انتهت المرحلة الأولي لأول انتخابات تشريعية بعد ثورة 52 يناير لتأتي النتائج بحلوها ومرها وبما لم يكن يدور في فكر او خيال الذين قاموا بالثورة التي كانت وراء إجرائها. نعم استطيع ان اقول ان الثوار قد خرجوا من المولد بلا حمص وانهم ومؤيديهم لم يحصلوا علي ما يستحقون من مقاعد داخل مجلس الشعب الجديد. ان ما حدث ينطبق عليه القول بأن الثوار اشعلوا الثورة وغرسوا جذورها وعندما حان قطافها لصالح الشعب الذي ايدها سطا عليها وجني ثمارها من لم يكن له علاقة بها منذ البداية وحتي عبورها المرحلة الخطيرة والتي مازالت مستمرة. لاجدال أن بعض السلبيات قد شابت التصويت وهو ما كان له دور كبير علي شكل نتائج انتخابات هذه المرحلة. ان أملنا ولكي تتسم العملية الانتخابية بالنزاهة الحقيقية ان تتجرد المرحلة الثانية والثالثة من الخروقات والمخالفات. المراقبون اتفقوا علي ان ما جري يمثل نقطة سوداء في الثوب الابيض وهو ما تجسد في بعض عمليات التزوير والدعايات الممنوعة واستخدام الوسائل والرشاوي غير المشروعة لجذب اصوات الناخبين. تنقية العملية الانتخابية من هذه الممارسات تعني إزالة الشكوك حول امكانية ان يمثل مجلس الشعب الآمال والطموحات الحقيقية للاغلبية وفقا لمتطلبات البناء الديمقراطي السليم. علي كل حال فان ما فات قد فات ويمكن تلاشي اثاره من خلال اتخاذ الاجراءات اللازمة والفعالة للمعالجة وعدم التكرار. الاهتمام الان يجب ان يوجه لتوفير الضمانات الواجبة لاتمام انتخابات المرحلة الثانية والثالثة بالصورة التي تشرف مصر وتحفظ لثورتها انبهارها وطهارتها وتأكيد فعالياتها تجاه النهوض بمصر الحرة الديمقراطية. تحقيق هذا الهدف يتطلب ارتفاع اداء الناخبين الي مستوي هذه المباديء حتي نتمكن من بناء الدولة الحديثة التي نتطلع إليها. ان الناخبين الذين يمثلون طوائف الشعب مطالبون وبدافع من وعيهم وحرصهم علي الصالح الوطني ان يراعوا الله والوطن والضمير عند الادلاء بأصواتهم، عليهم ان يفكروا مرة واثنتين وثلاثا في اختيار مرشحهم وان يغلبوا المصلحة الوطنية ومصلحتهم ومستقبل اولادهم واحفادهم وهم يتلقون الدعايات سواء كانت قولا او في شكل رشاوي مادية او عينية كما حدث في بعض الدوائر بالمرحلة الاولي. واذا كان بعض هؤلاء الناخبين في حاجة لما يقدم لهم من جانب المرشحين فانه يمكنهم اخذها كهدايا دون ان يكون لذلك أي تأثير علي صوتهم الذي سيكون امانة يحاسبون علي ادائها امام الله كما انهم يتحملون مسئولية ما يمكن ان يتعرض له وطنهم من مآس نتيجة عدم التدقيق في منح اصواتهم. انه وعلي ضوء نتيجة انتخابات المرحلة الاولي فان ما يجب ان يفكر فيه الناخب هو ضمان التوازن الذي يحقق الديمقراطية وعدم السماح بانفراد جهة أو تيار بعينه علي الحياة السياسية. ان اي جنوح عن هذا الهدف يعني مناهضة الاستقرار والتوافق الوطني وفتح الطريق امام ديكتاتورية عقائدية تقود الي الاضرار بالوحدة الوطنية.. اذا حدث هذا فانه ولا شك يُمهد الارضية اللازمة كي تسود حياتناالاضطرابات والقلاقل. ان كل الأمال معلقة علي وعي الشعب وحسن الاختيار لنوابه علي اساس من الشفافية والقدرة علي خدمة الوطن فكرا واداء وسلوكا. من أجل انقاذ مصر لابد أن تتضافر الجهود من خلال صناديق الانتخاب لنشر الاطمئنان والاحساس بأننا علي مشارف مرحلة تحقيق الاماني نحو حياة حرة وكريمة ومستقرة آمنة لجميع ابناء الشعب. من المؤكد ان القلوب والعيون تتطلع الي السماء دعاءً بأن يهدي الله الجميع حتي تستعيد مصر التي كرمها الله العزيز القدير بذكرها في كتابه المبين . صورتها كواحة أمن وأمان وازدهار.. آمين يا رب العالمين.