الحكومة: حجم الاستثمارات العامة لا يتعدى تريليون جنيه في موازنة العام المالي المقبل    سامح شكري: التوافق في الرؤية المشتركة مع أثينا حول تدعيم الأمن بالمنطقة    تشافي ولابورتا.. تأجيل الاجتماع الحاسم في برشلونة    التحقيق مع عاطل لحيازته مخدر الحشيش في الوراق    موعد الفرحة: تفاصيل عيد الأضحى في السعودية لعام 2024    «السرب» الأول في قائمة إيرادات الأفلام.. حقق 622 ألف جنيه خلال 24 ساعة    إيمي سمير غانم في ذكرى وفاة والدها: "وحشتنا يابسبوس"    «الرعاية الصحية»: لدينا منشآت معتمدة وتطبق معايير الجودة في 18 محافظة    7 تعديلات مرتقبة في قانون مزاولة مهنة الصيدلة.. أبرزها رسوم الترخيص والورثة    جامعة القناة يؤكد على ضرورة الالتزام بضوابط الامتحانات والتواجد ومتابعة سير العملية الامتحانية    تنفيذاً لمبادرة "وياك".. حياة كريمة توزع 1228 هدية على طلاب جامعة بني سويف    تأجيل محاكمة «طبيب الإجهاض» بالجيزة    الحبس 3 سنوات لعاطل بتهمة النصب على المواطنين في الأميرية    نائب رئيس نادى السيارات: مسيرات للدراجات النارية ومسابقات سيارات بالعلمين أغسطس 2024    طلب إحاطة بشأن تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    محمد إمام يكشف عن البوسترات الدعائية لفيلمه اللعب مع العيال قبل طرحه    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    علي معلول لاعب الأهلي يجري جراحة ناجحة في وتر «أكيلس»    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    ضبط المتهمين بسرقة خزينة من مخزن في أبو النمرس    مصرع شابين في حادث تصادم بالشرقية    دافع عن نفسه.. مصرع عامل بطلقات نارية على يد مدمن فى قنا    تحرير 142 مخالفة ضد مخابز لارتكاب مخالفات إنتاج خبز بأسوان    محافظ أسيوط: التدريب العملي يُصقل مهارات الطلاب ويؤهلهم لسوق العمل    الأربعاء.. انطلاق أعمال الاجتماعات السنوية للهيئات المالية العربية بالعاصمة الإدارية الجديدة    براتب خيالي.. جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    «ست أسطورة».. سمير غانم يتحدث عن دلال عبد العزيز قبل وفاتهما    إكسترا نيوز تعرض تقريرا عن محمد مخبر المكلف بمهام الرئيس الإيرانى.. فيديو    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    مهرجان ايزيس الدولي لمسرح المرأة يعقد ندوة تحت عنوان «كيف نفذنا من الحائط الشفاف»    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    تراجع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    وزير خارجية إيطاليا: حادث تحطم مروحية رئيس إيران لن يزيد التوتر بالشرق الأوسط    موجة الحر.. اعرف العلامات الشائعة لضربة الشمس وطرق الوقاية منها    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    بعد وصولها لمروحية الرئيس الإيراني.. ما هي مواصفات المسيرة التركية أقينجي؟    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    معرض لتوزيع الملابس الجديدة مجانًا بقرى يوسف الصديق بالفيوم    مجلس النواب يستكمل مناقشة قانون إدارة المنشآت الصحية    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    معين الشعباني: تسديداتنا أمام الزمالك لم تكن خطيرة.. ولاعب الأبيض قدم مباراة رائعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور أحمد كمال أبو المجد ل »آخر ساعة«:
الثورة في أزمة .. والوضع الحالي يحيط به الغموض
نشر في آخر ساعة يوم 04 - 10 - 2011

د. كمال أبو المجد لايحتاج الدكتور أحمد كمال أبو المجد إلي مقدمة، فالمفكر السياسي الكبير صاحب منهج منظم جعله دائما في مقدمة الشرفاء الذين يثق بهم الوطن وينصت إلي مايقولون. وفي تلك الظروف الغامضة التي تمر بها البلاد كان لابد من لقاء الرجل الذي يجيد قراءة المستقبل من ورقة الواقع. قلق أبو المجد علي مستقبل مصر واعترافه بأنها تمر بأزمة جعله في حالة من التأمل لما يحدث حوله من أمور متلاحقة تعصف بكل ماحولها، بينما الهدوء الذي يمتاز به أبو المجد مكنه من أن يكشف القوة الحقيقية لمختلف التيارات السياسية.
رأي أن انحياز الجيش للثورة جعل منه حضنا للثوار وأن المجلس العسكري إذا وجد هدوءا سيسلم البلد لسلطة مدنية. وتحدث أبو المجد عن التمويل الخارجي ورأيه أنه ليس ضد التمويل الخارجي لمنظمات المجتمع المدني بصفة مطلقة مشيرا إلي أن هذه قضية تحتاج إلي ضوابط.
وكشف الدكتور أحمد كمال أبو المجد عن قضايا مثيرة جاءت في هذا الحوار.
