في 16 فبراير 1989، أي بعد تأسيس »مجلس التعاون الخليجي» ب 8 سنوات، تأسس تحالف عربي جديد بمسمي مشابه وهو »مجلس التعاون العربي» وذلك بتفاهم سياسي عراقي/ إيراني، وكان أعضاء هذا الحلف وقت إنشائه كلا من مصر والأردنوالعراق واليمن الشمالي. كان مخططًا ل»مجلس التعاون العربي» آنذاك القيام بدور ريادي في المنطقة، وفعلاً بدأ بنشاط كبير حيث كانت الرغبة في دعم التعاون والتكامل الاقتصادي فيما بين أعضائه، وذلك كخطوة أولي وبما يمكن من مواجهة تحديات المنطقة وقتها، وبما يحقق تحضيراً قوياً لتعبئة الإمكانات وحشدها سياسياً وعسكرياً وأمنياً وثقافياً وتربوياً واقتصادياً لمراحل مستقبلية، إلي أن نشبت حرب الخليج عام 1990 والتي قضت علي هذا التحالف الاستثنائي بعد إنشائه بسنوات قليلة. منذ أيام قليلة وتحديداً في 24 مارس 2019 أي بعد 30 عاماً من إنشاء »مجلس التعاون العربي» انعقدت القمة المصرية الأردنيةالعراقية بالقاهرة، ليس أن التاريخ يعيد نفسه، فالظروف السياسية والأمنية مختلفة تماماً، ولكنه إجراء إستراتيجي مهم من حيث التوقيت والظروف أظنه يحمل أهدافا مشتركة شديدة الأهمية علي الأصعدة الاقتصادية والأمنية والسياسية. فاقتصادياً نجد العراق التي تملك ثالث احتياطي نفطي في العالم يقدر بنحو 143 مليار برميل بعد السعودية وإيران، يصل منها خط نفط إلي الأردن وأظنه مخطط أن يمتد إلي مصر، فضلا عن اتفاقيات بشأن تسهيل نقل البضائع وبشأن التسهيلات الجمركية بين البلاد الثلاث، وهو ما سيؤدي إلي انتعاش اقتصادي يدعم الاستقرار في البلدان الثلاث. وأمنياً، جارٍ بحث إمكانية مكافحة الإرهاب وتداول المعلومات بين البلدان الثلاث، وهو من حيث التوقيت يرتبط بالقضاء علي داعش في سوريا والمحتمل هروب بعض فلولهم إلي مصر والأردنوالعراق فضلاً عن دول أخري داخل المنطقة وخارجها.. إلا أن الأمر الأهم أمنياً من وجهة نظري أن الدول الثلاث في أمس الحاجة لعمق استراتيجي متماسك قادر علي فرض التوازن واستيعاب محيط ملتهب يتمثل في إيرانوسوريا وإسرائيل والخليج. أما علي الصعيد السياسي، ورغم أن القمة العربية الثلاثية لم تعلن عن إنشاء تحالف عربي، إلا أنه من الضروري العمل علي إنشاء تحالفات عربية قوية وفعالة، تحالفات قادرة علي تحقيق التوازن السياسي والعسكري لمنطقتنا العربية بل ومنطقة الشرق الأوسط متضمنة دول الجوار الإقليمي وتحديداً إيران وتركيا وإسرائيل، تلك الدول التي تُعد سبباً رئيسياً لعدم الاستقرار الذي تعيشه منطقتنا. وأخيراً يحضرني سؤال يفرض نفسه، هل القمة المصرية الأردنيةالعراقية بالصورة المطروحة يُعد رداً علي قرار ترامب بضم الجولان لإسرائيل؟ • زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا