تاريخه مع الفلسطينيين كان »مهبباً«. ولأنه ولد، عام 1922، في واحدة من أولي المستعمرات التي بناها اليهود في الضفة الغربيةالفلسطينية، فقد تربي علي كراهية الفلسطينيين الذين يعارضون تدفق اليهود من شتاتهم إلي فلسطين لتصبح مأوي لهم! كراهية »اسحق رابين« للفلسطينيين لم تكن مقصورة علي تعامله معهم، أو عندما يبدي رأيه فيهم.. وإنما أرادها كراهية قاصمة، ومدمرة. تدرب علي فنون حرب العصابات، واصطياد الأعداء في الطرقات، ومطاردتهم من بيت إلي بيت! درس »اسحق رابين« الزراعة، وسرعان ما تركها ليلتحق بقوات ال »هاجاناه«، التي كانت تتحرش بالقوات البريطانية المحتلة. بعد تنفيذ »وعد بلفور« وإعلان قيام دولة إسرائيل وجيشها، أسند إلي »اسحق رابين« قيادة وحدة قتالية خاصة ل »تنظيف« مناطق سكنية.. ما يعني تفريغها بالقوة من سكانها العرب الفلسطينيين! لم يخجل »اسحق رابين« مما فعله عام 1948 ضد سكان منطقة »الرملة«، واستخدام العنف الوحشي في تصفيتهم وطردهم! في مذكراته التي نشرت في عام 1979 قال »اسحق رابين« ببساطة إنهما أي »رابين« و زميله »آلون« كانا يسيران ذات يوم مع القائد:»بن جوريون« عندما تساءل عما يمكن فعله مع السكان؟ فرد »بن جوريون« بحركة من يده يفهم منها: »اطردوهم«! وقام الاثنان بتنفيذ ما طلبه رئيسهما. وأضاف »رابين « في حديث ذكرياته مع صحيفة »نيويورك تايمز« آنذاك قائلاً إنهما وجنودهما لم يجدوا وسيلة لطرد السكان إلاّ باستخدام القوة، وإطلاق الرصاص لتحذيرهم من مقاومة طردهم من منازلهم! المفجع.. أن إطلاق الرصاص لم يكن للتحذير، وإنما سرعان ما اخترق أجسام ما يربو علي 280 من السكان الفلسطينيين المدنيين (..). شارك »اسحق رابين« في ثلاث حروب ضد مصر: حرب 1948، وحرب 1956، وحرب 1967. وقيل إنه حقق في الأخيرة العديد من الانتصارات التي نسبت إليه وجعلت منه: »بطلها الأول«. وبعدها.. تغيّر »رابين« ، أو علي الأصح أراد التغيير بعد أن قدم ما قدمه لبلاده كرئيس أركان جيشها، و واحد من أشهر وألمع قادته. ترك »اسحق رابين« موقعه القيادي في الجيش الإسرائيلي، وفضل العمل في سفارة بلاده في العاصمة الأمريكية:واشنطون. أمضي »رابين« سنوات عديدة في الولاياتالمتحدة، مارس خلالها الدبلوماسية، والسياسة.. كما لم يعرفهما من قبل. و سرعان ما لفت أنظار المراقبين المعنيين بالمنطقة، ووجد بعضهم في شخصه: »الرئيس، المثالي، القادم، للحكومة الإسرائيلية«. لم يشارك »رابين« في الحرب الرابعة ضد مصر، في أكتوبر عام 1973. ظل يتابعها عن بعد من واشنطون، ولم يطلب منه أحد العودة للمشاركة في الحرب وحماية إسرائيل من ويلات الهزيمة التي مني بها جيشها لأول مرة في تاريخ حروبه ضد العرب. بعد فترة.. ترك »رابين« أحد قادة حزب العمل اليساري السياسة والدبلوماسية في العاصمة الأمريكية وعاد إلي بلاده ليتولي منصب وزير الدفاع في الحكومة اليمينية برئاسة المتطرف اليميني، الليكودي: »مناحم بيجين«! وقام »رابين« بتحقيق ما كان »بيجين« ينتظره من وزير الدفاع، ويمكّن حكومته من التفاوض مع العرب من موقع القوة وليس موقف الضعف. وإثباتاً لذلك.. شهدت الأراضي الفلسطينيةالمحتلة ملاحقات انتقامية بالغة العنف من القوات الإسرائيلية، كما نالت منظمة التحرير الفلسطينية في عقر دارها المؤقت في العاصمة التونسية نصيبها من التصفيات الإسرائيلية الإرهابية. الغارات التي أمر »رابين« بشنها علي الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، كانت ردعاً للمقاومة الفلسطينية، وإرهاباً في الوقت نفسه للسكان المدنيين. فبعد أن استمع وزير الدفاع الإسرائيلي، من نوابه ومساعديه، لتفاصيل ما لحق بإسرائيل من خسائر جراء الانتفاضة الفلسطينية الأولي عام1987، أطرق »رابين« برأسه.. ثم قال جملته الوحشية، الشهيرة: » حسناً.. قوموا بكسر عظامهم«! .. وأواصل غداً.