❊❊ ماذا عن تقييمك الآن للمشهد السياسي؟
الثورات لها مسارات تختلف في التفاصيل لكنها كما يبدو لها مراحل، فالثورة في التعريف السياسي والقانوني تغيير جذري مفاجئ وسريع، فحجم التغيير الذي يتم بسرعة يختلف من حالة إلي أخري باختلاف الهدف من الثورة وحجم ووزن القائمين بها وحجم ووزن القوي المضادة لها، من تفاعل هذا كله تتخذ الثورة مسارا لها فهناك ثورة تستغرق 10 أيام ويتم التغيير ويأتي الثوار لأنهم كيان منظم، لكن الثورة المصرية 25 يناير فيها خصوصيات منها أن الثوار ليسوا كيانا واحدا منظما يريد إسقاط نظام منظم. إنما هؤلاء قوي شبابية وبارك حركتهم أكثر أهل مصر ثم جاءت القوات المسلحة وتولت حمايتها في المرحلة الأولي ثم تولت المرحلة الانتقالية التي أعقبت الثورة من خلال المجلس الأعلي للقوات المسلحة وبالتالي أستطيع أن أقول لايوجد حزب أسقط النظام إنما الفوران الشعبي الذي جمع نفسه بشكل انتقائي في ميدان التحرير هو الذي قام بالثورة وتولي الجيش حمايتها والمجلس الأعلي ومعه مجلس الوزراء تولوا تسيير أمور البلاد في المرحلة الانتقالية وهي من بداية الثورة حتي وضع دستور دائم واختيار الأعضاء للمجالس التشريعية وانتخاب الرئيس القادم، فهذه الثورة لها خصوصية وهي الآن فيما يشبه الأزمة أو المأزق فالتحرك سوف يكون بمن؟ هل بتيار شعبي عام؟ أم بقيادات شبابية متحمسة وقادرة علي التجمع في كل وقت؟ ومن هنا لايوجد هيكل لنوعية الثورة فعندما تريد أن تتحدث مع الثوار تتحدث مع من ؟ فلا يوجد قيادات وبالتالي كانت النتيجة وجود »فوق المائة قيادة« فهناك العديد من الائتلافات الشبابية فهذا مأزق كما أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة إذا رأي هدوءا سيسلم السلطة لكننا أحيانا نجد استجابته للمطالب المعقولة تكون بطيئة، مما أحدث شرخا في جدار الثقة فأحيانا نجد تصرفا معينا من المجلس يفسره البعض علي أساس حسن النية والبعض الآخر يفسره بطريقته الخاصة.
❊❊ معني ذلك أن المشهد السياسي الحالي يحيط به الغموض والقلق والتوجس؟
نعم يكذب أو يجهل من يقول غير ذلك .. فأنا أقابل ناسا كثيرين قلقين ومتخوفين من الوضع الحالي.
❊❊ في رأيك ماهي العوامل التي ساعدت علي تفجر الوضع وصولا إلي يناير 2011؟
المسألة بسيطة فهذه الثورة غير صحيح أنها لم تكن لها مقدمات فقيام حركة مثل حركة 6 أبريل وحركة كفاية وصور أخري من الحركات الاحتجاجية كل هذه احتجاجات معلنة وكانت موجودة في الشارع ورفعت اللافتات وكتبت رسائل وتكلمت في محطات فضائية. عبرت عن وجود رغبة في التغيير الفوري وأقول إن الأمور تتحرك بسرعة ويجب أن نضع ما كان يحدث في مصر في إطار أوسع. فهناك الشكاوي من أمور وأشياء منها انتهاك حقوق الإنسان. وماكان يجري في السجون والإجراءات التي كانت تقوم بها الشرطة هل فيها احترام للقانون أم لايوجد فيها احترام؟ هذا بٌعد.. وهناك بعد ثان وهو البعد الاقتصادي حيث تفشي الغلاء وازدادت أسعار السلع الحيوية وبعض الفئات وصلت إلي تحت خط الفقر. خاصة في المناطق العشوائية وغيرها وبالتالي السلام الاجتماعي أصبح مهددا. أما البعد الثالث فهو الفساد وهو من وجهة نظر المواطن أن صاحب الحق لايصل إلي حقه وأن غيره يأخذ حقه وهذا كان أيضا مهددا للسلام الاجتماعي تهديدا مباشرا.
❊❊ لكن هل كل هذا وصل إلي مرتبة الثورة؟
أقول لك وصل عندما شعر الناس بأنه لاتوجد استجابة لمطالبهم واللي في القلب في القلب واللي مش عاجبه يمشي.. فكانت هناك موجة غضب بين الناس. والغضب يعدي مثل المرض. فهذه العوامل تجمعت كلها، لكن أقول إن السيناريو أو خطة العمل لتغيير النظام لم تكن محددة لكن خروج الناس في مظاهرات أدت إلي اهتزاز النظام وأن قوات القمع التي تجمعت فشلت فحدث سقوط مدو لكل الوسائل الأمنية التي استخدمها النظام السابق.
❊❊ فسر البعض تنحي مبارك وتكليفه للمجلس العسكري بإدارة شئون البلاد بأنه أشبه بمن يقلب الطاولة أو يهدم المعبد علي رأس الجميع، لأنه وفق آراء متعددة حول 25 يناير من ثورة شباب إلي انقلاب عسكري فما تعليقك؟
لم يكن انقلابا عسكريا فالجيش لم يأخذ زمام المبادرة ولم يدع ذلك ويحمد له، إنما في الوقت نفسه وقد اندلعت الثورة فكان لابد منه أن ينحاز إلي إحدي الجبهتين وانحاز إلي الجبهة الوطنية والتي عبر عنها وهذا موقف يحسب له. ولذلك ظل بعد نجاح الثورة بمثابة أحد الأحضان الرئيسية التي يلجأ إليها الثوار وهذه أكبر قيمة للمجلس العسكري وفوق هذا كله أن الثوار ليس لهم قيادة ولذلك أقول إن الجيش أدي هذا الدور دور الأم الحاضنة خلال فترة الثورة.
❊❊ ظلت مصر بلا دستور بقيم ديمقراطية حقيقية قرابة 60 عاما منذ إعلان الجمهورية علي الرغم من أن أحد أهم أهداف ثورة 52 كان إقامة حياة ديمقراطية ودستورية.. فهل يمكن أن يحدث ذلك الآن والمجلس العسكري الحاكم هو نفس الجيش الذي قام بثورة يوليو؟
في ثورة يوليو الجيش شعر بأنه سيف الأمة في استرداد الكرامة، فقام بالثورة وكان هذا مقترنا بما يسمي فساد الملك لكنه إذا قورن بفساد جاء من بعده فلاتوجد مقارنة.
❊❊ هل تري أن المجلس العسكري جاد في تسليم البلاد لسلطة مدنية؟
أعتقد ذلك لكنه من موقعه الحالي قد يري أن هناك ضمانات بعد عودة الحياة الطبيعية ووجود دستور دائم يجعل للجيش مكانا في مجموع السلطة وهو مالا أدعو إليه إطلاقا لأن تدخله كان مثاليا فهو لم يقم بالثورة ولم ينقلب علي نظام الحكم. إنما كان يشعر بالثوار وبمطالبهم ولذلك كان حريصا علي حماية الثورة.
