أخبار الأهلي: بيبو وعدلي في تونس للترتيب لاستقبال بعثة الأهلي    جامعة حلوان تنظم ورشة عمل للتعريف باختصاصات عمل وحدة مناهضة العنف ضد المرأة    تراجع جماعي للبورصات الخليجية وسط ترقب لبيانات التضخم الأمريكية    5 معلومات عن السيارات الكهربائية في مصر |إنفوجراف    تنظيم 10 ندوات لمناقشة المشكلات المجتمعية المرتبطة بالقضية السكانية في شمال سيناء    جيروم باول: الفيدرالي الأمريكي سيحتاج إلى التحلي بالصبر بشأن التضخم    شكري ردا على «خارجية الاحتلال»: نرفض لي الحقائق.. وإسرائيل سبب الأزمة الانسانية بغزة    وزارة الأوقاف تفتتح 12 مسجدًا الجمعة القادمة    الرحيل أم الاستمرار؟.. مصير كريستيانو رونالدو مع النصر السعودي    ضبط أجنبية يقوم بالتنمر على الفتيات المارة    الأجهزة الأمنية تعثر على طفل بأبو النمرس    المخرج محمد محمود: فكرنا فى إنشاء مهرجان لعرض أفلام المخرجين الشباب    الأربعاء.. انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمعرض زايد لكتب الأطفال    بعد تصدرها التريند.. ما هي آخر أعمال نسرين طافش؟    الجنائية الدولية: نسعى لتطبيق خارطة الطريق الليبية ونركز على تعقب الهاربين    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية الهندسة    دولة أوروبية تنوي مضاعفة مساعداتها للفلسطينيين 4 أضعاف    متاحف وزارة الثقافة مجانًا للجمهور احتفالا بيومها العالمي.. تعرف عليها    حرب غزة تنتقل للموسيقى الأوروبية.. "يوروفيجن" تدعم إسرائيل وجيتار بريطاني ينتصر لفلسطين    وزيرة الهجرة: للمجتمع المدني دور فاعل في نجاح المبادرات القومية الكبرى    شعبة الأدوية: الشركات تتبع قوعد لاكتشاف غش الدواء وملزمة بسحبها حال الاكتشاف    مصرع شخص غرقاً فى مياه نهر النيل بأسوان    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من اضطراب الملاحة وسرعة الرياح في 3 مناطق غدا    «على قد الإيد».. أبرز الفسح والخروجات لقضاء «إجازة الويك اند»    الحكم على 3 مُدانين بقتل شاب في بورسعيد    يخدم 50 ألف نسمة.. كوبري قرية الحمام بأسيوط يتجاوز 60% من مراحل التنفيذ    برلماني: مصر قادرة على الوصول ل50 مليون سائح سنويا بتوجيهات الرئيس    نائب محافظ أسوان تتابع معدلات تنفيذ الصروح التعليمية الجديدة    "أغلق تماما".. شوبير يكشف ردا صادما للأهلي بعد تدخل هذا الشخص في أزمة الشحات والشيبي    الشيبي يظهر في بلو كاست للرد على أزمة الشحات    لماذا أصبح عادل إمام «نمبر 1» في الوطن العربي؟    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    قبل البيرة ولا بعدها؟.. أول تعليق من علاء مبارك على تهديد يوسف زيدان بالانسحاب من "تكوين"    وزير التعليم يفتتح الندوة الوطنية الأولى حول «مفاهيم تعليم الكبار»    «الزراعة»: مشروع مستقبل مصر تفكير خارج الصندوق لتحقيق التنمية    مقبلات اليوم.. طريقة تحضير شوربة الدجاج بالمشروم    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    التشكيل الرسمي لمباراة الاتحاد السكندري وسموحة في الدوري    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    وائل كفوري يطرح أحدث أغانيه «لآخر دقة» (فيديو)    رئيس مجلس الدولة يتفقد المقر الجديد بالقاهرة الجديدة    تصريحات كريم قاسم عن خوفه من الزواج تدفعه لصدارة التريند ..ما القصة؟    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    وزير الدفاع البريطاني: لن نحاول إجبار أوكرانيا على قبول اتفاق سلام مع روسيا    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    رسميا مانشستر يونايتد يعلن رحيل نجم الفريق نهاية الموسم الحالي    داعية إسلامي: يوضح ما يجب على الحاج فعله فور حصوله على التأشيرة    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    5 شروط لتملك رؤوس الأموال في البنوك، تعرف عليها    فى أول نزال احترافى.. وفاة الملاكم البريطانى شريف لوال    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    أبو الغيط: العدوان على غزة وصمة عار على جبين العالم بأسره    أحمد الطاهرى: فلسطين هي قضية العرب الأولى وباتت تمس الأمن الإقليمي بأكمله    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين 25%    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الاخبار
