بدأت ماكينة تصريحات الثانوية العامة والقبول بالجامعات عملها مبكرا فأينما وجهت وجهك إلي اي صحيفة أو قناة فضائية أو اذاعية، ستجد المسئول الاول عن التعليم الجامعي يطل عليك متوعدا طلاب دفعة سنة الفراغ التعليمي أو دفعة الباقين للإعادة كما يحلو للبعض تسميتها، وهي تصريحات تنساب من حنفية مياه لا يتوقف جريانها، وجميعها تصب في قنوات هدفها التضييق علي الاسرة المصرية، والسير في طريق خصخصة التعليم، بعد ان تم التخلص من القطاع العام ببيعه بثمن بخس لعدد من المحظوظين من كبار المستثمرين، مصريين أو اجانب، والمستفيد الوحيد من هذا التضييق هي المدارس والجامعات الاجنبية التي غزت البلاد وابتليت بها مصر في العشرين سنة الاخيرة، دون سائر بلاد العالم وأصبحت عنوان الهيمنة الاقتصادية والتبعية الثقافية الاجنبية. ناهيك عن انتشار الشهادات الاجنبية التي اصبحت طريقا مأمونا للالتحاق بالجامعات المصرية وتهاوت الشهادة الوطنية امامها.. وهو مالم يحدث في أي دولة تصون هويتها وتحمي ثقافتها ووجودها.. وايضا لصالح الجامعات الخاصة والمعاهد الخاصة، وكل ما هو خاص، وكأن الاسرة المصرية ناقصة مشكلات ولا يكفيها ما تعانيه في حياتها اليومية من ازمات، ازمة تلو الاخري بلا رحمة ولا شفقة. قرأنا تصريحات لوزير التعليم العالي د.هاني هلال وهي تصريحات مخيبة لآمال 06 الف اسرة، يستعد ابناؤها لامتحان الثانوية العامة. لقد اكد الوزير ان القبول بكليات القمة سيتم في اضيق الحدود حماية لهذه الكليات من المستوي العلمي الهابط لطلاب سنة الفراغ التعليمي أو دفعة الراسبين والباقين للإعادة، وهذا القول في منتهي الخطورة، فهوي ينبيء عن ان الوزير يعلم وقبل ان يبدأ الامتحان بشهر علي الاقل عدد الناجحين والدرجات التي سيحصلون عليها.. وواثق انها درجات لا تؤهلهم للالتحاق بكليات الطب، أو الهندسة.. الخ وتشم منها ايضا رائحة أن هناك نية مبيتة لإنزال الاذي بالاسرة المصرية وصرفهم عن الجامعات الحكومية ليخلو الجو امام الجامعات الاجنبية والخاصة. كما كشفت ان هناك توجها خفيا لنسف ما جاء بدستور البلاد الذي اكد علي الحق في التعليم لكل مواطن، وتيسير الحصول عليه، باعتباره الطريق الآمن للانتقال من فئة اجتماعية إلي حياة افضل. ولا نذكرك يا معالي الوزير بالمجانية التي أكد عليها الدستور فقد انتقلت إلي رحمة الله منذ زمن بعيد. وسؤالي للوزير: لماذا كل هذه المعوقات امام طلاب هذه الدفعة، انهم شأن اي دفعة سابقة أو دفعة لاحقة، وسواء كان العدد مليون طالب أو نصف مليون أو 06 ألفا أكثر أو أقل، فالثانوية العامة مسابقة عامة من يجتازها من حقه اختيار نوع الدراسة التي يريدها وفق اسبقية مجموعه وفي ضوء الاعداد المقرر قبولها في كل كلية، وما قولك في أن طالبا كان راسبا أو باقيا للاعادة في السنوات القادمة وحصل علي أكثر من 95٪ أو 100٪ في امتحان الثانوية العامة.. هل من حقك أن تمنعه من الالتحاق بكلية الطب أو الهندسة أو الصيدلة لأنه كان باقيا للاعادة.. وبقي ان نذكر الوزير بأن اية قرارات غير عادلة وغير قانونية يمكن الطعن عليها قضائيا.. ونذكر ايضا الاصوات التي تسعي للتضييق علي الاسرة المصرية بوضع قيود شاذة علي قبول ابنائها بالجامعات تحت ستار الحفاظ علي المستوي العلمي لكليات القمة، نذكرهم بأن كثيرا منهم تم قبولهم بكليات القمة ب 05٪ في زمن شاعت فيه الاستثناءات، وهو زمن ليس ببعيد عنا، ووصل عدد فئاتها إلي 51 فئة. وحولت المجتمع إلي سادة وعبيد وظل هذا الوضع الشائن وصمة عار في جبين المجتمع والتعليم الجامعي لسنوات طويلة، وكان عدد المستفيدين منها وفق احصائيات مكتب التنسيق يصل إلي 51 الف طالب يتم قبولهم سنويا دون التقيد بمجموع الدرجات، في الوقت الذي يوجد فيه عشرات الألوف من ابناء الشعب الذين حرموا من هذه الميزة، رغم حصولهم علي مجاميع مرتفعة.. ويحسب للأخبار أن تصدت »اخبار الجامعات« لهذه الكارثة المجتمعية، مطالبة بإلغائها، في اطول واشق حملة صحفية شهدتها الصحافة المصرية، والتي استمرت عشر سنوات متصلة بلا تردد.. وشاءت ارادة الله ان يتوج دعوتنا قضاء مصر الشامخ في أعلي وأرفع مستوياته، واصدرت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار محمد علي بليغ رئيس المحكمة عام 5891 حكمها التاريخي بإلغاء جميع الاستثناءات عند القبول بالجامعات والكليات العسكرية والشرطة لانها ضد الحق والعدل والمساواة وتفرق بين ابناء الوطن الواحد. ولولا هذا الحكم العادل لظل الوضع الشائن حتي اليوم. معالي الوزير.. رفقا بأبناء الشعب الكادح .. والله من وراء القصد. المحرر