❊❊ لكنك كيف تفسر المقولة الشهيرة للرئيس الراحل محمد نجيب من أنه إذا اعتلي العسكر السلطة فمن الصعب أن يتركوها؟
صعب ولكن ليس مستحيلا فمحمد نجيب يعلم الطبيعة العسكرية لأن الجيش في الظروف العادية علي هامش الحياة المدنية. إنما يعلو ويستدعي ويباشر عن الأمة عندما يحدث اصطدام مسلح. وأقول عندما يأتي الجيش يتبين هذه الحقائق من خلال توليه فعلا السلطة من خلال المجلس الأعلي للقوات المسلحة فقد تكون في ذهنه أن حماية الأمة لاتكتمل بدون أن يكون له دور أكبر من الدور التقليدي. وأعتقد أن أي مفكر سياسي ناضج وأي رجل قانون يري أن الجيش لايجوز له أن يكون مشاركا في السلطة إنما دوره كبير جدا ويعترف بفضله الكبير فهو يعطي مثالا طيبا للانضباط فهو يشرف علي مشروعات استثمارية وعمرانية، ونحن ندرك مزايا القوات المسلحة. وهذا لايؤدي إلي أن يتحول الجيش إلي خباز ومزارع وموزع سلع.
❊❊ ظلت النخبة السياسية في مصر لسنوات طويلة ترفض الإسلام السياسي وتعتبره خطرا علي الدولة.. ما تعليقك؟
هذه قضية معقدة وإذا سألتني لماذا؟ أقول لأنه رفعت فيها شعارات واستخدمت مصطلحات غاية في الغموض. فعندما تقول دولة مدنية أسألك ماذا يعني مدنية؟ فهناك قاعدة علمية تقول الحكم علي الشيء خرق عن تصوره بمعني أفهم الشيء وأحكم عليه، فإذا قلت حكومة دينية أقول لك عند التحقيق هي الحكومة التي يتولي السلطة السياسية فيها رجال الدين وعندما تقول هوية هذه الأمة أن دينها الإسلام أقول ليس معناها أنها دولة دينية فالحكام يختارون ليس علي أساس دينهم وإنما علي أساس كفاءتهم أو انتمائهم الحزبي إذا كنا نتكلم عن المنافسة بين أحزاب سياسية وأحيانا نجد أن هذه الكلمة في هذه الحدود هي كلمة حق لكن يراد بها باطل، حين يراد أن تكون سبيلا ومقدمة علي إزاحة الدين من حياة الناس وأقول إن هذا موجود.
❊❊ كيف تري حقوق الأقباط عند وضع الدستور الجديد؟
يكفيني جدا نص المادة 40 من الدستور الذي نص علي أننا مصريون لدي القانون سواء ومتساوون في الحقوق والواجبات لاتمييز بيننا في ذلك بسبب الأصل أو اللون أو الجنس أو المعتقد ووضع هذا النص يتطلب جهة قضائية مستقلة ترد المشرع إلي حدوده إذا تجاوز.
❊❊ أثير مؤخرا قضية التمويل الخارجي بعد قيام منظمات وجمعيات بالحصول علي أموال من الخارج؟
عندما تكون هناك قضية وطنية توجد حساسية جدا لأي علاقة بين جهة مصرية وأجنبية وأنصح منظمات المجتمع المدني أن تستغني عن هذه المعونة وأضف إلي ذلك أن يكون للدولة حضور في قبول مثل هذه الجمعيات هذا التمويل أو عدم قبوله وذلك لحماية الأحزاب من أن يساء إلي سمعتها فأنا لست ضد التمويل الخارجي بصفة مطلقة وليس معه بصفة مطلقة فهذه قضية تحتاج إلي ضوابط.
❊❊ كيف تري تفعيل قانون الطوارئ مؤخرا وهل نحن بحاجة إلي هذا القانون؟
في اعتقادي بأننا لسنا في احتياج لهذا القانون لأن قانون العقوبات لو نظرنا إليه نجد فيه فصلا كاملا في مقاومة الإرهاب وأن الجرائم المنصوص عليها فيه عقوبتها تصل إلي الإعدام في حالات كثيرة ومن هنا يوجد حزام تشريعي أمني قوي. ينقصه القوي التي تعمل علي التفنيذ والسياسة الحازمة ومن هنا لايوجد اضطرار لتفعيل هذا القانون خاصة أن توقيته جاء ونحن مقبلون علي انتخابات. ولذلك بعض الأحزاب نراها عدلت رأيها وطالبت بوقف العمل بقانون الطوارئ ورأيي هو انتهاء العمل بهذا القانون وإذا دعت الضرورة للعمل به يعلن ويعمل به في بعض المناطق مثل منطقة الحدود مع إسرائيل. فهذه المنطقة يقام فيها قانون الطوارئ، إما غير ذلك فلا يعمل به فما ذنب قنا وأسوان والبحيرة وكفر الشيخ للعمل بهذا القانون وأقول إذا وجدنا نقصا في قانون العقوبات نستحدث قانونا جديدا حتي لو كان محتواه نصف صفحة ينص علي أربع مواد للعقاب علي الانحراف والفساد السياسي ولايمكن أن أستدعي قانونا ذكرياته في الوجدان المصري سيئة.
❊❊ واقعة إنزال العلم المصري من السفارة الإسرائيلية أعادت الجدل في الشارع المصري حول معاهدة كامب ديفيد والسلام مع إسرائيل؟
يجب أن نفصل بين الأمرين لأن أحكام القانون الدولي لحماية المنشآت الأجنبية الدبلوماسية لا خلاف عليها وعلي ضرورة الالتزام بها إلا أن ماحدث أضعه بين قوسين في إطار ثورة وطنية تريد أن تعبر عن غضبها من ظواهر فهي شعرت أن كل ماحدث في كامب ديفيد سيق فيه الشعب سوقا إلي شيء يضر فالخروج علي القواعد الدولية جاء بعد أن تجاوزت إسرائيل كل الحدود وأثارت غضب كل المصريين وهنا أضع ماحدث في السياق السياسي في ظل ثورة وحماس وغضب شديد من الموقف الإسرائيلي وممن يؤيدون إسرائيل في موقفها فنلاحظ مدي تأييد أمريكا لإسرائيل فيما تقوم به ضد الفلسطينيين وأقول الكيل بمكيالين يفجر ثورة ليس لها حدود.