الناقلون لسُنة النبي [ص)
نشر في الأخبار يوم 22 - 12 - 2011

قال تعالي »وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون« وأوجب عليهم عمارة الأرض من خلال هذه العبادة بتنفيذ أوامره والبعد عن نواهيه
أرسل الله سبحانه وتعالي نبيه محمد [الي العالمين بدين الإسلام وأنزل عليه القرآن وجعله هدي وبركة وبشري للمسلمين، وبيَّن فيه هدف الخلق وأنه عبادة الله قال تعالي »وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون« وأوجب عليهم عمارة الأرض من خلال هذه العبادة بتنفيذ أوامره والبعد عن نواهيه. وسُنة رسول الله [ التي أمرنا باتباعها هي كل قول أو فعل أو تقرير أو صفة أضيفت الي رسول الله [ ولقد قام الصحابة الكرام - وهم الذين اجتمعوا بالنبي [ في حياته وآمنوا به وماتوا علي ذلك - بفضل ما سمعوه أو رأوه أو شاهدوه من اقوال وأفعال النبي [ وكذلك موافقاته وما حدث أمامه فلم يعترض عليه، وكذلك أوصافه وما نسب إليه، وهذا الذي نسبوه ونقلوه عن النبي [ تحدثوا به للجيل الذي بعدهم، وهم الذين يسمون بالتابعين، ثم جاء جيل بعد اولئك فأخبروهم بما سمعوه من الصحابة وعند ذكرهم لأي كلام سمعوه كانوا يخبرون عن الشخص الذي نقل لهم هذا القول من الصحابة وكذلك كان يفعل تابعو التابعين فيذكرون انهم سمعوا من فلان من التابعين يذكر انه سمع علانا من الصحابة انه سمع رسول الله [ يقول كذا. ان جيل الصحابة قدر عدده 411 ألف شخص، علي ان الناقلين لكلام النبي [ وما له منهم لا يتجاوز الالفين، وهو الجيل الذي منه أبوبكر وعمر وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وانس بن مالك ومعاذ بن جبل وأبوهريرة وغيرهم وكل اولئك الصحابة منزهون عن الكذب، فكلهم صادق حيث تبين صدقهم من سلوكهم المتميز، والتزامهم الشديد بأوامر الدين وتأثرهم بالتربية النبوية التي رباهم عليها النبي [ والتابعون هم الذين شاهدوا الصحابة وهم طبقات: كبار ومتوسطون وصغار وذلك حسب معاصرتهم لعدد اكبر من الصحابة فمن ادرك ابابكر وعمر وعثمان وعلي فأولئك هم كبار التابعين وهم كالصحابة كلهم ثقات، وهناك المتوسطون وهم الذين رأوا معظم الصحابة واولئك الاصل فيهم الثقة والصدق. ومن أجل توثيق الاحاديث والتثبت من نسبتها الي سيدنا رسول الله [ دوّن المسلمون الاحاديث، ووضعوا علوما تخدم هذه العملية التوثيقية فوضعوا علم الرجال وهو علم يتكلم فيه عن الرواة من هم؟ أين ولدوا، ومتي ماتوا ومن هم اساتذة كل راو ومن هم تلامذته وبمن التقي وتقابل وما هي درجة ضبطهم وحفظهم ودقتهم في الرواية، وما هي درجة صدقهم ونشأ من ذلك علم آخر يسمي بعلم الجرح والتعديل وهو يهتم بالقواعد التي يتم بها الحكم علي اولئك الرواة وكذلك الطرق التي تتخذ عند اختلاف الناس في أحد الرواة فيقول بعضهم انه ثقة وآخرون انه ليس بثقة سواء أكان غير الثقة هذا قليل العلم أو التقوي أو الضبط أو الصدق أو انه كاذب. وقد قال الشيخ مصطفي صبري رحمه الله في هذا المقام: ان الطريقة المتبعة في الاسلام لتوثيق الاحاديث النبوية لا تدانيها في دقتها وسموها أي طريقة علمية غربية اتبعت في التوثيق، ففي صحيح البخاري مثلا الفان وستمائة واثنان من الاحاديث المسندة انتقاها البخاري من مائة ألف حديث صحيح يحفظها، فهل سمعتم أو سمعت الدنيا ان كتاب تاريخ في هذا الحجم يروي ما فيه سماعا من الفي رجل ثقة يعرفهم المؤلف بأسمائهم وأوصافهم وسمعها فلان وهو من فلان الي ان اتصل بالنبي [ فيقام لكل سطر من سطور هذا الكتاب مشهود من الرواة فيتحملون مسئولية روايته. يكفي أيها السادة ان يعلم العالم الغربي عن اشياء مثل هذه اختص بها الاسلام تثبت حجية السنة الشريفة ولا نظير لها في العالم.
