اليوم تحبس أوروبا انفاسها وسط انتخابات محمومة استعدادا لنتيجة انتخابات البرلمان الأوروبي وهي الأصعب في تاريخ الاتحاد الأوروبي حيث ستحدد هذه الانتخابات مصير التكتل ومصير أوروبا القارة العجوز، وسط تحديات بصعود اليمين المتطرف، وأزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي »بريكست»، إلي جانب أزمات الهجرة واللاجئين، وتصاعد الخطاب المتطرف ضد الاسلام والمهاجرين، بالاضافة إلي الاختلافات بين الدول الأعضاء حول الدور الذي يقوم به الاتحاد الأوروبي. وتشهد تاسع انتخابات في تاريخ البرلمان الأوروبي والتي من المتوقع ان يصوت بها 427 مليون ناخب منافسة شديدة بين الأحزاب القومية المشككة بالاتحاد الأوروبي، والأحزاب الوسطية الداعمة للكيان الأوروبي وتتسابق في هذه الانتخابات -التي بدات الخميس وانتهت أمس الاحد - وتجري كل خمس سنوات 8 تيارات للفوز بالأغلبية البرلمانية، حيث يحصل الفائز بأغلبية الأصوات علي الحق في الترشح لمنصب رئيس المفوضية الأوروبية -المنصب الأهم- والذي يشغله حاليا جان كلود يونكر وايضا سيكون للكتلة الاكثر اصوتا الكلمة العليا في تقرير سياسات الاتحاد وسيختار ناخبون من 28 دولة مشاركة في الاتحاد خلال هذه الانتخابات 751 نائبا، يمثلونهم في البرلمان الأوروبي الجهة الوحيدة في الاتحاد التي تتشكل عبر الانتخاب الشعبي المباشر كما ان هذه الانتخابات تعتبر فرصة لاظهار معارضة الاوربيين لسياسات حكوماتهم من خلال التصويت لاحزاب اخري غير التي تتولي السلطة وهي انتخابات مصيرية لانها بمثابة معركة بين الاحزاب القديمة والاحزاب القومية الجديدة..حيث لم يسبق أن تواجد هذا العدد الكبير داخل دول الاتحاد الأوروبي من الشعبويين اليمينيين والمتشككين في أوروبا في سباق أنتخابات وقد يحصلوا حسب الاستطلاعات علي 20 في المائة من مجموع المقاعد، حيث راكمت الاحزاب القومية نجاحات انتخابية في الاعوام الاخيرة مع أمل بتعزيز موقعها داخل البرلمان الأوروبي في تلك الانتخابات المقررة..ويعد الشعبويون اليمينيون ناخبيهم باتحاد أوروبي مختلف تماما تحصل فيه الدول التي تولي فيها القوميون مثل ايطاليا والمجر والنمسا ودول اخري علي الحقوق التي خسرتها ويتم تجريد بروكسل من السلطة فيه. في الوقت الذي تطلق عليهم الاحزاب القديمة علي القوميين بالمتطرفين في اووربا وتحذر الناخبين من مغبة انتخابهم. بعض التوقعات تشير إلي عدم فوز الأحزاب الشعبوية واليمينية بالاغلبية في البرلمان المقبل. وتقول كاتارينا بامبيرغ، المحللة السياسية والخبيرة في شؤون الهجرة بمركز السياسات الأوروبية في بروكسل، إنه من المتوقع أن يظل حزب الشعب الأوروبي -يمين الوسط- القوة الأكبر لكن الكثيرين يتوقعون أن تحصل الأحزاب الشعبوية علي ثلث المقاعد، الأمر الذي يمنحهم تأثيرًا أكبر من الناحيتين القانونية والسياسية و يري ماتياس يونج رئيس معهد استطلاعات الرأي الألماني أن اليمين المتطرف يتعرض إلي عدة ضغوط بعد سلسلة لفضائح تلاحق الشعبويين في أوروبا، بداية من فضيحة نائب المستشار النمساوي هاينز شتراخه، ومشاركة بانون في لقاء الاحزاب اليمنية الاخير إيطاليا، واتهامات في فرنسا بأن اليمين المتطرف حصان طروادة لخطط الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب لإضعاف أوروبا واذا استطاع حزب الشعب الأوروبي، الذي يضم أحزاب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد