رفىق حبىب أثناء حواره مع محرر »الأخبار« هو احد المفكرين المسيحيين الذين ابحروا في تفاصيل الحضارة الاسلامية .. له اسهاماته الادبية والفكرية وكتبه تعد من ابرز معالم المكتبة العربية الحديثة .. يؤمن بمقولة مكرم عبيد الشهيرة "أنا مسيحي دينا ومسلم حضارة" ويمارسها علي ارض الواقع سواء من خلال تجربته مع حزب الوسط ثم انضمامه الي حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمون وكانت المفاجأة ان يقع الاختيار عليه ليكون نائبا لرئيس الحزب ورغم ذلك فإن قبوله منصب نائب رئيس حزب الإخوان، لقي استهجانا ورفض معظم الطوائف المسيحية في مصر، حسب قوله الا انه يؤكد اعتزازه بالانتماء الي حزب الاخوان المسلمون ويراه الاكثر تعبيرا عن نسيج المجتمع المصري .. انه المفكر البارز الدكتور رفيق حبيب الذي ناقشناه في الكثير من القضايا التي تشغل الساحة السياسية حاليا واسباب التوتر الذي يغلب العلاقة بين عنصري الامة وكيف استخدم النظام السابق ورقة الاقباط من اجل ترسيخ وجوده واستمرارا وموقف حزب الحرية والعدالة من القضايا القبطية في حال حصوله علي الاغلبية البرلمانية ورد الحزب علي الاتهامات الموجهة اليه بالتخلي عن الميدان من اجل مقاعد البرلمان ومواصفات رئيس الجمهورية القادم كما يراه حزب الحرية والعدالة .. الكثير والكثير نطرحه علي الدكتور رفيق نجيب وكانت اجابته دقيقة ومحددة وكاشفة وراصدة .. في البداية لماذا تركت حزب الوسط رغم انك من كوادره ؟ تركت حزب الوسط عام 2000 حيث كنت اتصور ان برنامج الحزب في المرحلة الاولي والثانية كنت قريبا منه ولكن اختلاف برنامجه فيما بعد هو السبب في قراري بالانفصال عنه . ألا تري أن اختيارك ثم موافقتك علي تولي منصب قيادي في حزب ينتمي إلي جماعة إسلامية وأنت مسيحي الديانة شكل مفاجأة، فعلي أي أساس كانت الموافقة؟ يجب ان نضع في اعتبارنا ان هناك تصورا لدي اغلبية المسيحيين ان هناك تعارضا بين كونهم مسيحيين والانتماء للهوية العربية الاسلامية واغلب المسيحيين في الواقع لا يعرفون انفسهم باعتبارهم منتمين الي الحضارة العربية الاسلامية في ظل هذا الخلاف حول الهوية يري غالبية المسيحيين ان الحركات الاسلامية والاحزاب القائمة علي مرجعية اسلامية لاتعبر عنهم وان الهوية العربية والاسلامية مقصورة علي المسلمين فقط وان اختلاف الدين يحول دون وجود ثقافة وحضارة مشتركة نابعة من ديانة الاغلبية لذلك كان اشتراكي في حزب الحرية والعدالة من وجهة نظر غالبية المسيحيين شيئا غير متوقع وغير مقبول من وجهة نظري لان المجتمع المصري مجتمع شرقي متدين ومحافظ وثقافته تأتي من ديانة الاغلبية ولكنها تعبر عن كل المنتمين الي المجتمع لان المشترك بينهما هو النمط المحافظ الشرقي المتدين لذا اري ان الثقافة والحضارة العربية والاسلامية تعبر عن المسيحيين والمسلمين وان المشاريع السياسية للحركة الاسلامية تعبر عن تقاليد المجتمع والمسلمين والمسيحيين.. في الوقت الذي يري معظم المسيحيين انه لا ارضية مشتركة مع الاحزاب ذات المرجعية الدينية بينما اري عكس ذلك. البعض يري ان اختيارك في هذا المنصب القيادي يعد مغازلة من جانب الحزب للاقباط ورسالة تطمينية تشير الي تبني الحزب لمبادئ المواطنة ما تعليقك؟ في ظل حالة الاستقطاب الحادة وما هو معروف عن موقف غالبية المسيحيين من الاحزاب ذات المرجعية الاسلامية فمن المعروف ان اصواتهم لن تتجه الي تلك الاحزاب سواء كانت من بين قيادتها مسيحيون ام لا فبالتالي هذا الرهان غير موجود علي ارض الواقع للاسف نحن في مرحلة الخصام. الامر الآخر اذا كان حزب الحرية والعدالة يحمل رؤية سياسية يقدمها لكل المصريين فمن الطبيعي أن يدعو الجميع لها وان يفتح الباب امام جميع المصريين ليكون لهم دور في الحزب هذا ليس ادعاء بل تطبيق لرؤية يحملها الحزب وهذه الرؤية تظهر اكثر بالممارسة، ومسألة ان يكون من بين قيادات الحزب مسيحي اي انه مشارك في صنع القرار داخل الحزب علي كل المستويات ويشارك في كل قرارات الحزب ويشارك في كل خططه فهذا تطبيق عملي. ان الرؤية السياسية القائمة علي المرجعية الاسلامية العربية يمكن ان تتسع الجميع اذا اتفقوا سياسيا . المسيحيون لعبوا دورا هاما في الحياة السياسية المصرية من قبل.. لماذا الحساسية والتخوف المسيحي الحالي ؟ المسيحيون كانوا شركاء في بناء الحضارة الاسلامية ولم يكن هناك تخوف مسيحي في الانتماء الي الهوية الثقافية والحضارية الاسلامية ولكن ظهرت تلك الحساسية بعد نكسة 7691 لان في مرحلة الستينيات حلت هوية بديلة قومية عربية اشتراكية والمشروع الناصري الذي هزم في النكسة واحدثت فراغا ولم يستطع النظام السياسي للدولة ان يعبر عن مشروع مشترك بين المسلمين والمسيحيين ثم بدأت مرحلة السبعينيات وهي مرحلة البحث عن الهوية في مجتمع ضعيف ومتفكك واصبحت كل جماعة تبحث عن هوية لها ولم يكن هناك محاولة جادة للبحث عن هوية مشتركة منذ هذا التاريخ وحتي الآن.. اذن نحن بصدد مشكلة حديثة وليست ضاربة في الجذور والخلاف حول الهوية حديث ولكنه ادي الي ضعف المجتمع وحدوث فجوة بين المسلمين واالمسيحيين في الوقت الذي يري فيه المسلمون ان هويتهم عربية اسلامية لا يري المسيحيون ذلك في قناعاتي ان نتجاوز هذه المشكلة. لا يمكن ان يكون مجتمع قائم بدون هوية مشتركة وتجاوز فجوة الهوية مهم جدا وما اقوم به من دور داخل حزب الحرية والعدالة وما اطرحه من رؤي في دراستي للحركات الاسلامية هي محاولة لتقليل الفجوة في الهوية. الفجوة التي حدثت في اعقاب انهيار الحلم الناصري .. هل تري ان وجود نظام مستبد استغل الورقة الطائفية لتدعيم ركائز حكمه وتقوقع الاقباط خلف جدران الكنيسة ادي الي زيادة الفجوة بين المسلمين والمسيحيين ؟ عدة اسباب منذ السبعينيات .. مع ضعف الانتماء العام بعد الهزيمة وعدم قدرة الدولة علي القيام بدور لاعادة تماسك المجتمع مرة أخري فحدثت حالة من اللجوء للدين باعتباره الملاذ الآمن للمسلمين والمسيحيين الذين لجأوا الي الكنيسة وشكلوا هويتهم بداخلها كهوية خاصة اعتبروا ان الكنيسة المؤسسة المعبرة عنهم لحل مشاكلهم ودفعوها كممثل عنهم تجاه الدولة برضا الكنيسة ورضا الدولة التي سعدت بذلك خاصة ان الدولة وجدت انها اذا استطاعت ان تستقطب المسيحيين ككتلة في مواجهة حالة الرفض الشعبي الذي يتعرض لها فهذا في صالحه ومصلحته .. هذه العملية حدثت في عهد مبارك الذي اراد ان يجعل المسيحيين ورقة رابحة في يده بأن يقدم نفسه انه حاميهم وان يخيفهم من التيار الاسلامي بأن يقدم نفسه علي ان البديل الوحيد له هم الاسلاميون وان يجعل منهم كتلة تصويتية