❊❊ من وجهة نظرك هل كان من المفترض أن تقوم الحكومة المصرية برد فعل أكثر قوة تجاه واقعة قتل الجنود علي الحدود؟
علي الأقل لهجة الحديث تكون غاضبة لأن لهجة الحديث جزء من مضمون، فهل يعني ذلك أن يكون أردوغان.. غير مدرك أو غير فاهم. فقد أقام علاقات مع إسرائيل لكن لحظة الغضب مطلوبة ودائما أقول وجه مصر السمح البشوش ينبغي أن يتعلم كيف »يستئأسد« ويغضب في وجه أكبر العتاة وأقول إن هذا يبعث همة في المواطن المصري ويبعث رسالة قوية إذا غضب المصري فقد غضب وستدفعون الثمن.
❊❊ بماذا تصف الأيام التي تعيشها بعض الدول العربية حاليا: الغليان أم خريف الغضب أم الانفجار أم مفترق الطرق أم عام من الأزمات؟
أسميه غضب تحول إلي انفجار في سياقات مختلفة فكثير من النظم العربية افتقدت الصلة الحقيقية بجماهيرها فسمع لها وأطاع خوفا أو طمعا أو اتقاء لشره فهذا لايبني العلاقة الصحيحة بين الحاكم ومحكوميه فهم يدفعون ثمن هذا وأقول الذي يدفع الثمن الجماهير.
❊❊ يلاحظ أن ثورة 25 يناير كانت مقدمة لثورات الربيع العربي.. فهل هذه سيناريوهات ترسم للمنطقة في كل مرة أم ماذا؟
هناك قواسم مشتركة في التاريخ وفي النظم الحزبية وفي انتهاك حقوق الإنسان بدرجات متفاوتة وأكثر هذه النظم ضغطت علي أنفاس الجماهير وبالتالي »التفاوت« كان موجودا ولكن عندما يحدث في منطقة »بيعدي« والسلسلة تشتعل وأقول إن بعض هذه النظم مازالت أمامها فرصة ذهبية للإصلاح.
❊❊ لماذا نجح هذا الربيع في الإطاحة بالجمهوريات العربية بينما فشل مع النظام الملكي؟
لعل بعض هذه النظم الملكية كان تركيز السلطة فيها أوثق أو كانت لها علاقات أجنبية تستدعي لحمايتها وقت اللزوم، وأقول إن كل تجربة من هذه التجارب تقيم في سياقها الخاص.
❊❊ هل تتفق مع ما قاله هيكل عن سايكس بيكو الجديدة وتقسيم العالم العربي وتقسيم موارده؟
اتفق معه في أن هناك تقسيما للعالم العربي فهناك تحالفات بين الدول المستعمرة لتوزيع الغنائم فيما بينها ولا يوجد اتفاقيات بين الدول المقهورة للدفاع عن نفسها في وجه هذه التحالفات وهذه مسئولية تتحملها فئتان الأسر الحاكمة أو النظم الحاكمة أو النخب التي تريد الإصلاح الكل يشترك في خطيئة واحدة وهي صعوبة العمل الجماعي.
❊❊ ما تعليقك علي رفع صور جمال عبدالناصر في ميدان التحرير؟
تعبير عن الحنين .. في عصر كانت فيه الزعامة ممكنة وكانت مكانة مصر في ذلك الوقت مرتفعة ارتفاعا يليق بها، لا أكثر من ذلك فهو حنين عاطفي أكثر منه انتماء مذهبيا أو سياسيا.
❊❊ هل تحتاج مصر الآن لعبدالناصر آخر؟
يتوقف علي كيف تري عبدالناصر، فجمال عبدالناصر كان زعيما وطنيا نظيف اليد.. تمكن بعلاقته وتأثيراته كزعيم أن يجعل لمصر مكانة كبيرة لكن أقول هناك سلبيات أخري لا أريد أن أتحدث عنها.
❊❊ هل تري أن محاكمة مبارك ومايحيط بها من ضغط شعبي وإعلامي من الرأي العام يمكن أن تكون عادلة؟
يمكن بصعوبة لماذا أقول لأنه في أوقات الثورات يستمع إلي الصوت مادام عاليا مرتفعا.. لكن هناك »حاجة« ينبغي عليّ أن أقولها وهي لم يعجبني أبدا أبدا أبدا أن يدخل الرئيس السابق في هذه المحاكمة التاريخية »مسجي« نائما علي سرير بينما أعتقد بأنه كان قادرا علي أن يجلس علي كرسي متحرك وأن يقول كلامه بلهجة واثقة ويدافع عن نفسه كما يدافع عنه محاموه، فهذا أكرم لمصر وللرئيس السابق لمصر ولا أدري أي شيطان نصحه بهذا الأمر عندما رأيته مرة واثنتين وثلاثا »مسجي« شعرت بغض النظر عن موقفنا من كل مآسي النظام القديم أن مصر كلها تهان، وأقول ربما نصحه بهذا الأمر محام مبتدئ أو غير مبتدئ فبئس النصيحة فقد أهان الرجل وأهان مصر كلها.
❊❊ هل ممكن أن يحصل مبارك علي البراءة؟
هذا أمر يقرره القاضي.. وأخطر شيء أنك تجلس في مقاعد المتفرجين مثلك مثل الموجود في الملعب تنادي وبأعلي صوتك علي اللاعب بتسديد الكرة. فالعدالة صارمة.
❊❊ هل لك أن تقدم لنا خارطة طريق لسيناريو مصر في المرحلة المقبلة، بحسب الأولويات، فهل تحتاج مصر إلي رئيس قوي أم إلي دستور قوي أم إلي استقرار أمني؟
سؤال صعب فالثلاثة مطلوبون فالمقدمة مكونة من ثلاثة عناصر حد أدني من الاستقرار الأمني يقضي علي أعمال البلطجة والفوضي ثم يأتي بعد ذلك مباشرة التصدي الصريح للمشاكل ذات الأولوية في حياة الأغلبية ووضع حد أدني للأجور لهذه الأغلبية ولو اقتضي ذلك تأجيل تنفيذ الخطة جزئيا من 3 إلي 6 شهور فالناس تستغيث، فهل أتركها لما البلد تتحرق؟ أا العنصر الثالث أن يعالج الصدأ الذي طرأ علي الشخصية المصرية والتراجع الذي طرأ علي مكانة مصر في العالم هذه مكانة نريد أن نستردها فمصر مكانتها في أفريقيا تراجعت وضعفت جدا فهناك قضايا موجودة مثل قضية المياه وقضية انفصال جنوب السودان والتي تعد شاهدا حيا علي أن مصر قصرت في تحركها تجاه هذه القضية فضلا عن تراجعها عربيا.
❊❊ قلت الأمن والاستقرار أولي الأولويات فأين الدستور والرئيس وأيهما يأتي في المقدمة؟
أري أن الدستور أولا لأنه سيحدد اختصاصات الرئيس وسلطاته فهذا هو الترتيب الطبيعي، أما هذا لم يحدث فيتوقف علي أن الانتخابات تتم بشفافية تامة.
❊❊ مؤخرا زار أردوغان مصر فكيف تفسر ما قاله من أن مصر يمكنها أن تأخذ بالنموذج التركي؟
في السياق النموذج مختلف ففي تركيا الجيش قوة مشاركة في الحياة السياسية وكانت مشاركته متجاوزة الحدود المعقولة.. فهم من خلال الإنجاز العملي للحزب الحاكم الذي يرأسه أردوغان أمكن التغلب أو تعديل هذه المعادلة وتسكين الصراع في داخلها بين الجيش والقوي المدنية.. أما مصر ليس عندها هذا فحياتها مدنية والجيش يؤدي دوره في حماية البلاد وحماية الحدود وحماية الاستقلال فليس منافسا لأي أحزاب في الجبهة الداخلية.. ومن ذكائه عندما قال إن تركيا ليست دولة دينية لكنها علمانية أقول إنه زعيم لحزب إسلامي فليس من المعقول أن كل كلمة ونصف نقول الإسلام الإسلام..
فعندنا بعض الدعاة خنقوا الناس برؤيتهم للإسلام للإسلام والحديث في قضايا النقاب وغيرها وقد نهي النبي ([) عن الاشتغال بسفساف الأمور.
❊❊ هل أنت قلق من الوضع الحالي في مصر؟
نعم قلقي يبدأ من أن هيكل السلطة غير واضح بشكل كاف والتنسيق بين المؤسسات التي تمثل هذه السلطة ليس واضحا بشكل كاف والرأي العام يعيش في دائرة اقتصادية.. أخشي أطيافها القاتمة تسبقنا إلي أمور لا يعلمها إلا الله..
❊❊ ماذا عن تقييمك الآن للمشهد السياسي؟
الثورات لها مسارات تختلف في التفاصيل لكنها كما يبدو لها مراحل، فالثورة في التعريف السياسي والقانوني تغيير جذري مفاجئ وسريع، فحجم التغيير الذي يتم بسرعة يختلف من حالة إلي أخري باختلاف الهدف من الثورة وحجم ووزن القائمين بها وحجم ووزن القوي المضادة لها، من تفاعل هذا كله تتخذ الثورة مسارا لها فهناك ثورة تستغرق 10 أيام ويتم التغيير ويأتي الثوار لأنهم كيان منظم، لكن الثورة المصرية 25 يناير فيها خصوصيات منها أن الثوار ليسوا كيانا واحدا منظما يريد إسقاط نظام منظم. إنما هؤلاء قوي شبابية وبارك حركتهم أكثر أهل مصر ثم جاءت القوات المسلحة وتولت حمايتها في المرحلة الأولي ثم تولت المرحلة الانتقالية التي أعقبت الثورة من خلال المجلس الأعلي للقوات المسلحة وبالتالي أستطيع أن أقول لايوجد حزب أسقط النظام إنما الفوران الشعبي الذي جمع نفسه بشكل انتقائي في ميدان التحرير هو الذي قام بالثورة وتولي الجيش حمايتها والمجلس الأعلي ومعه مجلس الوزراء تولوا تسيير أمور البلاد في المرحلة الانتقالية وهي من بداية الثورة حتي وضع دستور دائم واختيار الأعضاء للمجالس التشريعية وانتخاب الرئيس القادم، فهذه الثورة لها خصوصية وهي الآن فيما يشبه الأزمة أو المأزق فالتحرك سوف يكون بمن؟ هل بتيار شعبي عام؟ أم بقيادات شبابية متحمسة وقادرة علي التجمع في كل وقت؟ ومن هنا لايوجد هيكل لنوعية الثورة فعندما تريد أن تتحدث مع الثوار تتحدث مع من ؟ فلا يوجد قيادات وبالتالي كانت النتيجة وجود »فوق المائة قيادة« فهناك العديد من الائتلافات الشبابية فهذا مأزق كما أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة إذا رأي هدوءا سيسلم السلطة لكننا أحيانا نجد استجابته للمطالب المعقولة تكون بطيئة، مما أحدث شرخا في جدار الثقة فأحيانا نجد تصرفا معينا من المجلس يفسره البعض علي أساس حسن النية والبعض الآخر يفسره بطريقته الخاصة.
❊❊ معني ذلك أن المشهد السياسي الحالي يحيط به الغموض والقلق والتوجس؟
نعم يكذب أو يجهل من يقول غير ذلك .. فأنا أقابل ناسا كثيرين قلقين ومتخوفين من الوضع الحالي.
❊❊ في رأيك ماهي العوامل التي ساعدت علي تفجر الوضع وصولا إلي يناير 2011؟
المسألة بسيطة فهذه الثورة غير صحيح أنها لم تكن لها مقدمات فقيام حركة مثل حركة 6 أبريل وحركة كفاية وصور أخري من الحركات الاحتجاجية كل هذه احتجاجات معلنة وكانت موجودة في الشارع ورفعت اللافتات وكتبت رسائل وتكلمت في محطات فضائية. عبرت عن وجود رغبة في التغيير الفوري وأقول إن الأمور تتحرك بسرعة ويجب أن نضع ما كان يحدث في مصر في إطار أوسع. فهناك الشكاوي من أمور وأشياء منها انتهاك حقوق الإنسان. وماكان يجري في السجون والإجراءات التي كانت تقوم بها الشرطة هل فيها احترام للقانون أم لايوجد فيها احترام؟ هذا بٌعد.. وهناك بعد ثان وهو البعد الاقتصادي حيث تفشي الغلاء وازدادت أسعار السلع الحيوية وبعض الفئات وصلت إلي تحت خط الفقر. خاصة في المناطق العشوائية وغيرها وبالتالي السلام الاجتماعي أصبح مهددا. أما البعد الثالث فهو الفساد وهو من وجهة نظر المواطن أن صاحب الحق لايصل إلي حقه وأن غيره يأخذ حقه وهذا كان أيضا مهددا للسلام الاجتماعي تهديدا مباشرا.