الحديث رواية
ونشأت عند المسلمين علوم اخري لخدمة الحديث النبوي منها علم المصطلح والذي يبين أنواع الروايات المختلفة ودرجاتها وكيفية الحكم علي الحديث سواء علي سلسلة الرواة وهو ما يسمي بالسند أو علي المتن وهو نص الحديث نفسه ونشأ من ذلك علم الحديث رواية وعلم الحديث دراية فعلم الحديث رواية هو العلم الذي يهتم بسوق الحديث من ناحية سنده ومتنه، وعلم الحديث دراية هو الذي يهتم بالحكم علي هذا المنقول بالقبول أو الرفض. ومن تلك العلوم الكلام عما يتعلق بالحديث من ناحية اللغة: النحو والصرف وغريب اللغة وشكل الالفاظ، ومنها ما تحدث عن الاختلاف الواقع بين حديثين وكيف نزيل هذا الخلاف الظاهري حيث انه لا خلاف حقيقي بين الاحاديث. بل ان علم الفقه من العلوم التي خدمت الحديث حيث يعد الفقه تفسيرا لاحاديث الاحكام الواردة في السُنة المشرفة.
عصر التابعين
انتهي عصر الصحابة بموت آخرهم وهو الطفيل بن عامر سنة 011ه وانتهي عصر التابعين بموت آخرهم وهو ابوحنيفة وطبقته سنة 051ه وظلت الرواية قائمة من جيل إلي جيل حتي اواسط القرن الخامس الهجري فكان من اواخر من سجل الاحاديث في كتبهم البيهقي »ت 854ه« الخطيف البغدادي »ت 364ه« فلم نجد رواية شفوية بعد عصر هؤلاء ولم تسجل في الكتب بل أصبحت كل الاحاديث مروية في كتب ومدونة في مجاميع.
وتلا هذا رواية للكتب نفسها وإستمر ذلك من القرن الخامس الي يومنا هذا، ولكن قبول الحديث ورفضه مبني علي نقد السند والمتن المسجل في كتب الرواية، ولاينظر الي سند الكتاب إلينا، فعلماء الحديث في عصرنا الحاضر معهم رواية لكتاب مثل السنن الكبري للبيهقي فلا ينظر لنقد الحديث في رواة الكتاب من محدث عصرنا حتي البيهقي بل ينتظر في رجال السند من البيهقي حتي رسول الله [ وبناء علي ذلك يقبل الحديث أو يرفض.