لصالحه وان يجعلهم رصيدا يؤيد مبارك ومن يأتي بعده .. الامر الآخر ان النخبة العلمانية في مصر منذ الثمانينيات لعبت علي وتر تخويف المسيحيين من المشروع الاسلامي لمصلحة المشروع العلماني وان المشروع الاسلامي يمثل خطرا علي المسيحيين يفيد في نشر العلمانية فكثفت تلك النخبة من هذا النهج فتمت مصادرة المسيحيين لصالح هذا المشروع كما لعبت الدول الغربية علي هذا الوتر فكانت تقدم التيار الاسلامي علي انه خطر علي الاقليات الدينية وكانت تتدخل في هذا الملف من اجل تدعيم مصالحها .. تلك العوامل مجتمعة كرست من الفجوة بين المسلمين والمسيحيين لذلك اري ان هناك فجوة عميقة بين الجانبين لان اطرافا كثيرة عملت علي الاستفادة من تلك الفجوة طبعا.. لان هناك رهانا علي ان النظام المتفكك الضعيف سوف يسمح للنظام السياسي المستبد ان يبقي ويستمر وللنخبة العلمانية ان تتواجد وللغرب ان يستفيد ويحقق مصالحه. اذا الرهان كان علي ابقاء المجتمع ضعيفا لان هذه الاطراف كانت تدرك انه اذا حدثت مصالحة بين المسيحيين والمشروع الاسلامي فان هذا المجتمع سوف يصبح قويا امام النظام المستبد. الي هذا الحد يمكن لاي نظام مهما كانت درجة استبداده ان يضحي بتماسك مجتمعه من اجل بقائه حتي لو كانت النتيجة جثة هذا الوطن ؟ اي نظام مستبد يري في نفسه انه الوطن ويتصور نفسه انه الوحيد الذي يحمي الوطن وبالتالي يصل لمرحلة ينفصل بها عن الوطن ولا يدرك الا مصالحه .. لا يوجد نظام مستبد الا وينعزل عن وطنه وتصبح الأولوية له هو تحقيق مصالحه لا مصالح وطنه .. النظام المستبد يتبع دائما سياسة فرق تسد مثل الاستعمار، لذا كنت دائما اسميه الاستعمار المحلي لانه اذا تماسك المجتمع وقويت فئاته فانه سيصد هذا النظام المستبد وبالتأكيد النظام السابق استفاد من الفجوة بين المسلمين والمسيحيين وعمقها وابقاها ولم يحاول ان يعالجها حتي يحمي بقاءه في السلطة . هل كنت تتوقع ان يقع الاختيار عليك كي تكون نائبا لرئيس حزب الحرية والعدالة رغم ان دخولك الحزب في البداية كان مفاجأة للكثيرين ؟ لم اتوقع ان امثل قيادة في الحزب ولكن هذا ماحدث ولكني توقعت ان توجه لي الدعوة للانضمام للحزب في البداية . هل ادرت حوارا بين الكنيسة وحزب الحرية والعدالة من اجل حل القضايا العالقة وخاصة تلك الخاصة بملف الأزمة الطائفية ؟. نأمل علي فتح كل قنوات الحوار وتكون اليد ممدودة سواء علي مستوي الحوار مع الحزب او الجماعة.. نعمل داخل الحزب ان نترك كل القنوات مفتوحة وممدودة نعرف ان هناك ترددا وتخوفا وخاصة من جانب المسيحيين في الدخول في حوار طويل وعميق وان يجربوا امتحان مخاوفهم علي ارض الواقع ولكن لزام علي الحزب ان يبقي القنوات مفتوحة لانه حتما ستأتي اللحظة التي تهدأ المشاعر ويخف الاحتقان وتتاح الفرصة للجميع ان يتعرفوا علي بعضهم البعض وان تهدأ شكوكهم تجاه بعضهم البعض من اجل اعادة بناء الثقة واكثر ما يضر المجتمع المصري ان الثقة لم تعد موجودة بين بعض مكوناته لذا فان اعادة بناء تلك الثقة واقامة حالة تعارف حقيقي يمكن ان تضمد الجراح الموجودة في المجتمع . هناك تخوف مسيحي من التفوق الكاسح للاسلاميين في الانتخابات البرلمانية لدرجة دفعت عددا من المسيحيين الي التفكير في الهجرة خارج مصر.. ما اسباب التفوق الاسلامي وتعليقك علي التخوف المسيحي ؟ ما تحقق من فوز وتقدم للاحزاب ذات المرجعية الاسلامية هو ان التيار الاسلامي يمثل الاغلبية داخل المجتمع المصري وان كان البعض لم يلحظ هذا من قبل الا انها كانت موجودة حتي في زمن النظام السابق.. وهو ما يعني ان جماهير التيار الاسلامي تمثل اغلبية داخل المجتمع.. وبالنسبة لغالبية المسيحيين لم يكن لديهم هذا التوقع لذا كانت النتيجة غير متوقعة لهم وكانت ردود افعالهم تعبر عن تخوفاتهم ومسألة ان يشعر البعض بالخوف ويلجأ الي قرار الهجرة فهاذا قرار متسرع في توقيت غير ملائم لاننا في مرحلة انتقالية يجب ان نصبر خلالها علي بعضنا البعض ويجب ان نبحث عن بدائل اخري هي التعرف والتعارف والمشاركة السياسية لانه مع الوقت وفي ظل مناخ الحرية والديمقراطية المجتمع الضمير سيتجه للاعتدال والتماسك والحوار والمشاركة .. في ظل القهر نمت ظواهر التعصب والاحتقان .. لا يجب ان نتصور ان المناخ المحتقن الذي ظل خلال النظام السابق سيستمر ..نحن في مرحلة انتقالية يجب ان نتأني خلالها وان نفتح باب الحوار وسوف تستقر الامور مما يساعد كل الفئات علي التعارف ويقل الاحتقان . كباحث قبل ان تكون ذا منصب قيادي في الحزب .. ما هو رأيك في خطاب السلفيين تجاه المسألة القبطية ؟ التيار السلفي يتكون من عدة اتجاهات وموجوعات بينها اختلافات في الرأي البعض لديه آراء تجاه المسيحيين في ظل النظام السابق لوحظ ان الجماعات التي انخرطت في العمل السياسي طورت خطابا متفهما لطبيعة المجتمع وهذا يدل علي ان النظام النظري يختلف عن الخطاب التطبيقي، امامنا عدة آراء منها ما يتجه للاعتدال واخري تتجه للتشدد داخل التيار السلفي والاتجاه الغالب ان العمل في المجال السياسي يجعل الفرد يفكر في قضايا الواقع ويحاول ان يضع لها حلولا ويحاول ان يقدم خطابا لا يثير مشكلات في المجتمع .. مازلنا في بداية دخول التيار السلفي العمل السياسي ومازال في مرحلة تطوير خطابه وارائه ومما لاشك فيه ان هناك بعض الآراء سببت ازعاجا لدي المسيحيين لكني أراهن ان المزاج العام للمجتمع المصري في لحظة الحرية يتجه الي الاعتدال كما كان عليه في لحظة القهر والظلم يتجه الي التشدد . حضرت زيارة الوفد الامريكي والروسي لمقر حزب الحرية والعدالة كيف تري الاتصالات بين الخارج وتحديدا الامريكان والاخوان المسلمون ؟ بعد الثورة وبداية التحول الديمقراطي، الدول الغربية بدأت في تغيير موقفها وتحاول الاتصال بالقوي السياسية الموجودة بعدما ادركت ان التيار الاسلامي له حضور حقيقي بدأت تتعامل مع هذا الواقع لذا الادارة الامريكية تتعامل مع الوضع الجديد.. هناك تحول ديمقراطي لا يمكن لاحد ان يقف امامه وستكون الاحزاب الاسلامية لها وضعها.. لذا يتم التواصل معها ومنها الحرية والعدالة.. هي مرحلة جديدة في السياسة الخارجية الامريكية تجاه المنطقة العربية الموجودة التي لم تتوقع له من قبل ان يحدث خاصة انها لم تبن بعد استراتيجية جديدة للتعاون مع الواقع الجديد فهي في مرحلة استكشاف لخريطة الواقع وما يحدث فيها من تغيرات. ثورة يناير كانت ملحمة وطنية بين المسلمين والمسيحين والميدان كان صورة للوحدة الوطنية ولكن بعد ذلك بدا مسلسل من الاحداث الطائفية المؤلمة بداية من ازمة كنيسة اطفيح وامبابة واسوان وتم الحديث عن قانون دور العبادة الموحد الا ان القانون لم يظهر بعد هل ننتظر كارثة جديدة حتي نهتم بمعالجة الخلل الطائفي ؟ مشهد ميدان التحرير مهم لانه اظهر حقيقة المجتمع المصري وتوحده ولكن هذا المشهد وحتي سقوط النظام لم تكن كافيا لحل كل الجراح التي كانت موجودة في المجتمع لذا وبعد سقوط النظام انفجرت الجراح القديمة لانها لا تعالج وقتيا وتحتاج الي وقت وجهد وهي مسئولية كل الفاعلين والنشطاء في المجتمع، كذلك عندما طرح مشروع جديد لبناء الكنائس طرح عدة مشروعات تباينت حولها الرؤي فتحفظت الكنيسة علي بعضها وقدمت مقترحات اخري استمر النقاش حولها ولم تتم بلورة تصورات للقواعد العامة التي يجب ان نلتزم بها لحماية المجتمع وحماية تعدداتها واتصور ان هذه الملفات يمكن ان تجد حلا قريبا لها. الحكومات في المرحلة الانتقالية غير قادرة علي اتخاذ قرارات واعتقد انه مع استقرار الوضع السياسي وظهور البرلمان المنتخب يمكن معالجة تلك الملفات وعلي المؤسسات الاجتماعية مثل الكنيسة والازهر ان تقوم بدورها من ايجاد قواعد حول المعايير العامة التي تحكم بناء دور العبادة وحرية الاعتقاد وغيرها لانه كلما استطاعت مؤسسات المجتمع ومنها الدينية بناء توافق بينها حول هذه القضايا سيكون من السهل علي الدولة ان تشرع القوانين التي ستحظي بثقة الجميع لانها ستكتسب دعما من المؤسسات المعنية ولا تعد مسئولية الحكومة بل مسئولية الجميع هي ملفات ملتهبة لا يجب تركها بل حلها حلا عادلا. ماذا عن موقف الحزب والجانب التشريعي الخاص بالنسيج المجتمعي ؟ عبرنا عن رؤيتنا وطلبنا بتوفيق اوضاع المباني التابعة للكنيسة حتي لا تتفجر الاوضاع مثلما حدث والحكومة بدأت في اتخاذ خطوات، من اجل ذلك يجب توفيق اوضاع المباني الكنسية حتي لا تحدث مشكلة حول مبني اخر.. الحزب اوضح موقفه حول الحق في بناء دور العبادة هو جزء من حرية العقيدة وفقا لاحتياجات المسيحيين بان يتم بناء ما يحتاجون من كنائس لاقامة شعائرهم لانه جزء من حرية الاعتقاد. ماذا سيكون وضع الاقباط في حال حكم الاخوان لمصر ؟ من سيحكم هو الحزب الذي سيختاره الناس للحكم.. من سيحكم من يتم اختياره عبر صناديق الاقتراع وفقا لبرنامجه الذي سيختاره الناس عليه.. الاحزاب ذات المرجعية الاسلامية ستكون قادرة علي حل المشكلات ذات الطابع الديني عن غيرها من الاحزاب لديها ادراك لمخاوف المسيحيين من دورها السياسي لذا فهي قادرة علي التعامل معها بشكل جيد.. نحن نتكلم عن برلمانات منتخبة انتخابا حرا وليست مكونة من نظام سياسي واحد.. التصور الجامد بان فصيلا واحدا يحكم مصر تصور غير ديمقراطي ستكون هناك اغلبية واقلية وسيكون هناك حراك ومؤسسات مجتمعية فاعلة ونشطة.. ليست مخاوف حقيقية بل افتراضية والواقع سيثبت ان كثيرا من المخاوف ليست في محلها. لماذا لم تخض التجربة البرلمانية ؟ انا كباحث لم اختر ممارسة دور سياسي ولدي تصورات حول اهمية دور المرحلة الحالية واهمية دور الحرية والعدالة وهو الحزب الذي يمثل عمودا فقريا للتيار الاساسي في المجتمع وادماج المسيحيين في التيار الاساسي للمجتمع لذا كان اشتراكي فيه ولا اريد ان امارس دورا سياسيا مستقبلا .وانا كباحث افضل العمل خلف الكواليس او دوائر صنع القرار والخطة والاستراتيجية وليس ممارسة عمل سياسي مباشر. ماذا عن الدور الذي يلعبه اقباط المهجر ؟ اقباط المهجر هم شريحة من شرائح الاقباط ولكن هناك بعض جمعيات لاقباط المهجر في الخارج تقوم بدور سياسي .. بعضها يؤيد الحل العلماني ويعارض الهوية العربية والاسلامية، هي اطروحات سياسية تعبر عن نفسها ولكن القضية تثار عندما تحاول بعض جمعيات اقباط المهجر الاستعانة بالدعم الخارجي لمساندة قضايا المسيحيين في مصر وأري ان التدخل الخارجي يعطل حل تلك المشاكل ويفاقمها ويؤدي الي تدهورها لكن في نفس الوقت .. دور اقباط المهجر مثل دور الاقباط في الداخل .. تعبير المسيحيين عن انفسهم سياسيا واشتراكهم في الانتخابات او الاحزاب والمشاركة السياسية الفاعلة سيكون له اثر ايجابي ايا كانت هذه الرؤي السياسية. لماذا هذه الانتقادات اللاذعة الموجهة الي اصحاب الفكر العلماني؟ يجب ان نفرق بين اختيار الحل العلماني يختاره غالبية المسيحيين وهذا اختيار سياسي من حق الجميع ان يختاره لكن المشكلة تنبع ان مختاري الحل العلماني يكتشفون انه يمثل اقلية سياسية داخل المجتمع المصري الا انهم يتصورون انهم من الممكن ان يجدوا دعما خارجيا مما يعظم دورها السياسي اكبر من وزنها النسبي وهذا هو الخطأ، يجب ان نحتكم لرأي الغالبية العظمي وان يمارس كل منا دوره لانه من الممكن ان يكون للاقلية دور فاعل وايجابي مثل الاغلبية السياسية ولكن المشكلة ان نتصور ان الدعم الخارجي يمكن ان يعضد من اي فريق يمثل اقلية سياسية ويمنحه دورا اكبر من دوره .. الدعم الخارجي يؤدي الي انفصال الجماهير علي هذا التيار وغضبها منه ويقلل من دوره وشأنه ويعزله عن الجماهير.. اذا فرقنا بين الاختيارات السياسية المحلية بدون الدعم الخارجي يمكن بناء حياة سياسية جيدة لان العمل السياسي يجب ان يكون داخليا تماما. ماذا عن الحشد التصويتي علي اساس ديني سواء من قبل المساجد او الدعم الكنسي والذي تجلي بوضوح في الاستفتاء والانتخابات البرلمانية ؟ الممارسة السياسية للمصريين في الاستفتاء والانتخابات كانت ممتازة ولكن الرؤي السياسية في مصر تقوم علي اساس ثقافي حضاري وان هذا الاساس جذوره دينية واضحة وانه ستظل الرؤية السياسية مستندة إلي ذلك .. وجود دور للعامل الديني سيظل له دورا لانه جزء من تركيبة المجتمع المصري وبالتالي الاختيارات السياسية ستكون تعبيرا عن ذلك .. اما الممارسة الفعلية علي ارض الواقع والتي تستخدم بعض المقولات من طرف ضد اخر تحض علي كراهية الطرف الاخر او تقلل من شأنه فهذه ممارسة خاطئة وهذه جزء من اخطاء التجربة الديمقراطية الاولي .. يجب استخدام تعبيرات جاذبة لمشروعه دون ان يقلل من شأن الاخرين او يحض علي كراهيتهم وبالتالي يجب التفرقة بين ممارسات سلبية استخدمت منطقا سياسيا دينيا وان التيارات السياسية في مصر حاليا ومستقبلا ستظل ذات طابع حضاري ديني واعتقد ان الممارسات السلبية الحادثة اذا قارناها باننا في الشهور الاولي في بداية تجربة ديمقراطية فاننا نقدم نموذجا لتجربة نجتازها بهذه السرعة لذا اقلل من شأن هذه الممارسات السلبية واعتقد انها ستتضاءل بصورة واضحة في المستقبل. وما الذي يضمن عدم تكرارها مستقبلا ؟ عندما يستخدم الشعار الديني للتحريض علي الطرف الاخر فهذا خطأ وكذلك الوضع بالنسبة للمنطوق السياسي او الوطني العلماني .. عمليات التحريض لم تكن مستخدمة لمنطوق ديني فقط بل تعبيرات سياسية وعلمانية حتي وسائل الاعلام المنتمية للتيار العلماني تتهم الطرف الاخر بخيانة الثورة وغيرها .. هذه اللغة التي ظهرت يجب ترشيدها واختفاؤها في المستقبل وان كان كل ممارسة سياسية تحمل بعضا من الخطابات التحريضية بدرجة او اخري .. الحشد لصالح اتجاه معين داخل دور العبادة خطأ ولكن حشد الناس لصالح العملية السياسية داخل دور العبادة صائب لان لها دورا وطنيا وقوميا لكن الحشد الديني بهذا المعني العام في الحياة السياسية سيظل موجودا لانها جزء من تركيبة التيارات السياسية . ما هي رؤيتك للمشهد السياسي العام في مصر ؟ المرحلة الانتقالية التي نحن بها قدر من السيولة التي تؤدي الي شبه الفوضي هناك حالة من القلق وعدم اليقين الذي يجعل القوي السياسية واجزاء من الدولة تتحرك بصورة مرتبكة .. حالة القلق تؤدي الي نوع من الانزلاق تصل الي الاشتباك احيانا ويكون هذا الاشتباك تلقائيا وعفويا او متعمد ومخططا له .. من الظاهر ان الكيانات التي تصاب بدرجة اكبر من القلق وان كانت اجزاء من الدولة المصرية بذاتها فانها عندما تصل الي درجة القلق فانها تندفع الي الشارع وبالتالي تندفع الي الاشتباك الذي يعد تعبيرا عن ان هناك مكونات داخل المجتمع المصري اصابها حالة من الارتباك .. من الطبعي في المراحل الانتقالية ان تحدث هذه الامور وربما كان الممكن ان نتجنبها لو كانت هناك آليات لضبط حركة المجتمع لذا اصبحنا نمر بهذه التجربة، اتصور انها ستظل مستمرة لفترة حتي يستقر النظام السياسي الجديد لان هناك حالة من تشكل هذا النظام وهذه االفترة مواتية لزيادة القلق لدي البعض عندما يشعر انه لا يتمناه او غير قادر علي التأثير . من المسئول عن ذلك.. من تحول الامور من ثورة مبدعة يحكي عنها العالم الي فوضي موجودة حاليا ؟ مسألة ان المجلس الاعلي للقوات المسلحة نجح او فشل في ادارة المرحلة الانتقالية محل نقاش لان تلك المراحل ادارتها في غاية الصعوبة لا يتمكن احد من النجاح بشكل متميز .. المجلس الاعلي للقوات المسلحة مؤسسة بيروقراطية عسكرية غير مؤهلة للشأن السياسي والخلافات بين القوي السياسة كثيرة. تطلعات المجتمع المصري كثيرة الاحتجاجات والمطالب كثيرة. اذا فنحن في حالة تجب علينا ان نعبر منها.. حالة القلق التي تدفع البعض الي النزول الي ميدان التحرير ليست مرتبطة بنجاح او فشل المجلس العسكري في ادارة المرحلة الانتقالية بل حالة من القلق لما سيحدث فيما بعد المرحلة الانتقالية .. هذا الامر طبيعي لانه حتي علي المستوي الاجتماعي نجد ان فئات كثيرة من المجتمع لديها تذمر وتري ان الثورة لم تحقق اهدافها القلق نابع من ان الكل يتمني ان يري مصر الجديدة التي يحلم بها والتي لا يمكن ان تظهر في شهور . الامر الاخر المجلس الاعلي للقوات المسلحة ارتبك في فترة معينة عندما دخل في طرف سياسي منذ يوليو الماضي ووجد مطالب متعددة فارتك اكثر، تم الضغط عليه لتمديد الفترة الانتقالية ووافق علي هذا الضغط دخل في جدل دستوري وكثير من القوي التي ضغطت عليه ليبقي تدينه الان لانه لم يلتزم بتسليم السلطة في الفترة الزمنية التي اعلن عنها في شهور الثورة الاولي . الامر الثالث ان معظم الحكومات التي شكلت المرحلة الانتقالية افتقدت الارادة السياسية فلم تحقق الانجازات المرجوة .. نحن امام مرحلة انتقالية صعبة لم نحقق الكثير منها والمهم الان ان نخرج منها بالنسبة للمجلس العسكري ربما كان من المهم ان يركز علي 3 قضايا الامن والاقتصاد واجراء الانتخابات ولكن تشعب القضايا التي اهتم بها أدت الي عرقلة تلك الملفات وبالتالي تعطلت الثورة ..