❊❊ لكن هل كل هذا وصل إلي مرتبة الثورة؟
أقول لك وصل عندما شعر الناس بأنه لاتوجد استجابة لمطالبهم واللي في القلب في القلب واللي مش عاجبه يمشي.. فكانت هناك موجة غضب بين الناس. والغضب يعدي مثل المرض. فهذه العوامل تجمعت كلها، لكن أقول إن السيناريو أو خطة العمل لتغيير النظام لم تكن محددة لكن خروج الناس في مظاهرات أدت إلي اهتزاز النظام وأن قوات القمع التي تجمعت فشلت فحدث سقوط مدو لكل الوسائل الأمنية التي استخدمها النظام السابق.
❊❊ فسر البعض تنحي مبارك وتكليفه للمجلس العسكري بإدارة شئون البلاد بأنه أشبه بمن يقلب الطاولة أو يهدم المعبد علي رأس الجميع، لأنه وفق آراء متعددة حول 25 يناير من ثورة شباب إلي انقلاب عسكري فما تعليقك؟
لم يكن انقلابا عسكريا فالجيش لم يأخذ زمام المبادرة ولم يدع ذلك ويحمد له، إنما في الوقت نفسه وقد اندلعت الثورة فكان لابد منه أن ينحاز إلي إحدي الجبهتين وانحاز إلي الجبهة الوطنية والتي عبر عنها وهذا موقف يحسب له. ولذلك ظل بعد نجاح الثورة بمثابة أحد الأحضان الرئيسية التي يلجأ إليها الثوار وهذه أكبر قيمة للمجلس العسكري وفوق هذا كله أن الثوار ليس لهم قيادة ولذلك أقول إن الجيش أدي هذا الدور دور الأم الحاضنة خلال فترة الثورة.
❊❊ ظلت مصر بلا دستور بقيم ديمقراطية حقيقية قرابة 60 عاما منذ إعلان الجمهورية علي الرغم من أن أحد أهم أهداف ثورة 52 كان إقامة حياة ديمقراطية ودستورية.. فهل يمكن أن يحدث ذلك الآن والمجلس العسكري الحاكم هو نفس الجيش الذي قام بثورة يوليو؟
في ثورة يوليو الجيش شعر بأنه سيف الأمة في استرداد الكرامة، فقام بالثورة وكان هذا مقترنا بما يسمي فساد الملك لكنه إذا قورن بفساد جاء من بعده فلاتوجد مقارنة.
❊❊ هل تري أن المجلس العسكري جاد في تسليم البلاد لسلطة مدنية؟
أعتقد ذلك لكنه من موقعه الحالي قد يري أن هناك ضمانات بعد عودة الحياة الطبيعية ووجود دستور دائم يجعل للجيش مكانا في مجموع السلطة وهو مالا أدعو إليه إطلاقا لأن تدخله كان مثاليا فهو لم يقم بالثورة ولم ينقلب علي نظام الحكم. إنما كان يشعر بالثوار وبمطالبهم ولذلك كان حريصا علي حماية الثورة.
❊❊ لكنك كيف تفسر المقولة الشهيرة للرئيس الراحل محمد نجيب من أنه إذا اعتلي العسكر السلطة فمن الصعب أن يتركوها؟
صعب ولكن ليس مستحيلا فمحمد نجيب يعلم الطبيعة العسكرية لأن الجيش في الظروف العادية علي هامش الحياة المدنية. إنما يعلو ويستدعي ويباشر عن الأمة عندما يحدث اصطدام مسلح. وأقول عندما يأتي الجيش يتبين هذه الحقائق من خلال توليه فعلا السلطة من خلال المجلس الأعلي للقوات المسلحة فقد تكون في ذهنه أن حماية الأمة لاتكتمل بدون أن يكون له دور أكبر من الدور التقليدي. وأعتقد أن أي مفكر سياسي ناضج وأي رجل قانون يري أن الجيش لايجوز له أن يكون مشاركا في السلطة إنما دوره كبير جدا ويعترف بفضله الكبير فهو يعطي مثالا طيبا للانضباط فهو يشرف علي مشروعات استثمارية وعمرانية، ونحن ندرك مزايا القوات المسلحة. وهذا لايؤدي إلي أن يتحول الجيش إلي خباز ومزارع وموزع سلع.
❊❊ ظلت النخبة السياسية في مصر لسنوات طويلة ترفض الإسلام السياسي وتعتبره خطرا علي الدولة.. ما تعليقك؟
هذه قضية معقدة وإذا سألتني لماذا؟ أقول لأنه رفعت فيها شعارات واستخدمت مصطلحات غاية في الغموض. فعندما تقول دولة مدنية أسألك ماذا يعني مدنية؟ فهناك قاعدة علمية تقول الحكم علي الشيء خرق عن تصوره بمعني أفهم الشيء وأحكم عليه، فإذا قلت حكومة دينية أقول لك عند التحقيق هي الحكومة التي يتولي السلطة السياسية فيها رجال الدين وعندما تقول هوية هذه الأمة أن دينها الإسلام أقول ليس معناها أنها دولة دينية فالحكام يختارون ليس علي أساس دينهم وإنما علي أساس كفاءتهم أو انتمائهم الحزبي إذا كنا نتكلم عن المنافسة بين أحزاب سياسية وأحيانا نجد أن هذه الكلمة في هذه الحدود هي كلمة حق لكن يراد بها باطل، حين يراد أن تكون سبيلا ومقدمة علي إزاحة الدين من حياة الناس وأقول إن هذا موجود.
