لعل الأمر يقتضي أن نسأل أنفسنا.. هل يمكن لمسرح الجريدة اليومية الذي ينتمي للكباريه السياسي أن يعيد الجمهور إلي قاعات المسارح ؟! بالطبع نعم.. هذا النوع من المسرح هو الذي يستطيع إثارة دهشة المتفرج وبالتالي استعادته للتفاعل مع المسرح لذلك فهو الأقرب لنا الآن من أي وقت مضي لانه يتناول الواقع الراهن وهو تنفيس لما يعتمل داخل الصدور فهو أشبه بحوارات الصحف اليومية بشكل ساخر ! مسرحية " شيزلونج" التي يقدمها مسرح الشباب علي خشبة المسرح العائم الصغير تنتمي إلي مسرح الصحيفة اليومية وهو أحد أشكال مسرح الكباريه السياسي الذي عرفته مصر في السبعينيات علي يد كبار مخرجينا جلال الشرقاوي ود. هاني مطاوع الذي قدم مسرحية شهيرة عام 1972باسم " البعض يأكلونها والعة"تأليف الراحل نبيل بدران .. ثم توالت عروض الكباريه السياسي منها (كلام فارغ) و(عالم علي بابا) و(باي باي عرب) و(جحا باع حماره) و(كأسك يا وطن) و(العسل عسل والبصل بصل) لسمير العصفوري و(اللعبة) لمنصور محمد و(مساء الخير يا مصر) لناصر عبد المنعم وغيرها من العروض.. ولعل أقرب العروض التي قدمها المسرح المصري في الفترة الماضية عرض (دنيا أراجوزات) لجلال الشرقاوي عروض الكباريه السياسي لا تعود للزمن الماضي، ولا تتناول التاريخ لتحاور من خلاله جوهر اللحظة وإنما تتناول القضايا المطروحة علي الساحة وتحاورها بأسلوب مباشر جرئ يلامس الواقع اليومي ملامسة حميمة عن قرب وتشتبك مع الأحداث الدائرة. عرض (شيزلونج) يلامس الواقع بطرحه لقضايا تمس المجتمع المصري وتشتبك معه ومن هنا يتبلور دوره الفاعل في العمل علي تغيير الواقع نحو الأفضل وهذه القدرة موجودة داخل المتفرج الذي يتفاعل مع العرض الأقرب للملحمية كما في مسرح بريخت. كما انه لا يتوقف عند البطل الفرد، بل يتجاوزه إلي الشكل الجماعي لذلك فإن العرض يخاطب الضمير الجمعي لا الفردي فيصبح ذا تأثير كبير علي الجمهور . هذا العرض نتاج ارتجالي لورشة حلم الشباب التي سعي اليها المخرج شادي سرور مدير مسرح الشباب ليكتشف من خلالها وجوها جديدة قادرة علي التواجد بقوة في الحركة المسرحية في التمثيل والتأليف والإخراج والديكور والموسيقي واستطاع فريق شيزلونج أن يقدم عرضا قويا ناقدا وساخرا.. سامح عبد السلام ووليد الهندي وحمدي أحمد ومحمد خطاب ومحمد أنور وبلال علي وسارة درزاوي ووليد عرفة ومصطفي خاطر وبسام عبد الله ورانيا عبد المنصف وريهام سامي ورامز سامي ومصطفي أحمد وإسماعيل السيد وعمرو بهي. ومعهم محمود حنكش "ديكور" وهبة مجدي "الأزياء" وتامر سنجر"الموسيقي" وفاروق جعفر"الاستعراضات" هؤلاء الشباب أدهشونا وأمتعونا بعرض مسرحي محترم لا نجوم فيه ولا بهارات المسرح التجاري ولا لفظ خارج.. هم يستحقون التحية.. ويا كل المنتسبين إلي الأطياف السياسية التي تتناحر في مصر.. أرجوكم اذهبوا إلي »شيزلونج« لتعرفوا كم يحبون مصر!