ما الذي يمكن أن أكتبه اليوم بعد أن انفجرت البلاد بفعل حماقة وزارة الداخلية التي انفردت بمائتي شخص يقفون أو يعتصمون بالتحرير بعد جمعة الإخوان والسلفيين غير المأسوف عليها، وأشبعتهم ضربا وسحلا وقبضت علي بعضهم وكان من بينهم خمسة وعشرون شخصا من مصابي ثورة يناير . ما الذي يمكن أن اكتبه بعد أن نشرت الصحف في اليوم التالي اجتماع رئيس الوزراء مع اللوا ء الفنجري لبحث تعويضات وحقوق مصابي الثورة التي مضي عليها عشرة أشهر وسحل مصابوها في اليوم السابق . ما الذي يمكن أن أكتبه وقد اطلقت منذ يوم السبت وحتي الآن غازات سامة محرمة دوليا لأنها لا تستخدم إلا في الحروب . ووقعت في يدي قنبلة منها مكتوب عليها إنها تشعل الحرائق وتصيب الكبد والقلب ومصنوعة منذ عام 1985 . ما الذي يمكن أن أكتبه وقد رأيت شباب الأمة يدهسون تحت الأقدام ويضربون حتي الموت وبعد الموت ثم يلقي بهم في الزبالة . ما الذي يمكن أن أكتبه وقد رأيت تصميم الضباط والجنود علي التصويب علي العيون وعلي الرؤوس وهتاف الجنود لهم جدع يا باشا جت في عينه . ما الذي يمكن أن أكتبه وقد ساهم في هذا كله جنود الشرطة العسكرية بضراوة . جنود الجيش الذي علي الشعب أن يحبه . ما الذي يمكن أن أكتبه بعد أن أصدر مجلس الوزراء يوم السبت نفسه الذي حدثت فيه المجزرة الأولي للمائتي شخص بيانا يحيي فيه وزارة الداخلية علي حسن تصرفها مع المعتصمين . ما الذ ي يمكن أن اكتبه بعد أن أعلن رئيس الوزراء بعد ذلك إنه لم يصدر هذا البيان ويشجبه . ياسلام وكيف ترضي ذلك لنفسك يا أخي؟ كيف ترضي ان تكون رئيسا للوزرا ء ويصدر غيرك بيانات لا تعرفها؟ عمل كهذا كان كفيلا بأن تحترم نفسك وتعود الي بيتك وتغلق تليفونك بعد أن تعلن استقالتك .كما فعل عماد ابو غازي مثلا . ما الذي يمكن أن أكتبه وقد قرأت تصريحات وزير الداخلية يوم الحرب علي الشعب أن ضباطه وجنوده لم يستخدموا أي انواع من الرصاص والعيون بالعشرات انفقأت والجثث بالعشرات تفجرت من الرصاص الحي في القاهرة والاسكندرية والاسماعيلية والسويس ودمياط وغيرها . ما الذي يمكن أن أكتبه بعد أن ترك الذين كفروا بنعمة الله التي تجسدت في ثورة يناير التي اخرجتهم من الظلمات إلي النور, وأعني بهم الإخوان المسلمين، تركوا دماء الشعب يخوض فيها الحكام وراحوا يبحثون عن الانتخابات التي لا يدخلها الآن إلا خائن للأمة . ما الذي يمكن أن أكتبه وقد رأيت في الميدان عربات الإسعاف والموتوسيكلات تحمل كل دقيقة ميتا أو مصابا . ما الذ ي يمكن أن أكتبه وقد رأيت الشباب المغمي عليه من القنابل السامة يصاب بنوبات أشبه بنوبات الصرع وتخرج الرغاوي من فمه ويموت أمامي . ما الذي يمكن أن أكتبه وأنا اتذكر كيف مشيت يوم 28 يناير جمعة الغضب ثلاث ساعات بين دخان القنابل حتي كاد يغمي عليّ، وهذه المرة شممت رائحة غاز القنابل من بعيد لدقائق فكدت اختنق ويغمي عليّ . هل الفرق بين الثلاث ساعات القديمة والدقائق الجديدة هو ما فعلته الحكومة المصرية . إعداد وزارة الداخلية أبشع إعداد لتقتل الشعب وتضعه حيث يريدون .عبيدا . كل ما نجح فيه حكامنا للأسف في العشرة أشهر السابقة هو إعداد الداخلية وتجهيزها بآلات الموت الممنوعة ولا شئ آخر . ما الذي يمكن أن أكتبه وقد جاء خطاب المشير كما توقعت، خاليا من أي شئ يريده الثوار . لقد أقال الوزارة وأسند اليها البقاء لتسيير الأعمال التي لم تنجد منها غير تجهيز الداخلية بآلات الموت . ما الذي يمكن أن اكتبه وقد انفجر التليفزيون الرسمي بأكبر كمية أكاذيب . الذي يمكن أن أكتبه كثير يتلخص في جملة واحدة هي أن شباب هذه الأمة العظيم الذي انطلق يصحح طريق ثورته لن يقدر عليه أحد. ايها السادة .. مبارك ربما كان معذورا لأنه لم ير في حياته شعبا يثور ولا قرأ في حياته كتابا عن ثورة، أما انتم فما هو عذركم والثورة لم يمر عليها عام واحد .إلي هذا الحد لا تتعظون؟