❊❊ كيف تري حقوق الأقباط عند وضع الدستور الجديد؟
يكفيني جدا نص المادة 40 من الدستور الذي نص علي أننا مصريون لدي القانون سواء ومتساوون في الحقوق والواجبات لاتمييز بيننا في ذلك بسبب الأصل أو اللون أو الجنس أو المعتقد ووضع هذا النص يتطلب جهة قضائية مستقلة ترد المشرع إلي حدوده إذا تجاوز.
❊❊ أثير مؤخرا قضية التمويل الخارجي بعد قيام منظمات وجمعيات بالحصول علي أموال من الخارج؟
عندما تكون هناك قضية وطنية توجد حساسية جدا لأي علاقة بين جهة مصرية وأجنبية وأنصح منظمات المجتمع المدني أن تستغني عن هذه المعونة وأضف إلي ذلك أن يكون للدولة حضور في قبول مثل هذه الجمعيات هذا التمويل أو عدم قبوله وذلك لحماية الأحزاب من أن يساء إلي سمعتها فأنا لست ضد التمويل الخارجي بصفة مطلقة وليس معه بصفة مطلقة فهذه قضية تحتاج إلي ضوابط.
❊❊ كيف تري تفعيل قانون الطوارئ مؤخرا وهل نحن بحاجة إلي هذا القانون؟
في اعتقادي بأننا لسنا في احتياج لهذا القانون لأن قانون العقوبات لو نظرنا إليه نجد فيه فصلا كاملا في مقاومة الإرهاب وأن الجرائم المنصوص عليها فيه عقوبتها تصل إلي الإعدام في حالات كثيرة ومن هنا يوجد حزام تشريعي أمني قوي. ينقصه القوي التي تعمل علي التفنيذ والسياسة الحازمة ومن هنا لايوجد اضطرار لتفعيل هذا القانون خاصة أن توقيته جاء ونحن مقبلون علي انتخابات. ولذلك بعض الأحزاب نراها عدلت رأيها وطالبت بوقف العمل بقانون الطوارئ ورأيي هو انتهاء العمل بهذا القانون وإذا دعت الضرورة للعمل به يعلن ويعمل به في بعض المناطق مثل منطقة الحدود مع إسرائيل. فهذه المنطقة يقام فيها قانون الطوارئ، إما غير ذلك فلا يعمل به فما ذنب قنا وأسوان والبحيرة وكفر الشيخ للعمل بهذا القانون وأقول إذا وجدنا نقصا في قانون العقوبات نستحدث قانونا جديدا حتي لو كان محتواه نصف صفحة ينص علي أربع مواد للعقاب علي الانحراف والفساد السياسي ولايمكن أن أستدعي قانونا ذكرياته في الوجدان المصري سيئة.
❊❊ واقعة إنزال العلم المصري من السفارة الإسرائيلية أعادت الجدل في الشارع المصري حول معاهدة كامب ديفيد والسلام مع إسرائيل؟
يجب أن نفصل بين الأمرين لأن أحكام القانون الدولي لحماية المنشآت الأجنبية الدبلوماسية لا خلاف عليها وعلي ضرورة الالتزام بها إلا أن ماحدث أضعه بين قوسين في إطار ثورة وطنية تريد أن تعبر عن غضبها من ظواهر فهي شعرت أن كل ماحدث في كامب ديفيد سيق فيه الشعب سوقا إلي شيء يضر فالخروج علي القواعد الدولية جاء بعد أن تجاوزت إسرائيل كل الحدود وأثارت غضب كل المصريين وهنا أضع ماحدث في السياق السياسي في ظل ثورة وحماس وغضب شديد من الموقف الإسرائيلي وممن يؤيدون إسرائيل في موقفها فنلاحظ مدي تأييد أمريكا لإسرائيل فيما تقوم به ضد الفلسطينيين وأقول الكيل بمكيالين يفجر ثورة ليس لها حدود.
❊❊ من وجهة نظرك هل كان من المفترض أن تقوم الحكومة المصرية برد فعل أكثر قوة تجاه واقعة قتل الجنود علي الحدود؟
علي الأقل لهجة الحديث تكون غاضبة لأن لهجة الحديث جزء من مضمون، فهل يعني ذلك أن يكون أردوغان.. غير مدرك أو غير فاهم. فقد أقام علاقات مع إسرائيل لكن لحظة الغضب مطلوبة ودائما أقول وجه مصر السمح البشوش ينبغي أن يتعلم كيف »يستئأسد« ويغضب في وجه أكبر العتاة وأقول إن هذا يبعث همة في المواطن المصري ويبعث رسالة قوية إذا غضب المصري فقد غضب وستدفعون الثمن.
❊❊ بماذا تصف الأيام التي تعيشها بعض الدول العربية حاليا: الغليان أم خريف الغضب أم الانفجار أم مفترق الطرق أم عام من الأزمات؟
أسميه غضب تحول إلي انفجار في سياقات مختلفة فكثير من النظم العربية افتقدت الصلة الحقيقية بجماهيرها فسمع لها وأطاع خوفا أو طمعا أو اتقاء لشره فهذا لايبني العلاقة الصحيحة بين الحاكم ومحكوميه فهم يدفعون ثمن هذا وأقول الذي يدفع الثمن الجماهير.
❊❊ يلاحظ أن ثورة 25 يناير كانت مقدمة لثورات الربيع العربي.. فهل هذه سيناريوهات ترسم للمنطقة في كل مرة أم ماذا؟
هناك قواسم مشتركة في التاريخ وفي النظم الحزبية وفي انتهاك حقوق الإنسان بدرجات متفاوتة وأكثر هذه النظم ضغطت علي أنفاس الجماهير وبالتالي »التفاوت« كان موجودا ولكن عندما يحدث في منطقة »بيعدي« والسلسلة تشتعل وأقول إن بعض هذه النظم مازالت أمامها فرصة ذهبية للإصلاح.
❊❊ لماذا نجح هذا الربيع في الإطاحة بالجمهوريات العربية بينما فشل مع النظام الملكي؟
لعل بعض هذه النظم الملكية كان تركيز السلطة فيها أوثق أو كانت لها علاقات أجنبية تستدعي لحمايتها وقت اللزوم، وأقول إن كل تجربة من هذه التجارب تقيم في سياقها الخاص.
