رأس مال مصر الحقيقي هو تراثها الحضاري والثقافي، هذا التراث هو الذي أكسب مصر مكانتها الفريدة والمتميزة علي الخريطة العربية والدولية باعتبارها تمتلك كل مقومات القوة الناعمة. هذه القوة تشكلت تراكميا عبر آلاف السنين، منذ أن عرف إنسان ما قبل التاريخ طريقه الي هذه الأرض الطاهرة علي جانبي النيل وترك لنا رسائله في شكل نقوش قالت الكثير الذي نباهي به كل دول العالم، حتي المائة عام الأخيرة. الآن، ونحن نبني مستقبلا جديدا، نحرق هذا التاريخ، ولو كان البكاء يكفي لإعادة المجمع العلمي المصري، ومحتوياته، من كنوز لاتقدر بثمن، لبكينا بدل اليوم أياما وتحول بكاؤنا لعويل، ولكن كل هذا لن يعيد التاريخ الذي حرقته أيد آثمة، تعرف ماذا تحرق، وما حدث في العراق، يحاولون الآن تكراره في مصر . وقفت كثيرا أمام صورة تتصدر الصفحة الأولي لصحف الصباح، تفاصيل الصورة لشاب يرفع يديه بعلامة النصر وبجواره مبني المجمع العلمي المصري، الذي بناه علماء نابليون بونابرت قبل مائتي عام، محترقا، وألسنة اللهب تأتي علي بقيته . حاولت أن أقرأ الصورة وتساءلت : علي من يتصور أنه حقق نصرا وفي أي شيء حقق هذا النصر ؟ الإجابة علي جيش بلادك الذي يحمي مكتسباتك وتراثك عبر آلاف السنين، واذا كان حرق الآثار والكنوز التي تعد أهم تراث انساني نصرا، فليس لدي ما أقوله سوي ان من يحسبون أنفسهم علي الثوار ارتكبوا جريمة لن يغفرها لهم العالم.. هذا ما صنعه لنا المحتل الفرنسي قبل مائتي عام، وهذا ما فعله من يدعون كذبا أنهم ثوار!