هذا السؤال الشائك جدا ستحدد إجابته لدرجة كبيرة شكل الحياة فى بلدنا، خاصة أن الدستور هو الذى سيحدد نقاطاً كثيرة غامضة وحولها جدل، ومنها: هل ستتبع مصر النظام الرئاسى أم البرلمانى وهل ستكون مصر دولة مدنية أم سيتم استخدام لفظ آخر وما يزيد من حالة الارتباك والقلق التصريحات المتضاربة حول من سيختار أعضاء اللجنة التأسيسية التى ستضع الدستور فاللواء مختار الملا أكد أنه لابد من أخذ رأى المجلس الاستشارى والحكومة أيضا فى أعضاء تلك اللجنة بينما أعلن اللواء ممدوح شاهين أن اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية من حق البرلمان فقط. وبالتأكيد هناك تيارات وقوى سياسية تبحث عن مصالحها فى الدستور القادم، وبالتالى لن تسمح بوجود أعضاء فى اللجنة التأسيسية يهددون تلك المصالح، خاصة قوى تيار الإسلام السياسى التى من المتوقع إذا ما استمر الحال على ما هو عليه فى المرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات أن تسيطر على البرلمان وبالتالى تسيطر على اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور ليأتى فى النهاية الدستور كما تريده هى حتى وإن تم الاستفتاء عليه بعد ذلك من الشعب الذى يتم التلاعب بالبسطاء منه باسم الدين والجنة والنار. وكان واضحا أن تلك التيارات تضع عينها وبقوة على الدستور وترفض أى محاولات لإبعادها عن مشهد وضعه بدليل المليونية الضخمة التى خرجت بها تلك التيارات ضد ما عرف بالمبادئ الدستورية للدكتور على السلمى حتى بعد أن تم التوافق عليها وإلغاء البنود محل الجدل بما فيها تلك البنود الخاصة بالقوات المسلحة .. هذا الوقوف القوى فى وجه أى محاولة للتدخل فى وضع الدستور بشكل لا يؤمن مصالح تلك التيارات ورؤيتها يؤكد أنه من المتوقع حدوث مشاكل فى اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور. وإذا كانت هناك الآن مخاوف لدى الكثيرين على مستقبل السياحة والاقتصاد والبنوك والفن وغيرها من أوجه الحياة التى تحمل تلك التيارات رؤية مغايرة لها فإن التخوف الأكبر يكمن فى تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور ثم فى مواد الدستور نفسها التى سيستفتى عليها الشعب.. وهى مخاوف فى محلها خاصة ما يتعلق بمدنية الدولة ونظامها السياسى وهل سيكون رئاسيا أم برلمانيا وغيرها من التفاصيل الرئيسية التى ستحسم شكل الحياة فى مصر. إنها المعضلة التى ستلى الانتخابات مباشرة ولا يوجد ضامن حتى الآن لدستور يعبر عن أحلام جموع المصريين وعن حالة التوافق بين الجميع سوى أن يأتى تشكيل اللجنة التأسيسية معبرا عن كل فئات وطوائف الشعب وليس عن تيار بعينه فلابد أن تشمل هذه اللجنة أشخاصا لهم مصداقيتهم واحترامهم لدى المصريين جميعا خاصة أن شعبنا الطيب الذى سيتم استفتاؤه على تلك المواد يتعرض للألاعيب وخداعات كثيرة لن تكون بالطبع بعيدة عن هذا الاستفتاء.. والأيام القادمة ستجيب على السؤال المربك والمحير: من يضع الدستور؟ ويا رب احفظ مصر.