❊❊ هل تتفق مع ما قاله هيكل عن سايكس بيكو الجديدة وتقسيم العالم العربي وتقسيم موارده؟
اتفق معه في أن هناك تقسيما للعالم العربي فهناك تحالفات بين الدول المستعمرة لتوزيع الغنائم فيما بينها ولا يوجد اتفاقيات بين الدول المقهورة للدفاع عن نفسها في وجه هذه التحالفات وهذه مسئولية تتحملها فئتان الأسر الحاكمة أو النظم الحاكمة أو النخب التي تريد الإصلاح الكل يشترك في خطيئة واحدة وهي صعوبة العمل الجماعي.
❊❊ ما تعليقك علي رفع صور جمال عبدالناصر في ميدان التحرير؟
تعبير عن الحنين .. في عصر كانت فيه الزعامة ممكنة وكانت مكانة مصر في ذلك الوقت مرتفعة ارتفاعا يليق بها، لا أكثر من ذلك فهو حنين عاطفي أكثر منه انتماء مذهبيا أو سياسيا.
❊❊ هل تحتاج مصر الآن لعبدالناصر آخر؟
يتوقف علي كيف تري عبدالناصر، فجمال عبدالناصر كان زعيما وطنيا نظيف اليد.. تمكن بعلاقته وتأثيراته كزعيم أن يجعل لمصر مكانة كبيرة لكن أقول هناك سلبيات أخري لا أريد أن أتحدث عنها.
❊❊ هل تري أن محاكمة مبارك ومايحيط بها من ضغط شعبي وإعلامي من الرأي العام يمكن أن تكون عادلة؟
يمكن بصعوبة لماذا أقول لأنه في أوقات الثورات يستمع إلي الصوت مادام عاليا مرتفعا.. لكن هناك »حاجة« ينبغي عليّ أن أقولها وهي لم يعجبني أبدا أبدا أبدا أن يدخل الرئيس السابق في هذه المحاكمة التاريخية »مسجي« نائما علي سرير بينما أعتقد بأنه كان قادرا علي أن يجلس علي كرسي متحرك وأن يقول كلامه بلهجة واثقة ويدافع عن نفسه كما يدافع عنه محاموه، فهذا أكرم لمصر وللرئيس السابق لمصر ولا أدري أي شيطان نصحه بهذا الأمر عندما رأيته مرة واثنتين وثلاثا »مسجي« شعرت بغض النظر عن موقفنا من كل مآسي النظام القديم أن مصر كلها تهان، وأقول ربما نصحه بهذا الأمر محام مبتدئ أو غير مبتدئ فبئس النصيحة فقد أهان الرجل وأهان مصر كلها.
❊❊ هل ممكن أن يحصل مبارك علي البراءة؟
هذا أمر يقرره القاضي.. وأخطر شيء أنك تجلس في مقاعد المتفرجين مثلك مثل الموجود في الملعب تنادي وبأعلي صوتك علي اللاعب بتسديد الكرة. فالعدالة صارمة.
❊❊ هل لك أن تقدم لنا خارطة طريق لسيناريو مصر في المرحلة المقبلة، بحسب الأولويات، فهل تحتاج مصر إلي رئيس قوي أم إلي دستور قوي أم إلي استقرار أمني؟
سؤال صعب فالثلاثة مطلوبون فالمقدمة مكونة من ثلاثة عناصر حد أدني من الاستقرار الأمني يقضي علي أعمال البلطجة والفوضي ثم يأتي بعد ذلك مباشرة التصدي الصريح للمشاكل ذات الأولوية في حياة الأغلبية ووضع حد أدني للأجور لهذه الأغلبية ولو اقتضي ذلك تأجيل تنفيذ الخطة جزئيا من 3 إلي 6 شهور فالناس تستغيث، فهل أتركها لما البلد تتحرق؟ أا العنصر الثالث أن يعالج الصدأ الذي طرأ علي الشخصية المصرية والتراجع الذي طرأ علي مكانة مصر في العالم هذه مكانة نريد أن نستردها فمصر مكانتها في أفريقيا تراجعت وضعفت جدا فهناك قضايا موجودة مثل قضية المياه وقضية انفصال جنوب السودان والتي تعد شاهدا حيا علي أن مصر قصرت في تحركها تجاه هذه القضية فضلا عن تراجعها عربيا.
❊❊ قلت الأمن والاستقرار أولي الأولويات فأين الدستور والرئيس وأيهما يأتي في المقدمة؟
أري أن الدستور أولا لأنه سيحدد اختصاصات الرئيس وسلطاته فهذا هو الترتيب الطبيعي، أما هذا لم يحدث فيتوقف علي أن الانتخابات تتم بشفافية تامة.
❊❊ مؤخرا زار أردوغان مصر فكيف تفسر ما قاله من أن مصر يمكنها أن تأخذ بالنموذج التركي؟
في السياق النموذج مختلف ففي تركيا الجيش قوة مشاركة في الحياة السياسية وكانت مشاركته متجاوزة الحدود المعقولة.. فهم من خلال الإنجاز العملي للحزب الحاكم الذي يرأسه أردوغان أمكن التغلب أو تعديل هذه المعادلة وتسكين الصراع في داخلها بين الجيش والقوي المدنية.. أما مصر ليس عندها هذا فحياتها مدنية والجيش يؤدي دوره في حماية البلاد وحماية الحدود وحماية الاستقلال فليس منافسا لأي أحزاب في الجبهة الداخلية.. ومن ذكائه عندما قال إن تركيا ليست دولة دينية لكنها علمانية أقول إنه زعيم لحزب إسلامي فليس من المعقول أن كل كلمة ونصف نقول الإسلام الإسلام..
فعندنا بعض الدعاة خنقوا الناس برؤيتهم للإسلام للإسلام والحديث في قضايا النقاب وغيرها وقد نهي النبي ([) عن الاشتغال بسفساف الأمور.
❊❊ هل أنت قلق من الوضع الحالي في مصر؟
نعم قلقي يبدأ من أن هيكل السلطة غير واضح بشكل كاف والتنسيق بين المؤسسات التي تمثل هذه السلطة ليس واضحا بشكل كاف والرأي العام يعيش في دائرة اقتصادية.. أخشي أطيافها القاتمة تسبقنا إلي أمور لا يعلمها إلا الله..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.