كتب السنن
واثناء الرحلة الطويلة للحديث النبوي سجل ذلك الحديث في كتب كثيرة تعددت اغراضها ومداخلها لوجد الحديث في كتب الصحاح وهي كتب اقتصرت علي جمع الاحاديث التي صححها مصنفوها مثل صحيح الإمام البخاري وصحيح مسلم، وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن السكن وغيرها، وفي كتب السنن وهي كتب جمعت الاحاديث النبوية مرتبة علي الابواب الفقهية من الايمان والطهارة والصلاة والزكاة الي اخر تلك الابواب وهي مثل سنن الترمذي وابي داود والنسائي وابن ماجه وسند الشافعي والدرامي والبيهقي وغيرها ومنها كتب المصنفات والجوامع وهي كتب تشتمل علي جميع الانواع المحتاج اليها من العقائد والاحكام والفقهية والرقائق والآداب، وما يتعلق بالتفسير او التاريخ والسير واخبار ومثال بعض الاشخاص أو الامم وغير ذلك، ومن هذه الكتب المصنف لابن ابي شيبه ومصنف عبدالرزاق وكتاب الآثار لمحمد بن السنن الشيباني وكتاب الأم للإمام الشافعي وتهذيب الاثار لابي جعفر الطبري وشرح السنة للبغوي وجامع مسلم بن الحجاج وغيرها كثير، ايضا هناك كتب المستدركات والمستخرجات. ومنها كتب المسانيد، والمُسند كتاب جعل الاحاديث المروية عن صحابي واحد من مكان واحد سماه المسند مثل سند احمد بن حنبل ومسند ابي داود والطيالسي وغيرها، ومنها المعاجم وهي كتب جعلت احاديث كل شيخ من شيوخ المؤلف علي حدة مثل معاجم الطبراني الثلاثة. ومنها كتب في التفسير جمعت الاحاديث التي وردت في تفسير القرآن مثل ابن جرير الطبري وابن مردوية ومنها كتب في التاريخ كتاريخ بغداد للخطيب البغدادي وذيله لابن النجار ومنها كتب المغازي والسير كسيرة ابن اسحق ومنها كتب في مسائل مفردة كجامع بيان العلم لابن عبدالبر وحيلة الاولياء لابي نعيم الاصبهاني. ومنها أجزاء حديثية كأن يجمع عالم احاديث مسألة معينة كالوضوء او الاضحية او الجهاد في كتاب واحد وهذه منها آلاف الكتب ومنها ان يجمع حديثا واحدا بكل طرقه في كتاب واحد وهي المشهورة بالاجزاء الحديثية وهي كثيرة جدا. وهذه الكتب التي ذكرت فيها الاحاديث بأسانيدها حصرها الشيخ محمد بن جعفر الكثابي في كتابه المانع »الرسالة المستطرفة في بيان شهور السنة المشرفة« فأورد فيها اكثر من ثلاثمائة كتاب مسند. ومن القرن الثامن حتي الثالث عشر الهجري ألف كثير من العلماء والمحدثين كتبا اوردوا فيها الاحاديث بأسانيدها يحفظونها لنا ولو ضاعت اصولها. منهم الحافظ السيوطي (119 ه) في كتب كثيرة كترجمات القرآن وهو تفسير بالمأثور مع ذكر الاسانيد ومنهم الحافظ الغاوي في شرحه علي الجامع الصغير للسيوطي (ت 1391 ه) والزبيدي (5021 ه) في شرح احياء علوم الدين المسمي (باتحاف السادة المتقين شرح احياء علوم الدين).
صحيح البخاري
كما ان كثيرا من شراح الاحاديث ساهموا في حفظ السنة المسندة كالحافظ ابن حجر (258 ه) في كتبه الكثيرة وخاصة فتح الباري في شرح صحيح البخاري. وكذلك هناك من جمع الكتب وانشأ المجاميع، منهم الحافظ ابن كثير 477 في كتاب جامع المسانيد والسيوطي في الجامع الكبير وابن حجر في المطالب العالية ونور الدين الهيثمي (708 ه) في مجمع الزوائد، وهذه تعد محاولات في طريق موسوعة الحديث التي راودت المسلمين من القرون الأولي كما سنري.
علم الرجال في قرون الرواية
كما ظهر علم الرجال في قرون الرواية ليحصد الرواة ويحكم عليهم وبين مدي الوثوق بعلمهم ونقلهم وضبطهم فقد ظهر ايضا علم الاثبات والفهارس وهو مختص بذكر رواة الكتب إلينا وهي المساحة التي سبق ان ذكرنا انها ليست محلا للنقد والتصحيح والتصنيف. وهي المزية التي انفردت بها امة محمد [ عن باقي أمم وأديان الأرض.
