اذا كان الشعب المصري سجل فرحته بالثورة وحاول تحقيق أول أهدافها، فذهب الي الاستفتاء علي التعديلات الدستورية وسجل رأيه »سواء بنعم أو لا«، فهذه كانت طفرة كبيرة في سلوكيات المواطنين - البسطاء منهم والمثقفون. وسواء قال المصري نعم أو لا فإن عدد غير قليل لم يكن متفهما تماما للعلامة التي وضعها في خانة الاستفتاء.. الا اننا استجبنا جميعا لرأي الاغلبيةالتي قالت نعم. أما في مسألة الانتخابات البرلمانية فالأمر مختلف تماما.. والحقيقة واضحة داخل كل بيت مصري وهي ان الناس »مش فاهمة حاجة«.. الدوائر الانتخابية كبرت جدا.. الاحزاب كثر عددها، ولا نعرف معظمهم ان لم يكن كلهم.. المرشحون كمستقلين، لا نعرف اذا كانوا فلولا ام لا، فالرصد اصبح مستحيلا بعد حكم المحكمة التي سمحت لهم بالترشح، وتركت المواطن يبحث بنفسه اذا كان الاسم الذي سيعطيه صوته فلولا أم مرشحا يستحق امانة الجلوس في مقعد من مقاعد مجلس الشعب. الصحف تنشر يوميا.. كل شيء عن الانتخابات القادمة.. لكنها لا تخاطب الا فئة قارئي الصحف وهم ليسوا كثيرين. التليفزيون والفضائيات تستضيف في اليوم الواحد اكثر من 03 ضيفا.. بعضهم يمثلون احزابا وبعضهم يمثلون انفسهم.. وسواء كان هذا أو ذلك فالكل يعمل لحسابه.. بينما المواطن تائه يريد ان يعرف كيف سيختار؟ وأين؟ كيف يتعرف علي الاحزاب وبرامجها؟ كيف يعرف المرشحين »الفردي« هل هم من الفلول أم لا؟ الحقيقة انني اقرأ الصحف منذ الاعلان عن فتح باب الترشيح حتي الآن.. كما أشاهد الفضائيات والقنوات الارضية في محاولة للبحث عن اجابات للاسئلة لنفسي، ولعدد كبير ممن لم يستطيعوا تكوين ولو فكرة عامة عن الانتخابات.. الا ان الاسئلة والاجابات تضيع وسط الاحداث اليومية المؤسفة، وثيقة السلمي، والرافضين والموافقين، والمحاكمات العسكرية للمدنيين، احداث الاقباط، اعتصامات عمال الشركات والمصانع، وتوقف حركة القطارات، وتوقف الشوارع والحياة في القاهرة وبعض المحافظات.. وأخيرا أحداث التحرير المحيرة. كل الاحزاب تتحدث عن نفسها أو تسيء الي الاحزاب الاخري، والتليفزيون والفضائيات تذيع فقرات اعلانية عنهم، والمرشحون »الفردي« لم نسمع عنهم علي الاقل في دائرتي التي اتسعت فاصبحت 1/8 القاهرة. الشارع المصري يحتاج فترة هدوء يلتقط فيها انفاسه، ويتم خلال التليفزيون المصري الاعلان لاكثر من مرة يوميا عن برامج تشرح للمواطن كل شيء عن الانتخابات البرلمانية.. حتي تضمن عددا مثل الذين ذهبوا للاستفتاء »علي الاقل« يتوجهون الي اللجان الانتخابية لانتاج برلمان يعبر عن الشعب. سؤال مهم.. ما حال الغرامة المفروضة علي من يمتنع عن التصويت؟ سؤال أخير.. هل يري رجال الدولة ان الانتخابات ستتم؟ وكم سيكون عدد القتلي؟