المواطن المصري يستطيع ان يمنع مضاعفات الوقفات الاحتجاجية والتجمهرات الفئوية، بما في ذلك قطع الطرق، وان يحقق ما لا تحققه أجهزة الأمن، والدليل علي ذلك ما حدث يوم أضرب سائقو النقل العام عن العمل ووقفوا بسياراتهم حول مجلس الوزراء وقطعوا الطريق وكاد الشلل يصيب وسط العاصمة. كما ان هناك من يستشهد بما جري يوم انسحبت الشرطة من مواقعها وبشرتنا بفوضي عارمة تصدي لها شباب مصر، وفرضوا الأمن وقاموا بحماية ما يعجز غيرهم الآن عن حمايته. لقد تحمل شباب مصر المسئولية يوم خلت الشوارع من رجال الشرطة واستطاعت اللجان الشعبية حماية المنشآت العامة والخاصة ودور العبادة، وحمتنا أيضا داخل بيوتنا. وهناك من يقول ان اللجان الشعبية التي شكلها شباب مصر حققت نجاحا يفوق ما حققته الشرطة عندما عادت الي مواقعها، بداية من حراسة البنوك وحتي تنظيم حركة السيارات مرورا بحماية البيوت وسكانها من البلطجية والفلول والشبيحة، المسجلين وغير المسجلين. وما جري منذ أيام قليلة في وسط القاهرة عندما أضرب السائقون عن العمل يمثل درسا يمكن الاستفادة منه في مواجهة حالات قطع الطرق التي يلجأ اليها أصحاب المطالب الفئوية والوقفات الاحتجاجية. لقد تحرك السائقون بأتوبيساتهم الي وسط القاهرة وأحاطوا بمداخل المباني الوزارية بما في ذلك مجلس الوزراء، وتوقفت حركة المرور بشارع قصر العيني وبعض الشوارع المتفرعة منه. وتعطلت مئات السيارات عن الحركة وعجز ركابها عن قضاء حوائجهم وعن تصريف أمورهم، وأكتفت قوات الأمن بالوقوف حول المنطقة ولم تتدخل لاعادة الحركة ومواجهة قُطاع الطريق وضمان انسياب المرور، وربما كان ذلك تنفيذا للتعليمات وحرصا علي عدم التورط في المحظور. وتحرك عدد من المواطنين البسطاء، ومنهم من كان يمثل مبادئ ثورة الخامس والعشرين من يناير تمثيلا حقيقيا، دون إدعاء أو رياء أو سمعة أو بحث عن شهرة. وكل ما فعله هؤلاء انهم توجهوا الي منطقة الاختناق المروري حيث تقف سيارتا أتوبيس في اتجاهين متعاكسين، وتحدثوا مع السائقين يناشدونهم فتح الطريق لاعتبارات انسانية ووطنية واقتصادية، حتي يتمكن المحاصرون داخل سياراتهم من قضاء حوائجهم وانجاز أعمالهم، ومنهم الشيخ والمريض والمرأة والطفل. وتفهم السائقون الأمر واستجابوا لأصحاب هذه الدعوة، وفتحوا الطريق، مع الاستمرار في الاحتجاج دون التورط في تعطيل حركة المرور أمام الآخرين. وبعدها وجدوا استجابة أكثر تفهما لمطالبهم المشروعة. وهكذا نجحت الجهود الشعبية فيما لم ينجح فيه غيرها وستبقي التجربة قابلة للتكرار. ونسأل الله العافية لنا وللجان الشعبية..