بعد الاشتباكات العنيفة التي وقعت مساء أول أمس بين الباعة الجائلين الذين أصبحوا يمثلون أضعاف أعداد المعتصمين الحقيقيين وبين المتظاهرين في الميدان والتي استمرت قرابة 4 ساعات تقريبا شبهت بحرب الشوارع.. سقط خلالها 801 مصابين ولكن هذه المرة لم تكن قوات الأمن شريكة فيها.. »الأخبار« انتقلت إلي الميدان ونقلت هذه التساؤلات لمن بالميدان من متظاهرين وبائعين للوصول لحقيقة ما حدث.. فمنذ الوهلة الأولي عند دخولنا إلي الميدان بدا لنا بتقلص أعداد من في الميدان عن الأيام الماضية إلي النصف تقريبا والسبب هو اختفاء الباعة الجائلين بعد قيام المعتصمين بطردهم منه وقيام بعض الباعة الذين يلتزمون بالتعليمات التي تصدر عن اللجنة المسئولة عن تأمين منافذ الميدان.. اقتربنا من أحد الباعة ممن ظلوا يفرشون ولكن علي أطراف الميدان والذي كان شاهد عيان علي الاشتباكات التي وقعت مساء أول أمس منذ اشتعالها وهو أحمد حلمي »81 سنة« بائع شاي.. قال: لا نحمل الخطأ علي البائعين وحدهم في التسبب في هذه الاشتباكات فالمتظاهرين أيضا يتحملون جزءا كبيرا من الخطأ.. ثم بدأ في شرح السيناريو الكامل لأحداث »ليلة الرعب«.. قائلا: الشرارة الأولي لاندلاع هذه الاشتباكات عندما فوجئوا بما يقرب من 002 متظاهر يرتدون بطاقة لونها برتقالي بالميدان يحملون المواسير الحديدية والقطع الخشبية وتوجهوا إلي فرش إحدي البائعات التي كانت تضع بضائعها في الحديقة المجاورة للجزيرة الوسطي للميدان وقاموا بتحطيم الأدوات وثلاجتين عرض وطلبوا منها مغادرة الميدان لأنهم اساءوا للميدان وسمعة المتظاهرين به بدون سابق انذار منهم.. فحدثت مشادات كلامية بين الطرفين.. فقامت الفتاة البائعة بطعن أحد المتظاهرين الذي تعمد استخدام العنف معها في قدمه وأصيب بنزيف وتم نقله إلي المستشفي.. ومن هنا تحول الأمر إلي ما يشبه بحرب العصابات.. فبعد خروج البائعة من الميدان وتبين انها تعمل لدي أحد الأشخاص ويدعي »المعلم محمود حميدة« الذي يمتلك بعض المراكب النيلية بكورنيش النيل ويقوم بتسريح بعض البائعين ببضاعته في الميدان وعلي الكورنيش مقابل أجر يومي.. فوجئنا بأنها عادت وبصحبتها محمود حميدة الذي أحضر معه مجموعة من رجاله الذين يعملون عنده يحملون الأسلحة النارية والخرطوش والمطاوي قادمين من ناحية ميدان عبدالمنعم رياض وكوبري قصر النيل فتكاتف معهم عدد من البائعين بالميدان الذين استاءوا من معاملة المتظاهرين لهم بعنف شديد بشكل ما يشبه بالبلطجية علي حد وصفه.. وبدأ تبادل التراشق بالطوب والحجارة وإطلاق الأعيرة النارية والخرطوش. مشيرا إلي ان عدداً من البلطجية الذين استعان بهم المتظاهرون للتصدي للبائعين قاموا أيضا بإطلاق الأعيرة النارية. لم يتردد عمر مختار »22 سنة« بائع مثلجات، في قوله: بأنه هناك عدد من البائعين بالميدان، مشيرا انهم معروف اسماؤهم لدي الجميع يمتلكون أسلحة خرطوش.. مشيرا انه رأي بعينيه أحد البائعين كان بحوزته طبنجة ميري مسروقة ويستخدمها في إطلاق الأعيرة النارية وليس هذا