نحن كنا امام ثورة شعبية بلا قيادة فلم تكن هناك رؤية لمطلب محدد من القوات المسلحة مما ادي الي اهدار جزء من المرحلة الانتقالية.. ولكن عندما ننظر بمنظار التاريخ وننظر لما حدث بعد سنوات سنقول لقد عبرت مصر الفترة الانتقالية بسلام ولكننا لاننا في خضم الاحداث فنعتقد اننا نعبرها بصعوبة . هناك اتهامات وجهت للحزب بانه ترك الميدان من اجل البرلمان ؟ الحزب يتبع استراتيجية معينة فيما يتعلق في الخروج للتظاهر وهي ان الخروج الكثير للتظاهر في الميدان يفقده قيمته كما يجب ان يكون التظاهر علي مطالب متفق عليها في توقيت يتفق عليه كما ان التظاهر تعبير عن الرفض ولكن بشكل لا يجب ان يكون معطلا او يتسبب في الحاق الاذي بالاخرين وتعطيل مصالح الناس لذا هدفنا ان يكون التظاهر مؤثرا وفاعلا وبالتالي لا نشترك في فاعليات تظاهر تدار بمنطق مختلف يميل الي الاعتصام والبقاء في الميدان واغلاقه كما ان تكون المطالب متفق عليها لا مختلف عليها سياسيا وكثير من التظاهرات كانت تتم لاهداف مختلف عليها.. واخري تدمج بين ماهو متفق ومختلف عليه.. بداية مما حدث في شارع محمد محمود فاننا ندرك اننا في مرحلة اصيبت فيها الدولة بحالة من الضعف والهشاشة الشديدة لذا الموقف في مصر قابل للانزلاق الي الفوضي وحالة القلق زادت بشكل كبير ويمكن لفعل سياسي تظاهري ان يؤدي الي مشاكل ضخمة كذلك فان المواجهة التي تحدث بين المتظاهرين والشرطة والجيش بدأت تدخل في نفق مظلم وهو شعور كل الاطراف بالثأر والاستفزاز المتبادل لدرجة ان الامور اصبحت تخرج عن السيطرة ويجب ان نتجنب ذلك جميعا وسيؤدي الي دخول البلاد الي مرحلة فوضي تؤدي الي تأجيل الانتهاء من المرحلة الانتقالية للانتقال السلمي للسلطة فبالتالي يجب ان تكون اعيننا جميعا علي القضايا الجوهرية التي تؤمن الانتقال السلمي للسلطة لان استمرار المرحلة الانتقالية لا يفيدنا ..الان الكل اكتشف ان الفترة الانتقالية القصيرة التي تم الاعلان عنها في البداية كانت الافضل وان التعديلات الدستورية والجدول الزمني لنقل السلطة حمت مصر من فنرة انتقالية قد تطول .. موقفنا منذ البداية ان الانتقال السلمي للسلطة هدف محوري ورئيسي. هل تم الاتفاق علي معايير محددة لتزكية مرشح للسلطة ؟ سنحاول من خلال التحالف الديمقراطي السياسي ان نتفق جميعا علي المرشح واذا اتفقنا عليه سوف ندعمه .. موقفنا ان نختار مرشح لدعمه ولنا يكون لنا مرشح .. لا يوجد اتفاق حتي الان لانه لا توجد اسماء رسمية مرشحة .. المتفق ان يكون شخصية توافقية وطنية شريفة قادرة علي ادارة المرحلة الانتقالية ولا يشترط ان تكون له خلفية سياسية معينة، مدرك للثوابت الوطنية مقبول جماهيريا والشرط الاصعب الا يكون محسوبا علي تيار سياسي اذا بحثنا عن تلك المقومات تبدو صعبة ولكنها الافضل في هذه المرحلة ولم يظهر شخص بهذه الشروط خاصة ان كل الاسماء المطروحة لها انتماءات سياسية واضحة .