يهل اليوم العام الميلادي الجديد »2102« علي مصر المحروسة وكل دعوات المصريين بكل اطيافهم تتجه الي المولي عز وجل ان ينعم عليها بالسكينة والاستقرار وان يعيد إليها عرش الامن والامان توثيقا لما جاء بكتابه المبين »ادخلوا مصر انشاء الله أمنين«. لا جدال ان الثورة التي شهدتها هذه الارض المباركة بداية العام الذي مضي »1102« كانت حدثا مدويا اهتزت وانبهرت به الدنيا. كان منتظرا ان تقودنا هذه الثورة التي استهدفت الفساد السياسي والاقتصادي ومتبنية تطلعات الشعب الذي دعمها وأيدها الي الاصلاح والتغيير لبناء دولة ديمقراطية حرة تتيح العيش الكريم للجميع علي أساس من المواطنة الحقة. لكن وكما يقولون دائما فإن »الحلو ما يكملش« تمثل ذلك في الناتج غير الطيب لهذا الزلزال الثوري وغير المتوقع والذي وصفه الشيخ محمود عاشور وكيل الازهر الشريف السابق بانه يخرج الكثير من الاشياء الغريبة وغير السوية. لقد كانت الفوضي والانفلات الامني وسقوط الشهداء وتعطل الانتاج وعجلة الحياة واشتعال الصراعات ومؤامرات اختطاف هذه الثورة والجنوح بأهدافها أهم الانعكاسات السلبية التي مازلنا نعاني منها حتي الآن. ادت هذه الاحداث الي ان يسود ارجاء الوطن القلاقل والشعور بالاحباط وتصاعد الخلافات التي اثارت الفرقة بعد حالة التوحد الشامل التي سيطرت في الاسابيع الاولي للثورة بصورة غير مسبوقة. لا يخفي ان الاخطاء الجسيمة التي وقع فيها المجلس الاعلي للقوات المسلحة بعد ان اسندت اليه مسئولية ادارة شئون البلاد باجماع كل الآراء عقب اسقاط النظام الحاكم السابق.. كانت وراء كل ما جري ويجري وما هو قادم. جاءت البداية بتوجيه بوصلة الاصلاح في الاتجاه الخطأ الذي يحرمنا من بناء الدولة العصرية الديمقراطية الحديثة علي الاسس السليمة. لقد سلم ذقنه طواعية الي لجنة يوصم بعض اعضائها الرئيسيين بالانحياز لتيار بعينه وهو الامر الذي يتنافي وما تتطلبه مرحلة ما بعد الثورة بأن يشارك الجميع وبلا استثناء في عملية البناء. هذه اللجنة التي اسند اليها القيام باعداد التعديلات الدستورية للاستفتاء عليها بما يؤدي إلي عبور هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن.. لم تلتزم الاصول اللازمة لهذا البناء والذي سبقتنا اليه كل دول العالم الي التقدم والازدهار. انها عملت الي ان تؤدي تعديلات الدستور التي اعدتها عامدة متعمدة الي ان تكون الانتخابات التشريعية والرئاسية اولا بدلا من الطريق القانوني الصحيح الذي كان يحتم ان يكون الدستور اولا باعتباره البناء المؤهل والمتين لاقامة الدولة المأمولة. كل التجارب اكدت انه لا يمكن اقامة بناء بدون توافر الأساس الذي يتحمله في كل مراحله وهو ما يمثله الدستور. من هنا أقول وأؤكد ان هذا الخطأ يتحمل وزره المجلس الاعلي للقوات المسلحة بتبعاته الخطيرة المتمثلة في هذه المحنة التي تعاني منها مصر والتي امتدت نيرانها إليه. ولقد تنبه المجلس لهذا الخطأ البالغ بعد فوات الاوان وتفاقم الامور بما اتاح للتيارات المستفيدة من هذا الخطأ ممارسة التهديد والوعيد والضغوط لمنع اصلاحها. كان من نتيجة هذه التطورات السلبية المناقضة لاهداف الثورة ان تأخرت عملية بناء الدولة لاكثر من تسعة شهور. ان كل الخبراء المختصين يؤكدون انه لو كانت الامور قد صارت بنقاء وشفافية وعلي الاسس السليمة المتعارف عليها لتم اعداد دستور الثورة في فترة لا تتجاوز ثلاثة شهور علي الاكثر لتبدأ بعد ذلك الانتخابات التشريعية والرئاسية والتي لم تكن تحتاج لاكثر من ستة شهور. معني ذلك انه لو تمت خطوات البناء بهذه الصورة كان مؤكدا اعلان قيام الدولة المصرية الديمقراطية الحديثة بعد تسعة شهور من قيام الثورة علي اكثر تقدير.. اي قبل نهاية العام الذي انتهي امس. أستطيع أن اقول أن كل ما حدث من تطورات ومعاناة واخطار خلال الشهور الاخيرة من هذا العام المنصرم ومكتملاته القادمة ما هو الا وليد هذا الخطأ الجسيم الذي جسدته ملابسات توقيت ووضع التعديلات الدستورية وطرحها للاستفتاء . كل هذه الاحداث الخاطئة والتي اصبحت واقعا.. ليس هناك ما يقال سوي ان ندعو الله جميعا في بداية العام الجديد ان يسدد علي طريق الخير والسلامة خطي مصر والشعب.. والله يهدي الجميع.. آمين يارب العالمين.