من حق كل شرفاء مصر الغالية ان يتساءلوا وهم يتابعون ما يجري عن المصير الذي ينتظر وطنهم؟ من حق الوطنيين الذين يشكلون الغالبية من شعب مصر أن يتساءلوا أين تتجه بهم هذه الأحداث المأساوية؟ من حق كل هؤلاء أن يتساءلوا عن المستقبل المتوقع لأبنائهم وأحفادهم وسط هذه الفوضي والصدامات وعدم الحرص علي أمن وأمان هذا الوطن. لا جدال بأن المخلصين الذين ينتمون لتراب هذا البلد قد روعتهم ما تشهده الساحة من حراك وتصادم غير مسئول بعيدا عن حضارية الحوار والادراك السليم لمتطلبات الصالح الوطني. كل الدلائل تشير إلي أن الجميع قد وقعوا فريسة لتدبيرات اجرامية خفية ليس من هدف لها سوي نشر الخوف والهلع والاحساس بحالة الضياع. لابد أن يكون للعقلاء دور فعال يمهد الأرضية المناسبة للفهم المشترك القائم علي أن مصلحة مصر فوق الجميع. لا يجب الانصياع للسقوط في هوة الاستقطاب لما يريده الانتهازيون المتربصون ضد مستقبل مصر والتآمر عليها حتي لا تقوم لها قائمة. أن مسئولية ما يحدث يتحملها القائمون علي كل ما يؤدي إلي الفوضي وعدم الاستقرار. لابد من الشجاعة لكشف المناهضين لأي تجاوب مع كل ما يقود المسيرة إلي الديمقراطية الصحيحة البعيدة عن الهيمنة والتسلط. لماذا تهيمن علي سلوكياتنا أزمة عدم الثقة التي تعمل علي زرعها قوي بعينها مستغلة قصور الأجهزة التي تدير شئون الدولة في الاقناع والتوعية بسلامة الخطوات التي يتم اتخاذها لصالح هذا الوطن. لماذا لا يريد ان يفهم الذين يسيرون وراء المتآمرين ان الهدف هو الوصول الي قيام الدولة المصرية الديمقراطية القادرة علي تمثيل الشعب والانطلاق نحو التقدم والازدهار. لقد أصبحنا أسري لما يسمي بالمليونيات التي لا يمكن أن تمثل شعبا يضم 58 مليونا غالبيتهم يتطلعون إلي وطن حر ديمقراطي يوفر لهم العيش الكريم. أنهم يأملون في فتح الابواب علي مصراعيها أمام تحقيق الآمال للأجيال القادمة المتطلعة إلي مستقبل مستقر وأمن. كيف بالله يمكن أن يتحقق المناخ المطلوب لاجراء انتخابات حرة وهادئة يشارك فيها المواطن دون خوف أو وجل. هل هو أمر مقصود أن تتصاعد الفوضي والصدامات ويسقط الضحايا ويسقط الوطن قبل أيام قليلة من هذا الحدث التاريخي.. ومن هم وراء اشعال نار الفتنة؟ ان ما حدث في ميدان التحرير وفي بعض مدن الجمهورية من تجمعات لم يكن لها ما يبررها في ظل المشاورات التي كانت تجري حول نقاط الخلاف. لماذا الاصرار علي عدم القبول بازالة الشكوك وقطع الطريق أمام الذين يضمرون الشر لوطننا، ما هو الجديد الذي يستدعي هذه التطورات والتداعيات بعد أن أصبحنا علي مشارف هذه الانتخابات التشريعية التي ستتلوها الانتخابات الرئاسية وفق جدول زمني محدد. ان ما يجري يعطي مؤشرا سلبيا بأن هناك قوي لا تريد لهذه العملية الديمقراطية أن تتم أصلا بينما توجد في نفس الوقت قوي أخري تريد لهذه العملية أن تأخذ مسارا منحازا لأهدافها وتطلعاتها للهيمنة والسيطرة. ان الضحية في كلتا الحالتين هو الوطن ومسيرته الديمقراطية. ان التصدي لهذه التوجهات الفوضوية ذات الأهداف غير الخفية يجب ألا تمر مرور الكرام من جانب الغالبية الشعبية التي مازالت صامتة لا تتحرك. أن استقرار وازدهار هذا الوطن من حقها وفقا لشعار الديمقراطية التي رفعته ثورة 52 يناير في ظل مبدأ الاصلاح والتغيير. ان البلادة وعدم المبالاة في مواجهة هذه التداعيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية نتيجة لما يشهده الشارع المصري يؤكد دور القوي التي تستخدم الصوت العالي والارهاب والترويع والبلطجة والشعارات المزيفة لوأد المبادئ التي دعت إليها هذه الثورة. انها تسعي إلي عمل كل ما تستطيع من خلال الضغوط والوسائل غير المشروعة من أجل التحول بالثورة إلي خدمة مصالحها وأهدافها. ان من حقنا ان نسأل: وآخرتها ايه؟!