يرتبط الدكتور رفيق حبيب، المفكر المسيحى المعروف، بعلاقة قديمة مع جماعة الإخوان المسلمين، وليست وليدة اختياره نائباً لرئيس حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة، ولم يكن اختياره لهذا المنصب الحزبى مفاجئاً للمراقبين، لأن حبيب باحث مرموق فى تيار الإسلام السياسى منذ زمن طويل. ينتمي حبيب إلى الطائفة الإنجيلية (البروتستانت)، وليس الكنيسة الأرثوذكسية كما يعتقد البعض، ورغم ذلك فإن قبوله منصب نائب رئيس حزب الإخوان، لقى استهجان ورفض معظم الطوائف المسيحية فى مصر وأشار حبيب في حواره مع المصرى اليوم إلى أن فلسفة قبوله المنصب هى محاولة لطمأنة المسيحيين من تيار الإسلام السياسى المعتدل الذى تمثله جماعة الإخوان، لافتاً إلى أن المسيحيين لديهم مخاوف غير حقيقية من الجماعة ستثبت الأيام المقبلة عدم صحتها، بعد أن أصبحت الجماعة جزءا وواقعاً رسمياً من الحياة السياسية فى مصر وهذا بعض مما جاء في الحوار: كيف جاءت فكرة اختيارك نائبا لرئيس حزب الحرية والعدالة؟ الفكرة جاءت من مجموعة المؤسسين، عندما بدأ التفكير فى اختيار كوادر للحزب فى المرة الأولى فقط، من رئيس الحزب، والنائب، والأمين العام، فأثيرت القضية فى اختيار نائب ثان يكون من خارج الإخوان من المؤسسين الآخرين، وهذه القضية لم تثر إلا بعد انضمامى كعضو مؤسس، فكان قرار اختيارى نائباً لرئيس الحزب. ألا ترى أن اختيارك ثم موافقتك على تولى منصب قيادى فى حزب ينتمى إلى جماعة إسلامية وأنت مسيحى الديانة شكل مفاجأة، فعلى أى أساس كانت الموافقة؟ - موافقتى على تولى منصب نائب رئيس الحزب، جاءت بناء على عدة أشياء، أولها هى أن البرامج السياسية القائمة على المرجعية الحضارية الإسلامية هى الأكثر تعبيراً عن المجتمع، لأنها القائمة على هوية المجتمع المصرى سواء مسلمين أو مسيحيين، والبرامج التى تعبر عن هذا الجانب الحضارى، وتلتزم بالمرجعية بما فيها القيم والمبادئ الموجودة فى المجتمع- تمثل تجربة مهمة، وهى العمل السياسى من خلال الخصوصية الحضارية، وهذه التجربة يمكن أن تبنى دولة تعبر عن المجتمع وعلاقته الجديدة مع الدولة، والدولة التى كانت قائمة فى ظل النظام السابق هى بحكم الدستور دولة إسلامية، وبحكم الممارسة علمانية، وبالحكم الفعلى هى علمانية مستبدة، لأن النخبة الحاكمة كانت تحكم حكما علمانيا مستبدا، وبالتالى هناك تجربة مهمة غابت عنا طوال 6 عقود ماضية، وهى بناء نظام سياسى يضع فى اعتباره طبيعة المجتمع وخصائصه الفنية والثقافية والحضارية، الشىء الثانى أنه عندما تقوم الجماعة مثل الإخوان بتأسيس حزب سياسى لها، فهو مسألة مهمة فى ظل إقرار الجميع بأن الحزب يجب أن يكون مستقلا عن الجماعة، والسبب الثالث أن مصر مقبلة على تحديات كثيرة ومرحلة انتقالية ووضع دستور جديد، والسبب الأهم هو وجود فجوة حقيقية بين الجماعة المسيحية والتيار الإسلامى. ما أبرز المشاكل التى واجهتك بعد قبولك منصب نائب رئيس الحزب؟ هذه المشاكل ظهرت عقب سؤالى من أحد الصحفيين، حول إمكانية الانضمام للحزب، فقلت إننى مدعو للاشتراك وأفكر فى هذا الأمر، فبدأت حملة الهجوم علىّ من الجماعة المسيحية. وما أسباب هذا الهجوم فى رأيك؟ هناك سببان، الأول هو أنهم يرون أن الإخوان عندما تؤسس حزبا سياسيا فهو سينتقص من حقوقهم ومكانتهم فى مصر ويجعلهم مواطنين درجة ثانية، وأنا بحكم علاقتى بالإخوان أعلم أن هذا التصور من الجماعة المسيحية خطأ، والسبب الثانى أنه بمجرد الحديث حول الحضارة الإسلامية فهذا التعبير فيه شىء من العقيدة، فهم يرون أن المسيحى لا يمكن أن يكون جزءا من الحضارة الإسلامية، بمعنى لا يمكن أن تكون مسيحياً ومنتميا للحضارة الإسلامية، وهذه المقولة هى مستحدثة على مسيحيى مصر الذين لم يعرفوها من قبل، وهى نتاج العقود الماضية، لأن قبل ثورة 23 يوليو، كانت هناك مقولة مكرم عبيد الشهيرة (أنا مسيحى دينا ومسلم حضارة)، وهذا التعبير لا يستطيع أحد أن يقوله الآن، وبالتالى الجماعة المسيحية رأت أنه يمكن للمسيحى أن ينتمى للهوية المصرية، رغم أن الحضارة الإسلامية ليست قضية عقيدة، ولذلك فإن انتماء المسلم للإسلام باعتباره دينا وحضارة، يقابله انتماء المسيحى للمسيحية كدين والحضارة الإسلامية كحضارة، وهذا النموذج موجود عند العلماء المسيحيين الذى أسهموا فى بناء الحضارة الإسلامية، وبارز بعمق شديد فى لبنان، ورجل الدين المسيحى فى لبنان وسوريا يتكلم عن الحضارة الإسلامية بمنتهى الحرية، والكل يفهمه، لكن هناك مشكلة حدثت فى مصر أظن أنها طارئة، لأنه إذا كان أغلب المسلمين فى مصر يرون أنهم ينتمون للحضارة الإسلامية، والمسيحيون يرون أنهم لا ينتمون لها، فنحن أمام ازدواجية حضارية، ولا أعتقد أن المجتمع المصرى لديه ازدواجية. هل ترى أن مخاوف الأقباط زادت بعد الثورة من التيار الإسلامى؟ كان لدى الأقباط خوف دائم من التيار الإسلامى، وكانت لديهم قناعة بأن وجود النظام السابق يحول دون استطاعة التيار الإسلامى أن يفعل شيئاً، لكن سقط النظام فأصبح التيار الإسلامى جزءا من الواقع، ويمكن أن يشكل أحزابا ويصل إلى الحكم، وواجه المسيحيون هذه الحقيقة، وتندهش أن الانطباع فى أول أيام الثورة كان إيجابياً، والمقولة السائدة لدى المسيحيين أننا لا نخشى من أحد، ولا إخوان ولا سلفيين. ما صلاحياتك داخل الحزب كنائب للرئيس؟ اللائحة الأساسية للحزب جعلت لرئيس الحزب نائباً أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، ويوزع الملفات المهمة عليهم، وعندما يكون الحزب قانونياً ستحدث هذه الخطوة، ووجود نائب للشؤون السياسية وآخر للعلاقات الخارجية كان موجودا فى إحدى المسودات، لكن تم الاتفاق على أن تلغى، وتوزع الاختصاصات من رئيس الحزب على نوابه، ويعرض هذا على المكتب التنفيذى، ويجوز أن يكون أكثر من نائب واللائحة حددت أن يكونوا من 3 إلى 4 بحد أقصى، ونحن كمجموعة قيادات الحزب لم نجلس لمناقشة قضية الاختصاصات حتى الآن.