تتواصل الأحداث المأساوية المؤسفة في مصر المحروسة وتفاقم مظاهر الانفلات الأمني مستهدفة ضرب الاستقرار مما ينعكس سلبا وبصورة خطيرة علي كل جوانب الحياة.. في ظل هذا المناخ الموبوء كان لابد من التحرك من أجل ايجاد وسيلة لإنقاذ السياحة.. صناعة الأمل من حالة الانحسار التي تعاني منها . إنها أصبحت لا تكاد تخرج من أزمة إلا لتجد نفسها منغمسة في أزمة جديدة دون أن تتاح لها أي فرصة لالتقاط الأنفاس. كان من نتيجة ذلك أن يسود الإحساس باليأس بين أكثر من 6 ملايين مواطن يجدون رزقهم من هذه الصناعة الواعدة. رغم هذه الصورة القاتمة مازال الأمل يداعب المسئولين عن تنمية هذه الصناعة في إمكانية عبور الأزمة وهو الأمر الذي يجعلهم لا يتوقفون عن بذل الجهود من أجل تحقيق هذا الهدف. ان ما يشجعهم ويحفزهم ويزيد من حماسهم للسير في هذا الطريق ان السياحة أصبحت وعلي مدي السنوات الأخيرة ركيزة أساسية للاقتصاد القومي. هذه المكانة تتمثل في اتاحة 5،2 مليون فرصة عمل الي جانب عدة ملايين اخري ترتبط بهذه الصناعة. كما ان البيانات المعلنة تشير إلي أن السياحة حققت دخلا للدولة بالعملات الحرة بلغت 5،21 مليار دولار عام 0102 تساهم في استيراد احتياجاتنا من الغذاء ولوازم الإنتاج ودعم الجنيه المصري. في نفس الوقت فإنها تستحوذ علي نسبة تقدر ب 21٪ من الناتج القومي.
بدافع من كل هذه العوامل الايجابية التي تعظم من المسئولية الوطنية في الحفاظ علي هذا الكيان الاقتصادي العملاق وتعبيرا عن عدم فقدان الأمل في إمكانية التعافي السياحي احتفل مساء الثلاثاء الماضي بتوقيع اتفاق اعلان مصر ضيف الشرف في معرض الدورة 64 لبورصة برلين I.T.B اكبر الاحداث السياحية علي مستوي العالم والتي من المقرر ان تبدأ فعالياتها في الاسبوع الأول من شهر مارس القادم. وقع علي الاتفاق عن الجانب المصري منير فخري عبدالنور وزير السياحة وعن بورصة برلين الرئيس التنفيذي دكتور كريستيان جوك. أقيم حفل التوقيع عند بانوراما الأهرامات بحضور العديد من كبار المسئولين ورموز وخبراء السياحة بالإضافة إلي الكتاب والصحفيين أعضاء جمعية الكتاب السياحيين. في هذه المناسبة قال وزير السياحة ان هناك أملا كبيرا في استقرار الأوضاع بمصر وأن تنتعش السياحة من جديد. أكد الأهمية التي تمثلها هذه الصناعة للاقتصاد القومي. أشار إلي ملايين فرص العمل التي توفرها وإلي دورها في الانعاش الاقتصادي بشكل عام. أضاف بأنه علي ثقة من أن أي تيار سياسي سيحكم مصر في ظل الديمقراطية لا يمكن إلا أن يدعم السياحة. قال انه لا يوجد خطر علي السياح الذين لم يتعرض اي منهم لاي خطر منذ ثورة 52 ينايرالتي ابهرت العالم. قال ان هذا كان دافعا لمبادرة الاتفاق الذي تم توقيعه مع إدارة بورصة برلين والذي سيجعل من مصر محورا لكل الانشطة والمطبوعات الخاصة بالبورصة. أبدي الوزير ثقته في أن هذا الاتفاق سوف يساهم في عملية الترويج الواسعة التي تقوم بها مصر حاليا. بعد ذلك تحدث كريستيان جوك المدير التنفيذي لبورصة برلين عن مكانة مصر السياحية والتأكيد علي ما يمكن أن تقدمه البورصة من دفعات قوية لإنعاش السياحة المصرية. كما ألقي رئيس هيئة السياحة الألمانية كلمة بهذه المناسبة مشيدا فيها بالامكانات السياحية المصرية وشغف السياح الألمان بمصر.
تذكرت وأنا أشهد وقائع هذا الحفل البداية التاريخية لبورصة برلين والتي كنت الصحفي المصري الوحيد الذي حضرها . كان ذلك عام 6691 وكنت وقتها في بعثة بترشيح من وزارة الاعلام لزيارة المؤسسات الصحفية وكُلفت من جريدة »الأخبار« التي كنت محررا بها للعمل كمراسل لها. وتقديرا من إدارة البورصة وبعد سنوات طويلة وفي إحدي دوراتها تم منح بعض هؤلاء الصحفيين الرواد وأنا منهم الدبوس الذهبي للبورصة في احتفال كبير أقيم لهذا الغرض. وحتي ندرك الأهمية الرفيعة لبورصة برلين فإنه لابد أن اشير إلي أن عدد الدول التي شاركت في أولي دورات بورصة برلين لم يكن يتجاوز 5 دول إلي جانب دعوة 21 صحفيا من كل انحاء العالم. لقد وصل عدد الدول حاليا إلي 881 دولة قام بتمثيلها 002.11 شركة تعمل في المجال السياحي والاف من الصحفيين بالاضافة الي ما يقرب من 003 ألف زائر ما بين باحثين عن مقصد سياحي ومنظمين وخبراء سياحيين. من ناحية أخري ارتفعت مساحة أرض البورصة من 052 متراً عام 6691 إلي 051 ألف متر في العام الماضي. لا جدال ان مشاركة مصر في بورصة برلين هذا العام كضيف شرف يعد حدثا ضخما سوف تجني من ورائه السياحة المصرية الكثير وهو ما يجعلنا ندعو الله بأن يسود الامن والاستقرار.