المسيحي الاجتماعي في ألمانيا، والجمهوريون في فرنسا، و»فورزا إيطاليا»، والذي شغل 219مقعدًا في البرلمان الأوروبي الأقوي بعد الانتخابات فسوف يستمر في توجيه السياسات الخاصة بالهجرة واللاجئين من خلال التركيز علي إدارة الحدود وسياسات هجرة مقيدة نسبي. وقد حذرت الاحزاب الرئيسية ومؤيدوها مثل الرئيس الفرنسي ماكرون، الناخبين من مخطط لتفكيك الاتحاد الأوروبي، وان هناك تواطؤاً بين القوميين ومصالح أجنبية بهدف تفكيك أوروبا بتمويل ومساعدة الأحزاب اليمينية مشيرا إلي أن ستيف بانون المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وممولين روس يدعمون أحزاباً متطرفة. كما اعتبر أن هذه الانتخابات هي الأكثر أهمية منذ 1979، لأن الاتحاد يواجه خطراً وجوديا وتعتبر هذه الانتخابات في جانب كبير منها تصويت علي مستقبل اللاجئين في أوروبا..ويطالب الشعبويون او القوميون مثل رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان أو وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني او مارين لوبن زعيمة اليمين المتطرّف في فرنسا أو زعيم حزب الحرية النمساوي هانس كريستيان شتراخه الذي استقال بعد فضيحة مدوية مؤخرا بالانعزال واغلاق الحدود لإبعاد المهاجرين والمسلمين.. ويتهم اوربان جبهة الديمقراطيين الليبراليين مثل الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل بانهم يريدون استبدال سكان أوروبا وأسلمتها من خلال السماح باستقبال المهاجرين.. في الوقت الذي يري فيه سالفيني زعيم حزب رابطة المهاجرين المناهض للهجرة في إيطاليا أن تحالفه الذي تم تشكيله حديثًا سيفوز بعدد قياسي من المقاعد في الانتخابات مما يمنحه صوتًا قويًا في كيفية إدارة الاتحاد الأوروبي المؤلف من 28 دولة وبسبب ازدياد التأييد للقوميين المشككين في الوحدة الأوروبية نتيجة الاستياء العام من بطء النمو الاقتصادي ورد الفعل المعارض للهجرة عبر حدود مفتوحة في أوروبا في كثير من الدول الأعضاء وتتوقع الاستطلاعات إن الانتخابات الأوروبية ربما تؤدي إلي تراجع هيمنة الكتلتين السياسيتين الكبيرتين وهما »الحزب الشعبي الأوروبي» في اليمين والاشتراكيون في اليسار، وتشير استطلاع الرأي إلي أن كلا من الكتلتين ستخسر حوالي ثلاثين مقعدا علي الأقل، لكنهما ستبقيان أساسيتين. وتربط بين قيادات اليمين المتطرف أهداف عقائدية عامة تتمثل في الحد من المسار الليبرالي الواضح الذي يسير فيه الاتحاد الأوروبي وإعادة زمام السلطة إلي عواصم الدول الأعضاء. حيث تسعي ألاحزاب اليمينية الشعبوية إلي تشكيل جبهة موحدة داخل البرلمان الأوروبي الجديد وحتي الآن يتوزع اليمينيون الشعبيون في أوروبا داخل برلمان الاتحاد الأوروبي عبر ثلاث كتل.و في الماضي، فشل التعاون بين هذه الكتل بسبب اختلافات أساسية، اما الآن فهي تسعي لتشكيل تكتل جديد كبير. يضم ما يصل إلي عشرين حزباً ومجموعة في »تحالف للشعوب والأمم الأوروبية» معروف ان هناك فجوات واسعة بين دول الاتحاد الأوروبي منذ سنوات. وخاصة بين دول الشمال والجنوب وأخري بين الغرب والشرق. او ما يطلق عليه بالدول المانحة التي تقع في الشمال والغرب من الاتحاد الأوروبي، والبلدان الضعيفة اقتصاديا والتي تحتاج إلي المساعدة والتي تقع في الشرق والجنوب من الاتحاد وبسبب هذه الخلافات فشلت الموافقة علي ميزانية الاتحاد الأوروبي ل 2021 و2027 قبل الانتخابات الأوروبية.