ليس أجمل من أن ترافق فرحة مبدعين مصريين أهلتهم موهبتهم لنيل المراكز الأولي لجائزة عربية مرموقة.. ما أجمل أن تحلق معهم حتي يصلوا إلي لحظة الاعتراف باستحقاقهم التكريم. مع الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي، والروائية سلوي بكر، والتليفزيوني أحمد يوسف رافقنا ثلاثة من الفائزين بالمركز الأول في: التصوير والرواية والقصة القصيرة في جائزة "دبي الثقافية للإبداع" في دورتها الأخيرة: عبقري "الأكواريل" الفنان محمد الطراوي، والروائية الشابة نهي محمود، الزميلة في "دار التحرير"، والزميل الكاتب شريف صالح، الفائز بالمركز الأول في القصة القصيرة الذي لحق بنا من الكويت، وعلي الرغم من اختلاف أعمارهم، كانت نفس فرحة الفوز تجمعهم منذ التقينا صباح الأحد وحتي عدنا مساء الأربعاء الماضي. وبمجرد أن دعتها الكاتبة والتليفزيونية اللامعة بروين حبيب لارتقاء المنصة لتلقي كلمتها، استحوذت "نهي" علي عقل الحضور وهي تبوح لهم بمشاعر القلق التي انتابتها: "كان عليَّ أن أتخلي عن عَشْرِ بداياتٍ، وعددٍ لا بأسَ به من المُسْوَدَّات لأكتبَ كلمتي اليوم!. في المسوداتِ السابقةِ جربتُ بداياتٍ تقليديةٍ مثلَ: كيفَ حالُكمْ؟، حدثتُكُم عن سعادتي لوجودِي بينكم الآن، وكتبتُ جملاً رصينةً لأشكرَ هذا البلدَ الكريمَ، وهذهِ الإمارةَ المبهجةََ "دبي"، كتبتُ شكرًا خالصاً لِ"دبي الثقافيةِ" وللجنةِ التحكيمِ، ولكلِّ القائمينَ علي هذه المسابقةِ الرائعة. حتي الإهداء وجهته لأمي التي غادَرَتْ العالمَ قبلَ أنْ تري أحلامي تتحقق بعد أن هَيَّأَتِ الأرضَ، وغرست فيها نَبْتا صغيرًا، وتَرَكَتْ ليَ الحصادَ. أُفَكِّرُ الآن أنَّ يصبح هذا المُفْتَتَحُ: تحيةً لأمي التي عَلَّمَتْني حُروفَ الهجاءِ، وقَبَضَتْ بأنامِلِها علي يدَيَّ لأكتبَ أولَ حرفٍ. . تحيةً لأبي الذي أُهديهِ هذهِ الجائزةَ، لأنه يدعمُني، ويثقُ في أحلامي، وتعاويذي كما لا يثقُ أحدٌ في هذا العالم.. تحيةً لرجلٍ سحريٍ ينتظرُ عودتي بشغفٍ وشوقٍ يضئُ روحي ببهجةِ الحبِّ، . تحيةً ل "مَلَك" طفلة أختي، تلك الصغيرةُ، تميمتي للحظِّ. تحيةً ممتلئةً بالفخرِ والأملِ للبُلْدانِ العربيةِ، لميادينِ التحريرِ، ولثوراتِ الحريةِ، ودماءِ الشبابِ الطاهرةِ التي تضئُ عتمةَ الحياةِ، وتشقُّ سبلاً للحُلْمِ. تحيةً للكتابةِ التي أعرفُ أنها وطنٌ يلائمُني، ويبهِجُني، عندما تكونُ هنا في قلبي أصبح في قِمَّةِ السعادةِ، أُحَلِّقُ في خِفَّةِ طائرةٍ ورقيةٍ.". . وأسمح لخيالي أن يعتبر كلمة "نهي محمود" سبباً في قرار سيف المري، الشاعر والكاتب، رئيس تحرير "دبي الثقافية"، مدير عام دار "الصدي"، المبادِرة بتنظيم هذه الجائزة علي امتداد سنوات طويلة، باستحداث فرع جديد لهذه الجائزة مع دورتها المقبلة في مجال "الأدب النسوي" انتصاراً لهذه الكتابة، ومساندة للمرأة العربية المبدعة. وفي كلمته دافع سيف المري عن الأمة العربية التي قدمت للبشرية الحضارة، والفن والفكر، ولا تزال تضرب المثل علي ذلك بقدرتها علي العطاء.. ثم أعلن عن إطلاق الفرع الجديد "مبحث الأدب النسوي"، الذي يختص بإبداع المرأة.. هذا الكائن العظيم الذي قدم لأمته الكثير، ونفي المري عن المجتمع العربي صفة الذكورية، كما يدعي البعض، مؤكداً أن مجتمعنا يجل المرأة كاتبة وشاعرة ومربية ووزيرة وعالمة، ولا يزال ينتظر منها الكثير.. وأعلن أن قيمة الجائزة في هذا المبحث 20 ألف دولار. وبدوره حيا شاعرنا الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي، في كلمته باسم لجان التحكيم، الشاعر سيف المري، صانع هذا الحدث:. لقد توفرت لجائزة "دبي الثقافية" شروط ضمت لها قيمتها الرفيعة، استجابة الجوائز لمتطلبات الثقافة العربية في هذه المرحلة، والقيمة المتحققة في المجلة التي تنظمها والتحكيم النزيه، ونتائج الدورات السابقة وما قدمت من مواهب وما وضعت من معايير أصبحت واضحة لدي المتسابقين والمحكمين. وقد حرصت "دبي الثقافية" علي منحنا شهادات التقدير اعترافاً بعطائنا في الساحتين الثقافية والإعلامية وسط باقة من رموز الثقافة العربية: حجازي، ومحمد علي شمس الدين، وعلي حرب، وسلوي بكر، ونبيل سليمان، والدكتور أحمد عبدالملك، والمنصف المزغني، ومبارك العطوي، والدكتور سعيد أبو عالي، والدكتور عمر عبدالعزيز، وعبدالفتاح صبري، وخليل صويلح، وحكيم عنكر، وأحمد يوسف، ورنا زيد، وسعيد جاب الخير، وأشرف أبو اليزيد، وعلي سفر، وبشير البكر، ورنا نجار، ويوسف أبو لوز، وعزت عمر. وصباح اليوم التالي للاحتفالية التي قام بإعدادها: الكاتب السوري نواف يونس، مدير تحرير "دبي الثقافية"، ومحمد غبريس، الشاعر اللبناني الذي صدرت له في دمشق مؤخراً مجموعته الأولي "نبض الأقحوان"، والكاتبة المصرية رانيا حسن، التي كانت همزة الوصل بين إدارة الجائزة في دبي والمتسابقين في ربوع وطننا العربي، والمهاجر، كان ملتقي رؤساء تحرير المجلات الثقافية في دول مجلس التعاون الخليجي برئاسة الشاعر سيف المري، الذي حضره الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، رئيس تحرير مجلة "إبداع"، كما حضرته كمراقبين.