كيف ونحن مازلنا في حالة ثورية نترك السلوكيات والسياسات القديمة تتحكم فينا.. سلوكيات ما قبل يناير من الصهينة عمن يزدري نصوص الدستور الواضحة لكل ذي بصر وبصيرة. نترك من يخالف الدستور ويعلنها في أحاديثه صباحا ومساء بلا خجل سياسي أو وطني.. والدستور هو عقيدة البلاد فكيف يكفر بها ويعبث فيها..؟! ونساعده كشيطان اخرس.. ونظل صامتين علي تخريب دستور البلاد والتعدي عليه بقلب ميت.. وممن؟! من حفنة اعتلت المشهد السياسي بالابتزاز العاطفي والديني وعلا صوتها وكأن البلاد صارت بلادها فقط.. واقرأ معي المادة الرابعة لتعرف كيف تعدوا عليه وعادوا بالبلاد سيرتها الأولي.. سيرة ما قبل يناير من الاستهانة بالدستور.. وكان يجب علي حاكم البلاد مداهمة من تعدوا علي الدستور ومعاملتهم معاملة من يراهم ممولين من الخارج ولا يتحكم فيه الهوي.. "وآفة الرأي الهوي"! والمادة الرابعة من الإعلان الدستوري الصادر في 30مارس من العام الماضي تنص علي ان ((للمواطنين حق تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات والاتحادات والأحزاب وذلك علي الوجه المبين في القانون ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديا لنظام المجتمع أو سريا أو ذا طابع عسكري ولا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أساس ديني أو بناء علي التفرقة بسبب الجنس أو الأصل )).. والنص لا لبس فيه اي لا يجوز قيام أحزاب سياسية علي أساس ديني بجمهورية مصر العربية وليس بلاد تركب الأفيال.. ! يبدو انه ليس مهما مخالفة الدستور.. المهم عدم مخالفة الحاكم.. نفس الحبكة التاريخية المشئومة التي جرت البلاد لأعتي صنوف الديكتاتورية تتكرر.. ويفسر الحاكم ما يراه ويعتبره مخالفا للدستور وخطرا علي أمن البلاد.. والحاكم في بلادنا يعتبر نفسه دائما هو القانون والدستور رغم قيام ما سمي بثورة 25يناير.. واعتبره سدنة الحكم "حاكم البلاد" رمزا لها ومن ينتقده ينتقدها.. ومن تكلم عنه بسوء فقد أهان مصر وأهان كل المصريين وتطبق عليه فورا أحكام الخيانة والتمويل من الخارج.. وليس بعد التمويل من الخارج من ذنب.. مع ان الحاكم طول السنوات الماضية كان ممولا من الخارج.. ويغضب ويطبق القانون علي من جرؤ وسلب اختصاصات الحاكم وتمول من الخارج.. لكن الغريب ان الحاكم كان دائما ايضا المتحكم في تغيير الدستور والعبث بنصوصه فكيف سمح لغيره بالعبث به والتغيير في نصوصه وسلبه اختصاصاته.. ولا يغضب ويطبق القانون..! من هنا لا أفهم الهجمة الشرسة علي منظمات المجتمع المدني والادعاء بخرقها قوانين البلاد والتمويل من الخارج لمناهضة الثورة المصرية خاصة بعد يناير .. فكنت اظن من ترك العبث بالدستور سيترك من يظن انه ممول من الخارج .. لكنها - والعلم عند الله - حملة شرسة لتصفية حسابات مع هذه المنظمات.. وألا ما معني هذا التوقيت بالذات.. ولااعرف اذا كان قد ثبت من خلال مداهمة مكاتب هذه المنظمات انها تلقت بالفعل أموالا من جهات اجنبية خاصة امريكا تمويلا لعرقلة مسيرة الثورة كما يدعون أم لا.. ؟! ولماذا لم يصدر الحاكم بيانا شديد اللهجة يهدد فيه امريكا والجهات الاجنبية التي انتهكت القوانين المصرية. ولا افهم كيف نتهم امريكا بأنها تمول هذه المنظمات.. ثم تأتي أخبار عن الإدارة الأمريكية تعرب فيها عن قلقها العميق تجاه هذا التصرف المصري.. ثم تهدد بإعادة النظر في التمويل او المساعدات للعسكرية المصرية التي تصل قيمتها إلي 1.3 مليار دولار في حالة استمرار هذا المداهمات.. بل وسمعنا ان مسئولين امريكيين قد اجروا اتصالات بالفعل مع رئيس الوزراء المصري د. الجنزوري والسفير المصري في واشنطن. لماذا ينتفض الحاكم من التمويل الاجنبي وقد تربينا عليه.. والحكومة الجديدة تحاول خطب ود البنك الدولي من اجل مساعدة مصر ماليا.