فأسماء الرواة الي الإمام البخاري مثلا سند وسلسلة يروي بها كتاب البخاري وهي ليست محلا للنقد ولا لبحث عدالة اولئك الرواة من عدمها ولا يحكم علي الحديث بناء علي ذلك، وهي سلسلة مهمتها استمرار تلقي كل جيل العلم عن الجيل الذي قبله، واتصال الاسانيد للحفاظ علي مزية الأمة حيث لا تهتم أي أمة ولا أي دين بنقل تراثهم عن طريق الإسناد. أما من البخاري الي سيدنا رسول الله [ فهو السند الذي ينتظر فيه ونبحث عن كل من الرواة وعن تاريخ حياته ومدي مكانته في العلم ومدي ثقته وعدالته ووعيه لنقل الأحاديث وهل قابل من قبله وقابله من بعده أو أن هناك أسماء ساقطة من ذلك السند، فاذا كانت الرواة ثقات والسند متصل بعضه ببعض لينظر في المتن هل هو مخالف لباقي الروايات في نفس الموضوع أو مخالف لأصل من الأصول المقررة في القرآن أو السنة أو مخالف للواقع المحسوس المتطوع به فإن كان كذلك كان حديثا مردودا مرفوضا وإن كان خاليا من تلك المخالفات وسنده سليم كما قدمنا فهو حديث صحيح. علي أن تلك الشروط قد لا تتكامل بصورة تامة بل تحقق بعض الشروط بصورة غير تامة وإن كانت موجودة وحينئذ يقال للحديث حسن. وقد لا تتوافر تلك الشروط (كلها أو بعضها) وحينئذ فالحديث ضعيف.
وهذه الأحكام الثلاثة نصف بها الأحاديث المختلفة والصحيح نسميها الأحاديث المقبولة، والضعيفة نسميها الأحاديث المردودة، والضعيف درجات أسوأها الحديث الموضوع وأحسنها الضعيف المنجبر سمي منجبرا لأنه شبه بالشيء المكسور الذي جبر حتي يلتئم كسره. فإذا سرنا مع الحديث من عصر النبوة والصحابة الكرام تري انهم:
كانوا حريصين علي سماع الحديث من رسول الله[ وكانوا يقومون بتمحيص الرواه، فمن ذلك أن عليا رضي الله عنه كان يستحلف الرواه هل سمعوا ذلك من رسول الله [.
وتحرص الصحابة ان يذكروا إسناد الحديث ولم يكتفوا بنسبة الحديث الي رسول الله [ مباشرة.
علي ان بعض الصحابة كره كتابة الحديث منهم أبو سعيد الخدري وامتد ذلك الي التابعين فكره كتابة الحديث ايضا محمد بن سيرين والقاسم بن محمد وابراهيم النخعي وابي العالية والضحاك. ثم جاء دور التابعين فاقتدوا بالصحابة في اتخاذ الحيطة مع أنفسهم ومع الآخرين وزادوا في الاهتمام بالاسناد بقول ابن سيرين »لم يكونوا يسألون عن الاسناد« فلما وقعت الفتنة قالوا »سموا لنا رجالكم« فينظر إلي أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر الي اهل البدعة فلا يؤخذ حديثهم. وكان للتابعين دور في تدوين السنة لا يقل اهمية في توثيق الحديث عن دور الصحابة، إن لم يزد عليهم. ويطول بنا الامر ان استقرأنا صحف هؤلاء وكتبهم وما فيها من علم ومن سنة، إذ اننا ننبه الي ان هؤلاء كانوا همزة الوصل بين الصحابة في القرن الاول والمصنفين الاوائل في بداية القرن الثاني.
»صحيفة همام بن منبه«
وقد حفظ لنا التاريخ مثلا »صحيفة همام بن منبه« التي كتبها عن ابي هريرة ونقلها المصنفون بعد ذلك في القرن الثاني وما بعده. وقد نقلها الامام احمد بن حنبل في مسنده في موضوع واحد، وبسند واحد في اوائل الاحاديث.
وهكذا هيأ هؤلاء بتدوينهم علم الصحابة المادة المدونة لمن تصدوا لتصنيف المؤلفات الجامعة في الحديث، في النصف الاول من القرن الهجري.
وقد وضع التابعون مع هذا التدوين ضوابطه وأسسه التي تجعل الاحاديث تنتقل به انتقالا صحيحا فلا يعتريها تحريف أو تبديل. وظل الحديث ينتقل من قرن الي قرن حتي نهاية الرواية في القرن الخامس كما قدمنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.