انظار العالم وعلي مدي الشهور الأربعة القادمة سوف تتجه إلي مصر لمتابعة المشهد السياسي والاجتماعي الذي تنعكس مظاهره حاليا سلبا علي الاقتصاد القومي. المحللون ينظرون إلي التطورات القادمة والتي تتمحور حول العملية الانتخابية باعتبارها المحك لما سوف تكون عليه الحالة الداخلية اما الاتجاه إلي مزيد من التدهور واما تحدث المعجزة وتتمكن مصر من عبور محنتها التي سببتها الفوضي وغياب المسئولية الوطنية.. وليس ثورة 52 يناير التي استهدفت الاصلاح والتغيير من اجل التقدم والازدهار. السؤال الذي يتردد علي كل لسان في عواصم العالم الذي أظهرته هذه الثورة البيضاء هو ماذا سيفعل الشعب المصري؟ وما الخطوات التي سيتم اتخاذها لتحقيق الحرية والديمقراطية المعبرة عن ارادة الغالبية؟ هل سيتمكن هذا الشعب العظيم من التغلب علي التيارات التي تحاول سحبه إلي التخلف واخضاعه للسيطرة والهيمنة تحت اي مبررات؟ ماذا سيقول هذا الشعب ردا علي التوجهات التي تحاول افتعال الغيوم حول ايمانه وتمسكه بقيمه الدينية القائمة علي السماحة واصالة حضارته؟ إن العالم كله مهتم بمتابعة خطوات العملية الانتخابية . الحديث لا يتوقف في كل الاوساط حول مدي قدرة الشعب المصري عن التعبير عن ذاته والانطلاق إلي عالم الحرية والديمقراطية بعيدا عن تسلط قوي بعينها علي ارادته ومصيره. ان التحليلات في الصحف العالمية وفي كل مراكز البحث في هذا العالم تتساءل عما اذا كان المصريين سيتمكنون من ان يثبتوا للعالم انهم اسياد الموقف السياسي وانهم يملكون الارادة التي تقلب الامور رأسا علي عقب. هل يمكن أن تأتي الانتخابات بنتائج تصدم اصحاب الثقة الزائدة الذين يراهنون علي تكملة مشوار الخداع والتضليل. هذه التحليلات تحاول ان تربط بين ما حدث في دول اخري وبين ما يمكن ان يحدث في مصر. انهم وتحت تأثير هذا الاعتقاد يؤكدون انهم لا يفهمون حقيقة وطبيعة الشعب المصري وروح التحدي التي تسيطر عليه في الملمات والازمات. ان خير دليل علي ذلك تجربة حرب 37 التي حققت فيها القوات المسلحة المشَّكلة من كل أطياف الشعب المصري اعظم انتصار في العالم. هل كان احد في هذا العالم يتوقع ما حققه هذا الشعب في هذه الحرب من دحر لقوي العدوان والظلام؟ وهل كان احد يتصور ان تمتد يد الغدر والخسة لتغتال البطل الراحل انور السادات الذي كان وراء هذا الانتصار التاريخي.. ان هذا الذي حدث يفضح طبيعة تفكير هذه القوي الظلامية التي ارادت ان تحرم مصر من فرحتها واعتزازها بهذا الانجاز من خلال اغتيال رمز هذا الانتصار. من المؤكد ان روح التحدي الفاعلة لنصر اكتوبر المجيد سوف تطفو علي السطح من جديد لتثير اعجاب وابهار العالم.. وفي هذا المجال لا يفوتني الاشارة إلي أن القوات المسلحة المصرية التي كانت اداة هذا النصر.. هي نفسها التي كانت وراء انتصار ثورة 52 يناير.. هذه الحقيقة تجعلنا نتساءل ماذا كان سيكون موقف هذه الثورة لو استجابت قيادات هذه القوات لتعليمات رموز النظام السابق ووقعت في مواجهة هذه الثورة. لاجدال ان الموقف كان سيكون غير هذا الموقف الذي انتهي بسقوط هذا النظام وارتفاع اعلام الثورة. كم نرجو ونتمني ان تواصل قواتنا المسلحة هذا الدور انحيازا للغالبية الشعبية والجنوح إلي تأكيد حياديتها والبعد عن اي شبهات تجاه القوي الموجودة حاليا علي الساحة السياسية. ان طهارة هذا السلوك يمثل عنصرا اساسيا في إنجاح تجربتنا الديمقراطية التي ينتظرها العالم المترقب.