في الأعياد والمناسبات.. لابد من العودة الي الجذور.. ومن أجل أهلي سافرت الي بلدي في محافظة الشرقية.. للاطمئنان عليهم وقضاء بضع ساعات مع أخوتي وأولادهم وخرجت في نهاية اليوم بانطباعات لا تخطيء عن القرية المصرية مهما اختلف مكانها .. أهمها ان البعيد عن القلب بعيد عن العين. عندما قامت ثورة يوليو 25 كان من أهم أهدافها تحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء علي الاقطاع.. ومن أهم القوانين التي أصدرتها الثورة قانون الاصلاح الزراعي وتوزيع الأراضي الزراعية علي من يزرعها.. وعاش الفلاح المصري أزهي عصوره في الحقبة الناصرية. واصبح القطن المصري يسمي الذهب الابيض .. وأصبحت دول العالم تتهافت عليه.. وكان يوم حصاده عيدا للفلاح المصري.. واستمر اهتمام الدولة بالفلاح.. كانت توفر له مستلزمات الانتاج.. بل ان كراكات وزارة الري كانت تجوب القري لتنظيف الترع والمصارف أولا بأول.. كانت مياه النيل في صفائها ونقائها أجمل من المياه التي تسمي بالمعدنية.. وبعد وفاة عبدالناصر تغير الحال الي السيئ. وفي الحقبة الساداتية.. كان الانفتاح الاقتصادي هو شعار المرحلة لدرجة أن هناك قولاً مأثوراً للرئيس السادات.. بأنه من لم يجمع الثروة الآن ويصبح مليونيرا لن يستطيع بعد ذلك.. وأصبح الاستيراد هو سيد البلد.. وقل الاهتمام بالزراعة وانتشرت الاغذية الفاسدة وظهر توفيق عبدالحي وأمثاله واستوردوا كل شيء فاسد علي انه صالح للاستهلاك الآدمي. والشعب المصري تحت وطأة الفقر.. هضمت معدته كل شيء .. وعندما قامت انتفاضة 7791 ضد ارتفاع الاسعار وتدني مستوي المعيشة سماها السادات بانتفاضة الحرامية.. وقبض علي كل من يعترض حكمه.. وساعده في ذلك الإعلام الحكومي.. وهاجر الفلاح المصري الي دول الخليج في محاولة لكسب قوت يومه .. واستشهد السادات يوم فرحه.. .. وتغير حال الفلاح من سيئ الي أسوأ. وجاءت حقبة مبارك التي استمرت 03 عاما فقد فيها الفلاح المصري البقية الباقية من الأمل الذي يعيش عليه، وتركته الدولة فريسة لبنك الائتمان الزراعي.. الذي يمده بالاسمدة والبذور ولكن بأسعار مضاعفة.. وتراكمت الديون علي الفلاح.. واصبحت سيفا مصلتا عليه.. الدفع أو السجن.. وتواري الفلاح الي مؤخرة الاهتمام أثناء حكم مبارك.. بل منعه من زراعة الارز الذي يعتمد عليه في قوت يومه بحجة توفير المياه والقضاء علي السحابة السوداء. وأصبح الفلاح المصري محاصرا بين حكم مبارك ومتطلبات الحياة التي تتراكم عليه يوميا وتحولت الترع والمصارف الي بؤر للامراض ومرتع للصرف الصحي وانتشرت امراض الكبد والفشل الكلوي.. واصبح الاهتمام الاول لعصر مبارك هو سياسة الجولف والمنتجعات السياحية التي انتشرت في ربوع مصر، يسكنها اصحاب الملايين ولا يقترب منها غالبية الشعب المصري المغلوب علي أمره. وتغلغل الفساد في كل اركان الدولة وسيطر احمد عز وزبانيته بمساعدة العادلي وأمن الدولة علي مقدرات الوطن واتجه الجميع لخانة التوريث.. أصبح جمال مبارك الحاكم الفعلي يخطط ويصدر الاوامر.. وعلي الجميع التنفيذ ساعده في ذلك الاعلام الحكومي الفاسد ممثلا في صفوت الشريف وأنس الفقي.. وفجأة انهارت الدولة بسبب السياسات الفاشلة للحزب الوطني ومازالت في مرحلة المخاض منذ بداية ثورة يناير وحتي الآن. وأختار الشباب الهجرة غير الشرعية .. والموت بين أمواج البحار علي الحياة في عصر مبارك . قبل الختام.. أتمني من الدكتور عزازي علي عزازي محافظ الشرقية ان يتفرغ لمعاينة ما تعانيه قري المحافظة خاصة من الصرف الصحي مثل قرية ميت حمل لتوقف العمل في المشروع بعد الثورة لعدم توافر المخصصات المالية وهروب المقاول لعدم حصوله علي مستحقاته بدلا من حضور المحافظ الأفراح وزيارة الأيتام.. فقري المحافظة في انتظاره ليري الحقيقة المؤلمة التي تعيشها.