هل تأخرنا في معالجة ازمة مياه النيل مع دول الحوض »المنبع«؟ وهل اهملنا الاستراتيجية الواجبة للتعامل مع مطالب دول المنبع السبع حول اتفاقية اطارية بشأن تقاسم مياه نهر النيل وبما يضمن حقوق مصر المائية التاريخية وطبقا للاتفاقيات القائمة؟ وهل تركنا الخلافات تتفاعل إلي حد الازمة، وبالذات مع اثيوبيا التي تعارض اتفاقية 9291 وتبعتها الدول الاخري؟ ان القضية مازالت مطروحة للتفاوض ولابد من النظر اليها من زاوية مصلحة مصر وحقها التاريخي الثابت ومواجهة محاولات الابتزاز، ومن منظور ضرورة التفاهم بين دول الحوض »المنبع والمصب« ولذلك فإن من الضروري طرح مشروعات تنمية وتعاون وبحيث يكون الاساس هي زيادة ايراد النهر من مياه الفيضان والامطار الضائعة التي تتسرب معظم كمياتها في منطقة البحيرات الاستوائية ومنطقة الهضبة الحبشية، ويكفي ان حجم الامطار علي الهضبة الاستوائية واثيوبيا يتجاوز 1661 مليار متر مكعب والجزء الاكبر منها يتسرب إلي باطن الارض ويزيد مخزونها من المياه الجوفية ويبقي 001 مليار متر مكعب فقط لدول الحوض! ان الازمة لم تصل إلي طريق مسدود وانما هناك جولات اخري من المفاوضات بين دول الحوض في الشهور القادمة بعدما تأكد لها انه لابديل عن التفاوض، خاصة وان البنك الدولي »والدول المانحة« يشترط انه لابد من موافقة كل دول الحوض »بالاجماع« علي اي مشروع يتم اقامته علي نهر النيل أو روافده.. وهناك بوادر انقسام بين دول المنبع وخلافات حادة في اجتماع مدينة عنتيبي »في اوغندا« فقد وقعت اربع دول فقط »وهي اثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا« علي اتفاقية اطارية جديدة من جانب واحد بشأن تقاسم مياه نهر النيل، بينما اصدرت كينيا بيانا تؤيد فيه دون التوقيع وفي غياب الكونجو الديمقراطية وبورندي.. وتقضي الاتفاقية الجديدة بتقاسم مياه النهر بالتساوي بين الدول الاربع، وامكان تنفيذ مشروعات مائية فيها دون الرجوع إلي دولتي المصب »مصر والسودان«.. وقد وجه الرئيس الاريتري اسياس افورقي انتقادات صريحة لمواقف دول المنبع والتي تريد اعادة اقتسام المياه بغض النظر عن الاتفاقيات السابقة ووصف ذلك بانه »ابتزاز« .. واريتريا لها صفة المراقب في تجمع دول حوض النيل! وبنظرة علي موقف المياه في حوض النيل الذي يعتبر أطول الأنهار في العالم »0076كم« كما يلي: 1- الهضبة الاستوائية تمثل مورد 725 مليار متر مكعب ويصل منها إلي السد العالي 31 مليارا فقط بسبب الفاقد 5.79 في المائة! 2- بحر الغزال تقدر الامطار ب 445 مليار سنويا والفاقد الذي يتسرب في الغابات بنسبة 001في المائة ولا تصل تلك المياه. 3- الهضبة الاثيوبية تمثل امطارها 095 مليار متر مكعب ومعظم روافد النيل الازرق التي تحمل مياه الفيضان من الهضبة الاثيوبية وتمر في ممرات جبلية عميقة تجعل من الصعب التحكم في مياه الروافد باقامة السدود بسبب كميات هائلة من الصخور والرواسب. ان توقيع اي اتفاقية خاصة بحوض النيل بدون مصر والسودان يفتقد الشرعية الدولية، ومن جانب مصر فانها لن توقع علي اي اتفاق يمس حصتها من مياه النهر وحقوقها التاريخية ويستند موقفهاإلي اتفاق 9291 الذي تمت مراجعته في 9591 ويساند السودان موقف مصر وهناك اتفاقية بينهما بخصوص مياه السد العالي ولهما حق النقض فيما يتعلق بأي انشاءات يمكن ان تؤثر علي حصتها من مياه النهر مثل السدود وغيرها. ولا يخفي ان هناك مشروعات اسرائيلية لاقامة سدود صغيرة علي الانهار الداخلية في اثيوبيا! ولكن البنك الدولي اعلن امتناعه عن تمويل اية مشروعات علي نهر النيل ما لم توافق جميع دول الحوض! إن حسن الجوار بين دول النيل علي مدي التاريخ هو الذي يضمن حل الأزمة!