مع انطلاق المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية اليوم وغدا "الأربعاء والخميس"، والتي أتمني أن تكون أفضل من سابقتها، من حيث زيادة حجم المشاركة وسهولة الإجراءات وقلة المشاكل وتوافر الأمن، نكون قد أنجزنا جزءا مهما من استكمال مؤسساتنا الديمقراطية، وبدأنا نتحرك خطوات أساسية من أجل الاستقرار وتحسين أحوال المعيشة. وأعتقد أن من أهم الأمور التي تفسر هذا الإقبال التاريخي الكبير، الذي حدث في المرحلة الأولي، هو شعور الشعب المصري كله بقيمة الحرية والكرامة، وبأنه صاحب القرار والمصلحة، وبأن أصواته هذه المرة لها أهمية وقيمة وتأثير، وبأن دوره الآن هو الاختيار الحر فيمن يري أنهم الأصلح لقيادة سفينة الوطن في هذه المرحلة الحرجة، بعيدا عن الاستبداد والفساد ودولة الحزب الواحد، وبالتالي مساعدة مصر علي النهوض والاستقرار، والجميع يعلم بأن البلاد في حالة أزمة. والمتابع للأوضاع الأمنية والحوادث الجنائية في القاهرة وباقي محافظات مصر في الأسابيع الأخيرة، يجد تحسنا ملحوظا واستقرارا نسبيا أفضل، وقدرة وتصميما من الشرطة علي ملاحقة العصابات الإجرامية، وعودة هيبة الدولة وسيادة القانون، ومع بدء عمل حكومة الدكتور الجنزوري، بما تملك من صلاحيات واسعة، يأمل الجميع في عودة الأمن من جديد إلي طبيعته من الاستقرار والانضباط واحترام سيادة القانون، وأن يأمن الناس علي أنفسهم وأموالهم ومشروعاتهم الاقتصادية. إن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الوطن والمواطن واضحة، وتكاد تصيب كل أسرة مصرية، وعلي وجه الخصوص الطبقات الفقيرة والمتوسطة، سواء من حيث فقدان فرص العمل أو زيادة أعداد العاطلين أو ارتفاع الأسعار، فضلا عن إغلاق ما يزيد علي 4500 مصنع منذ فبراير الماضي، إضافة إلي نقص الاحتياطي الاستراتيجي من النقد الأجنبي بمعدل كبير، ويقدر الخبراء خسائر الاقتصاد خلال الشهور السبعة الأولي من هذا العام بنحو 400 مليار جنيه. وبالرغم من هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن حاليا، فإن أمام الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة، فرص واعدة للنمو والازدهار، ويكفي أن أشير هنا إلي تقرير اقتصادي أجنبي نشر مؤخرا، أكد أن الاقتصاد المصري سيكون من أفضل الاقتصاديات الدولية والأسرع نموا في الفترة القادمة، وبالتأكيد سوف ينعكس ذلك في تحسين أحوال المواطن البسيط الذي يعاني الآن، والله عز وجل يقول "ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض". مطلوب منا جميعا أن نشارك بكثافة في انتخابات المرحلة الثانية والثالثة، وأن ندعو كل من نستطيع من المعارف والأصدقاء والأقارب والجيران للذهاب إلي صناديق الانتخابات، لأن هذه المشاركة الكبيرة هي الدليل علي أن هذا الشعب العظيم أصبح قادرا علي التعبير الحر عن نفسه، وامتلاك إرادته وقراره في مواجهة العابثين والمستبدين، وهي أيضا طريقنا الأمثل لاستكمال بناء مؤسساتنا الديمقراطية، وتحقيق الاستقرار السياسي وبناء النهضة الاقتصادية والحضارية. إن قرار الشعب المصري العظيم أصبح الآن بيده وحده، وهو قادر علي حمايته والدفاع عنه، ومستعد لتقديم المزيد من التضحيات من أجل مواجهة محاولات السطو علي حقه، ومن يتصور غير ذلك أيا كان موقعه فهو واهم، وسوف تسقط لغة الوصاية والقرارات الفوقية التي أدمنها البعض إلي الأبد، وإذا كنا قد نجحنا في إزالة نظام سياسي فاسد، من أعتي الأنظمة الأمنية المستبدة في العالم، في أقل من ثلاثة أسابيع، فلن نجد صعوبة في إسقاط وإزاحة ما دون ذلك بإذن الله. سوف تنتصر مصر في النهاية، وسوف نعبر هذه المرحلة الحرجة ونحن مرفوعو الرأس، بعز عزيز أو بذل ذليل.