.. كدت أبكي بدل الدموع دم وأشق هدومي حزناً وغماً علي حال الرئيس المخلوع حسني مبارك وتذكرت قول الشاعر: هام بي الأسي والبؤس حتي كأنني عبلة والبؤس عنتر فقد خرج علينا عمنا وتاج راسنا المحامي فريد الديب ليعلن أن الرئيس المخلوع راجل طيب جداً يا ولداه وأنه لا يذكر حتي أعداءه بأي سوء.. وبالصراحة اللي في زماننا قليلة شعرت أن خنجراً مسموماً يقطر في قلبي دماً بعد أن سأل الديب الراجل الطيب قائلاً: كيف تشعر الآن وأنت مقيد ولست بحر؟! ويرد الراجل الطيب قوي علي السؤال بسؤال.. فيقول: متي كنت حراً!! أنا لم أكن حراً يوماً.. فلم أكن أستطيع الذهاب إلي السينما أو النزول إلي الشارع!! وهو هنا يستحق لقب الرئيس المحروم فتصوروا حضراتكم حجم المأساة التي كان يعيشها السيد الرئيس المخلوع الطيب جداً.. هل فكر أحدكم في مساحة الكارثة التي حلت به جراء هذا الحرمان خصوصاً من السيما التي هي فسحة أهل مصر جميعاً ومحلهم المختار للترفيه والتسلية.. وما أعظم وأضخم تضحيات هذا الرجل فقد حرم نفسه أيضاً أو حرمته المسئولية من النزول إلي الشوارع والتي كانت بالنسبة لعامة الناس هي الملهاة ففيها كنا نجري زمان وراء عربات الرش ونقذف المارة من بعيد بالطوب ونلعب الكورة ساعة العصاري ونتسكع بلا هدف في أنصاص الليالي.. صحيح ما أقسي المعاناة التي فرضتها شئون الحكم والسياسة والرئاسة علي الراجل الطيب.. الذي لم يعد يملك من حطام الدنيا ولا حتي دولاراً واحداً تصدقوا!! ولكن حجم ما يمتلكه المخلوع ستة ملايين جنيه مصري فقط لا غير وهو يعيش علي معاشه الشهري الذي قدره المحامي الكبير بمبلغ 39 ألف جنيه والسؤال الآن.. هل تمتعت أسرة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي غير الحياة علي وجه مصر وانحاز للفقراء وأمم الشركات وأقام الألف مصنع.. هل كان معاشه 39 ألف جنيه.. بلاش عبدالناصر هل حصل صاحب نصر أكتوبر وصاحب قرار العبور وبطل الحرب والسلام وأحد ثوار يوليو العظام أنور السادات واحد علي عشرة من هذا المعاش؟! الإجابة بالتأكيد هي ب لا.. والسؤال الآن.. كيف تحصل الرئيس الطيب جداً المتفاني في خدمة وطنه علي الآخر المحروم من النزول إلي الشارع مثل بقية خلق الله ومنهم من يفترشون الرصيف وينعمون بمكان مرموق حيث يستمتعون بالشارع ليل نهار.. أقول.. كيف أمكن لهذا الرئيس وحده دون سواه من الرؤساء أن يتحصل علي معاش قدره 39 ألف جنيه في الشهر.. وبالمناسبة أنا أقدر للسيد الرئيس حجم الحرمان من الذهاب إلي دور السيما باعتباري كنت من رواد سينما علي بابا والفنتازيو وشهرزاد وهي سينمات كانت تعرض في الحفلة والواحدة 3 أفلام.. وأصارح حضراتكم بأنهم لو خيروني بين حرية الذهاب إلي السيما أو كرسي الرئاسة فإنني لن أملك شجاعة الرئيس المحروم ولا حكمته ولن تتوافر لي المقدرة علي التضحية بحريتي في نزول الشارع أو الفرجة علي السيما من أجل كرسي الرئاسة الزائل ولهذا فإنني أدعو كلا من عمرو موسي وحمدين الصباحي ومحمد البرادعي إلي الفرجة علي كل الأفلام في جميع دور العرض العربي منها وأم الأجنبي وفوق ذلك عليهم التسكع في شوارع القاهرة وما جاورها ليل نهار حتي لا يعايرنا أحد منهم بأنه ضحي بالغالي والنفيس وترك متعة الذهاب إلي السيما والنزول إلي الشارع من أجل خاطر عيوننا.. وأخيراً رجاء لعمنا وتاج راسنا المحامي الكبير فريد الديب.. اسمح أقول لك.. من أين لحسني مبارك ال39 ألف جنيه في الشهر.. لو عندك إجابة أرجوك اسعفني بيها!!