نعم.. الثورة مستمرة، ولكن كيف؟.. ما نراه أمامنا يقول إننا لو مضينا في نفس الطريق الذي سرنا فيه في العام الأول من عمر الثورة، وتعاملنا مع التحديات التي تواجهنا بنفس الأسلوب.. فإن النتيجة أن الثورة سوف تستمر، ولكن في التراجع، وسوف تفتح الطريق علي اتساعه للقوي المضادة لتصفية الثورة والاستيلاء علي مقدرات الوطن مرة أخري!! لقد حققت الثورة في أيامها الأولي إنجازاً رائعاً بكل المقاييس. واسقطت أركان نظام فاسد مستبد، وفتحت الأبواب أمام تحقيق آمال طال حصارها بأن نقيم علي أرض مصر دولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وكرامة الانسان، وأن نصنع معاً مشروع النهضة التي تستحقها مصر وتملك كل مقومات تحقيقها. لكن ما حدث بعد ذلك كان فصولاً متواصلة من التعثر والارتباك كانت التركة الموروثة من النظام السابق ثقيلة والمشاكل معقدة، وبدلا ًمن الحافظ علي التحالف الذي أنجز المهمة الصعبة واسقط رأس النظام وأحدث التغيير الحاسم في 11 فبراير، لكي يواصل مهمته في إنجاز اهداف الثورة.. بدلاً من ذلك تفرق الجميع وانقسمت قوي الثورة الي مئات التجمعات والائتلافات، ثم كانت كارثة الصدام بين المجلس العسكري وشباب الثورة. علي مدي عام كامل، تم استنزاف القوي السياسية التي أنجزت المرحلة الأولي من الثورة، في صراعات لا تنتهي، شغلت الجميع عن المهمة الاساسية التي كان ينبغي أن نقوم بها، وهي نقل الثورة من الميادين إلي مؤسسات الدولة بعد تطهيرها من العناصر الفاسدة، وبعد تغيير السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي حكمتنا طوال السنين الماضية وتركت الغالبية العظمي من الشعب تعاني البؤس وتعيش تحت خط الفقر وتحت وطأة الفساد والاستبداد. بعد عام من الثورة يتعاظم الإحساس لدي الكثيرين بأننا لم نحقق شيئاً له قيمة بعد 11 فبراير!! لا أحد كان ينتظر المعجزات، ولكن فقط أن نكون علي الطريق الصحيح لتحقيق العدل الاجتماعي، ولتأكيد الدولة المدنية الحديثة التي تتسع للجميع علي قدم المساواة، ولتغيير السياسات الفاسدة، ولفتح المعابر الآمنة التي تنتقل من خلالها قوي الثورة الحقيقية والشابة الي موقع القرار. من أجل هذا يجري التأكيد علي أن الثورة مستمرة، ولكن كيف؟ هذا هو السؤال الذي ينبغي أن نتوافق علي إجابة له بعيداً عن إطلاق طاقات الغضب أو إشعال نيران الفوضي، إجابة تستعيد روح مصر في 11 فبراير ثم تبحث عن اليوم التالي!!