انها ليست حكرا لجماعة أو تيار أو حزب. كل هذا يعني شيئا واحدا وهو ان الثورة وبعد ما حدث من تواطؤ لن تكون مجالا للاستسلام لما قد يريده البعض. ومرة اخري اقول ان ما نعاني منه حاليا من قلق وتوجس ما هو إلا وليد التواطؤ في عملية ترتيب الاولويات في اتجاه اقامة الدولة الديمقراطية التي نتطلع إليها علي اساس من الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية. ان المشكلة التي يعيشها الوطن حاليا تعود إلي غياب الثقة وهو الامر الذي يؤدي إلي استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. من المؤكد ان استعادة هذه الثقة الغائبة اصبح مرهونا بتوافر الشفافية فيما يتم اتخاذه من مبادرات واجراءات تستهدف من الجميع الاستجابة للوئام والتوافق السياسي وعدم السماح في اي ظروف بسيطرة اي طرف في المنظومة السياسية علي مقدرات الوطن بما يخالف مبدأ المساواة والمواطنة والحقوق المكفولة لكل الاطياف.ان ما نحتاج اليه هو التوافق مع تراث وتقاليد وحضارية مصر. يجب ان يكون الهدف.. استبعاد أي مخططات للاستئثار بحكم مصر علي طريقة المرحلية التي تقود في النهاية الي الديكتاتورية. لا مجال للخداع من اجل العمل لتمرير الازمات علي امل التحكم بعد ذلك في ما يريدون للمسيرة الوطنية. التفكير بهذه الصورة يعني انه لن يكون هناك امل في الأمن أو الاستقرار الذين يفتحان الطريق امام نهضة مصر وتقدمها من خلال بذل وعطاء كل القوي. لا جدال ان كل شرفاء مصر وهم الغالبية قد تقطعت قلوبهم وهم يتابعون معاناتها وتراجعها طوال العام الماضي وكذلك عدم القدرة علي تحقيق اي تقدم علي المسارات المأمولة رغم انجازات الثورة. ان الجميع مطالبون في المرحلة القادمة ومع تجاوز الاخطاء علي تعظيم قدرات الشعب المصري لعبور المحنة التي يعيشها وان تتضافر كل الجهود في بوتقة واحدة.. هي بناء مصر الجديدة. هنا اقول وادعو الله العلي الكريم ان تمر الساعات والايام القادمة علي نفس الصورة التي كان عليها يوم ذكري العيد الاول للثورة ... 52 يناير.. امين يارب العالمين.