سيداتي وسادتي.. باقي من الزمن.. آسف.. لم يبق من الزمن شيء.. وسيتم مساء اليوم التوقيع علي اتفاقية انشاء مفوضية لدول حوض النيل. الاتفاقية ستوقع في كمبالا عاصمة اوغندا.. وستوقعها سبع دول هي: اوغندا وتنزانيا وكينيا والكونغو ورواندا وبورندي واثيوبيا.. واهم مباديء تلك الاتفاقية هي اضافة مصطلح »الأمن المائي لدول الحوض« بما يعني الغاء الاتفاقيات السابق توقيعها والتي تتعلق بحصص دولتي المصب من المياه.. واهمها اتفاقية 9591 التي تعطي مصر الحق في 5.55 مليار متر مكعب. وللعلم فان نهر النيل طوله 0566 كيلو مترا.. وحجم المياه عند المنبع 0061 بليون متر مكعب ولكن المياه الجارية في النهر والتي تصل الي السودان لا تتجاوز 58 بليون متر مكعب.. تصور ان 59٪ من مياه هذا النهر تضيع في المستنقعات والغابات ونحن نتخانق مع 8 دول اخري علي نقطة مياه. ومع ذلك فان هناك اتفاقيات تاريخية وقعت خلال القرن الماضي بل والذي سبقه.. تمنح مصر والسودان حقا في الاعتراض علي اي مشروعات تقام علي مجري النهر في منابعه قبل ان تكون هناك دول بهذا الاسم علي خريطة العالم، ولكن العالم تغير.. واصبحت هناك دول واصبحت لها احتياجات.. فهي تقول اليوم ان عندنا مياه ولكننا نريد البترول والكهرباء.. واصبحت المسألة باختصار »سيب وانا أسيب« ونحن لا نحب التعامل بهذاالاسلوب.. ولا نحب ان يلوي ذراعنا احد. ورغم ان مصر والسودان هي اكثر الدول اعتمادا علي مياه النيل في كل دول الحوض.. ورغم ان عاصمتي الدولتين هما العاصمتان الوحيدتان علي مجري النهر.. الا انهما لم يفكرا لحظة في تلك اللحظة.. يعني لم يخطر علي بال المسئولين ان يوما سيجييء تهددنا فيه دول النيل باعادة النظر في حصتنا. خاصة اننا نكتب في صحفنا ليل نهار عن اهدار مياه النيل وان أكثر من 09٪ من المياه تذهب للزراعة.. امال ليه بنزرع بمياه الصرف الصحي؟! الكابوس اصبح اليوم واقعا.. ودول حوض النيل السبع اعلنت انها لن تلتفت الي اعتراض مصر والسودان.. وستعطيهما عاما واحدا مهلة للتوقيع علي الاتفاقية. ونحن مازلنا نبحث عن العصابة التي لعبت في عقول البعض بدول الحوض وغررت بهم وقالت لهم اننا نسرق مياه النهر ونهدرها وعندنا بترول وغاز بنصدره، طبعا العصابة معروفة.. ولكن الاهم من البحث عنها.. هو ان نبحث عن حل . يجب ان نسأل انفسنا.. اذا كانت دول حوض النيل في حاجة الي التأمين المائي والي التنمية.. فلماذا لا نبادر نحن بذلك، لماذا- ونحن لدينا آلاف من مهندسي الري العظماء- لا نبدأ بطرح مشروعات لحماية مياه النيل من هذا الاهدار الغريب.. وننقذ 59٪ من المياه تضيع ولا يستفيد منها احد. اذا كانت المشكلة عندنا.. فلماذا لا يكون الحل من عندنا.. حتي لا نفاجأ يوما بان النيل مجاشي.