التيار الإسلامي بعدما ضمن أغلبية مريحة في مجلس الشعب القادم ازداد تشددا ورفضا لأية محاولة لوضع معايير وآليات اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور الجديد.. قيادات هذا التيار ومعهم بعض القوي السياسية الأخري تصف أي محاولة من هذا النوع بأنها التفاف علي الإعلان الدستوري الذي جعل هذا الأمر من اختصاص البرلمان الجديد وحده وهذا غير صحيح.. فما تدعيه هذه القيادات هو تفسير خاطئ للإعلان الدستوري والتفاف علي مقصده.. وهو ما يذكرني بالمثل القائل »ضربني وبكي.. وسبقني واشتكي« ! نص الإعلان الدستوري في مادته ال»06« يقول »يجتمع الأعضاء المنتخبون من مجلسي الشعب والشوري في اجتماع مشترك لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولي إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها«. ولم يشر الإعلان الدستوري من قريب أو بعيد لمعايير وآليات اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية.. فماذا يضير التيار الإسلامي أن تحدد هذه المعايير قبل انتخاب البرلمان بحيث تضمن تمثيل كل فئات الشعب وكل ألوان الطيف السياسي حتي يأتي الدستور الجديد معبرًا عن الشعب كله وليس الأغلبية البرلمانية فقط.. ويترك للبرلمان بعد ذلك انتخاب أعضاء هذه الجمعية. في كل دول العالم لا تضع الأغلبيات البرلمانية الدساتير لأن الأغلبية البرلمانية قد تتغير مع كل انتخابات بينما الدستور هو عقد اجتماعي يستمر العمل به لسنوات طويلة قد تصل إلي 03 أو 04 سنة.. ولهذا لابد أن تضعه لجنة تمثل كل فئات الشعب ليأتي معبرا عن الشعب كله.. أما إذا اخترنا بمبدأ أن الأغلبية تضع الدستور فقد نجد أنفسنا مضطرين لوضع دستور جديد كلما جاءت أغلبية برلمانية جديدة.. وهذا أمر غير متصور بالطبع. رفض التيار الإسلامي وضع معايير مسبقة لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور الجديد يزيد من تخوف الناس من توجهات ونوايا هذا التيار.