يحدثنا الدالاي لاما عن التحديات الصعبة التي تواجه الحريصين علي التعايش السلمي بين الأديان ما دامت كلها تدعو إلي حياة أفضل للبشرية. فمن رأيه أن التحدي الأكبر نراه في الصعوبة التي يواجهها البعض عندما نحترم التزامه بتعاليم ديانته التي يعتبرها الأصح والأصلح ونتوقع منه في الوقت نفسه أن يحترم التزام الآخرين بدياناتهم المختلفة. فهذا البعض يتصور أن إيمانه بدينه الذي ولد ونشأ عليه هو طريقه الوحيد للفوز بحياة أفضل في الدنيا وسعادة غير مسبوقة في الآخرة، فكيف يطلب منه إذن أن يقتنع بوجود طرق مماثلة بالنسبة للآخرين من ديانات غير ديانته؟! كأن المطلوب: من البوذي أن يقتنع بأن هناك ديانات أخري تحقق للمؤمنين بها ما تحققه البوذية له! ومن المسلم أن يتخلي عن الإيمان بأن الدين الإسلامي الذي أوحي الله به لسيدنا محمد هو الحقيقة الكاملة ولا حقيقة غيرها! ومن المسيحي أن يوافق علي شرعية ديانات أخري تأتي بتعاليم غير تلك التي جاء بها السيد المسيح! ومن اليهودي أن يتقبل العيش مع غير اليهود في سلام ومساواة وتجاهل مقولة أن اليهود هم شعب الله المختار وديانتهم هي السماوية الوحيدة! ويتابع الدالاي لاما طرح تساؤلاته التي توقف أمامها في دراساته للأديان وما قرأه وسمعه وقاله. فهو يذكرنا بأن اختلاف الأديان قادنا تاريخياً إلي صراعات فكرية تحول بعضها إلي حروب دامية أودت بحياة الملايين من كل الديانات والأجناس. اندلعت تلك الحروب من أجل محاولة البعض فرض ديانته علي غيره. وهو ما لم يتحقق طوال القرون العديدة الماضية. ويعطينا الدالاي لاما أمثلة علي ذلك فيقول أن بوذا فشل ليس فقط في نشر ديانته في العالم، وإنما فشل حتي في إقناع معظم سكان الهند باعتناق البوذية. كما أن الديانة الهندوسية رغم سعة انتشارها في الهند إلاّ أنها لم تحقق إنتشاراً يذكر في بعض المناطق. اليهود المتطرفون فشلوا في وقف انتشار الدين المسيحي رغم كل ما قالوه، وأشاعوه، وفعلوه، ضد المسيح و والدته، والتشكيك في سماوية دينه. وتحت شعار المسيحية خاض المتطرفون بعد رحيل السيد المسيح وضد تعاليمه حروبا واسعة سعياً لتبشير الآخرين به واعتناقه، ولم ينجح المتطرفون في نشر المسيحية في العالم كله. ويختتم الدالاي لاما أمثلته بالدين الإسلامي فيقول: إن الإسلام يدعو إلي الانتشار بالموعظة الحسنة وليس بالعنف، كما يفعل المتطرفون في الماضي والحاضر. ليس هذا فقط بل أنه أي الإسلام الأصلي والحقيقي يؤمن بالديانات السماوية التي سبقته، ويطالب المسلمين بحسن معاملة المسيحيين واليهود بدليل استمرار وجودهم داخل معظم دول منطقة الشرق الأوسط منبع الأديان السماوية حتي اليوم وغداً. البشرية تحسب بنحو 6مليارات نسمة.الرقم مخيف وبالتالي فمن المستحيل كما يقول الدالاي لاما في كتابه أن تجمع هذه المليارات المتعددة علي دين واحد أو عقيدة واحدة. فما أكثر الديانات والثقافات والعادات والتقاليد التي تفرق بين شعوب وأخري في قارات الدنيا الخمس. .. وللحديث بقية.