فقط بل أيضا يمارسون نشاطهم في ترويج وبيع المخدرات، فضلا عن اصطحابهم لفتيات ساقطات ويمارسون معهن البغاء في أوقات متأخرة من الليل. وقد تم الإمساك بعدد منهم بالفعل أثناء قيامهم بذلك، وأوضح عمر مختار ان سوء معاملة المتظاهرين مع البائعين أثناء مطالبتهم بمغادرة الميدان كانت هي السبب في اندلاع هذه الأحداث.. قائلا: لن نسمح لمثل هؤلاء أن يعتدوا ويحطموا بضاعتي فليس لهم الحق في ذلك وأرض التحرير ليست ملكا لهم لكي يتحكموا فينا.. فالعين بالعين«. مشيرا ان المتظاهرين أخذوا العاطل بالباطل أثناء تعاملهم مع البائعين، فمنا من حضر إلي التحرير من أجل »لقمة العيش« فقط وليس له دخل في المظاهرات والاعتصام ولا حتي يهمه هذا الأمر.. مضيفا انه يري معتصمين بالميدان ممن يقيمون في خيام يجلبون الساقطات ويمارسون أعمال فاحشة، ويقول في نفسه »أنا مالي خليني في حالي«. أما حسام محمد »72 سنة« مدرب كرة قدم، أحد أعضاء لجان التأمين بالميدان فكان حديثه لا ينقصه الصراحة.. فعلي الرغم من انه لا يرضي عن فكرة الاعتصام والإغلاق للميدان إلا انه تطوع للتأمين خوفا علي من بالميدان وعلي سمعته باعتباره من الشعائر وله قدسية خاصة.. قال: إن من يعتصم بالميدان الآن ليس لهم فكر واع ومطلب حقيقي.. فمعظمهم من يأتي »للفرجة« أو »الفسحة« أو لتضييع وقت فراغهم. مشيرا إلي ان هناك أطفال مدارس يأتون إلي الميدان والاسم »انهم ثوار« فكيف يعقل هذا، ففكرهم لم ينضج بعد ولكن للأسف فهم محسوبون للثوار.. هذا هو وصف ميدان التحرير الآن.. وتساءل حسام: من أين تأتي الأغذية والمشروبات والمثلجات التي تأتي إلي الميدان؟ من وراء هذا؟.. فأنا لا أعتقد ان هذه الأشياء تأتي عن طريق »متطوعين« فهناك من له مصلحة في ذلك بغلق الميدان وحشد أشخاص »غلابة« للإقامة بالميدان للإساءة للمصريين أمام العالم. وأضاف حسام: في بداية الأمر كنت أكذب من يقول بأن هناك أشخاصا لهم مصلحة في »خراب البلد« ولكن اليوم عندما شاهدت بعيني كميات الأطعمة والمشروبات والبطاطين والخيام تأتي إلي الميدان من مجهولين أيقنت تماما بذلك.. وقال: هناك من المعتصمين الآن عدلوا عن فكرة الاعتصام وبالفعل هناك من يغادرون. مشيرا ان اقتناع المتظاهرين بترك الميدان سوف يأتي ولكن تدريجيا ويكون إخلاء الميدان أمرا واقعا أمامهم. وفي النهاية يتساءل محمد الغريب »72 سنة« بائع بالميدان: من أين يأتي المتظاهرون بالأموال التي قاموا بدفعها لعدد من البائعين تعويضا لهم لبضائعهم التي تحطمت وأتلفت أثناء الاشتباكات. ومن ناحية أخري صرح الدكتور محمد شوقي مدير مستشفي المنيرة العام ان المستشفي استقبل 6 مصابين نتيحة الأحداث التي وقعت ليلة الثلاثاء الماضي حيث تم تقديم الاسعافات اللازمة لأربعة من المصابين والسماح لهم بالخروج لإصاباتهم الطفيفة التي تراوحت ما بين كدمات بسيطة وسجحات، بينما تم نقل أحد المصابين ويدعي تامر اسماعيل »53 سنة« مقيم بالسيدة إلي مستشفي قصر العيني لإصابته بقطع في شريان الفك وسرعة إجراء عملية جراحية له.