عدت إلي مصر بعد أشهر من ثورة شعب مصر يوم 52 يناير وبروز الروح الجميلة المتحدة التي لمستها بين المواطنين في تلك الأيام.. والحماس للتنظيف الذي أبداه الشباب.. وتحول الحكم في مصر إلي الديمقراطية الحقيقية التي طالما تمنيتها لمصر الحبيبة. لكنني وجدتها كما تركتها قبل الثورة.. بل زاد عليها احساس المواطنين البسطاء بعدم الاطمئنان لقوت يومهم ومستقبل أبنائهم.. ووجدت أيضا شكا لدي الناس من فاعلية المحاكم التي تجري لرموز النظام السابق.. وعدم التيقن من عودة الأموال الهائلة المهربة وخصوصا أسرة الرئيس المصري وأصدقاءه من رجال الأعمال.. كما انتشرت الفوضي وأعمال البلطجة في الشوارع فانحرم الناس من الأمن والاطمئنان.. ولا أدري هل يتعمد هؤلاء الأشخاص الأشرار بمبالغ تدفع لهم لنشر السرقة والاعتداء علي الناس وممتلكاتهم حتي يتحسر الناس علي الأمن خلال عهد مبارك. لقد تقلصت الطبقة المتوسطة في حكم مبارك كثيرا واتسعت طبقة الفقراء بسبب غلاء المعيشة المتزايد في ظل رواتب ضئيلة إذ لا يزيد أدني راتب في أي قطاع حكومي عن 004 جنيه ووعدت الحكومة الجديدة برفع الراتب الأدني إلي067 جنيها ولم يحدث ذلك حتي الآن.. الأمر الذي يحتاج إلي خطة قومية وتدريب وحملة إعلامية للتخلص من هذه الظاهرة السيئة التي كرسها النظام السابق ولا تتماشي مع روح مصر الحضارية. ان تدهور الحياة الاجتماعية والاقتصادية أمر لا يتناسب مع ما تتمتع به مصر من ثروات متعددة فهي تملك النفط والمعادن والزراعة إلي جانب السياحة وثلثي آثار العالم ودخل قناة السويس والطقس الجميل مع الشمس المشرقة أغلب شهور السنة. علي المسئولين اليوم ان يعرفوا كيف يوفرون الحياة الكريمة لهذا الشعب الطيب المسالم المرحب بضيوفه من الدول الأخري بروحه البشوشة وابتسامته المشرقة.. بالعلم والعدالة من خلال تكافؤ الفرص في الدراسة والعمل.. وانتهاج التدريب وتطبيق القوانين الصارمة علي جميع أفراد الشعب لكي تختفي الصورة المؤلمة التي وجدتها قبل الثورة ومازلت ألاحظها من تدهور السلوك الأخلاقي اليومي لدي معظم المواطنين بشكل عام.. وكأنهم يعيشون في حالة فوضي نفسية وأخلاقية سببها عدم تواجد قانون يطبق علي الجميع بصورة عادلة.. الأمر الذي أتمني ان توفره هذه الثورة الشعبية. ان ما آلمني حقا تحول شوارع الأحياء الراقية مثل الزمالك وحي المهندسين إلي شوارع قذرة بعد ان عاصرتها في الستينيات والسبعينيات راقية ونظيفة. كانت الحياة في مصر في تلك الفترة ممتعة.. لم تكن مزدحمة مثل الآن ولم تهمل نظافتها. كان ينبغي علي النظام السابق ان يبني جسورا ويشق شوارع أكثر لتفادي هذا الازدحام الشديد. ان مصر بثرواتها الهائلة المادية والبشرية قادرة ان تصبح مثل الدول المتقدمة.. لكي يزداد إقبال السياح عليها ويستطيع سكانها قضاء احتياجاتهم اليومية دون ارهاق وتوتر.. وكل ما هي بحاجة إليه خطة قومية للثلاثين سنة القادمة من أجل تطويرها في جميع المجالات مع التخلص من الروتين والبطء في الاجراءات الحكومية التي لا تشجع علي الاستثمار في مصر.. وتطوير الرواتب.. ليكون المواطن مطمئنا مرتاح النفس لحاضره ومستقبله.