محافظ سوهاج يتابع انطلاق البرنامج التدريبي "المرأة تقود"    قرار جمهوري بترقية عدد من مستشاري هيئة قضايا الدولة    هام وعاجل من التعليم قبل بدء الدراسة: توجيهات للمديريات    مصر تبحث مع «تويوتا» مستجدات تطوير محطة الرورو بميناء غرب بورسعيد    نزع ملكية أراضي وعقارات لإنشاء محور دار السلام على النيل    إحالة المخالفين للتحقيق..محافظ سوهاج يوجه بسرعة صرف الأسمدة ببرديس    السيسي يؤكد حرص مصر على مواصلة التنسيق والتعاون المشترك مع البحرين    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    إسرائيل تقرر سحب تأشيرات الإقامة لممثلي أستراليا لدى السلطة الفلسطينية    إندبندنت: احتجاجات تل أبيب الأكبر والأعنف للمطالبة بوقف الحرب على غزة.. صور    تفاصيل ختام دورة تطوير مدربات ناشئات كرة القدم بالتعاون بين الاتحادين المصري والنرويجي    ضبط 7 أطنان دواجن ولحوم مجهولة المصدر بالشرقية    حبس تشكيل عصابي تقوده ربة منزل بتهمة سرقة الدراجات النارية في النزهة    حبس المتهمين بالتخلص من جثة صديقهم أثناء التنقيب عن الآثار في الشرقية    أحمد الفيشاوي يبدأ تصوير سفاح التجمع    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    تعرف على إيرادات فيلم "أحمد وأحمد"    الصحة: إصدار 907 موافقات لعمليات زراعة أعضاء في 2025    طريقة عمل الكريب، أكلة سريعة ومناسبة لأجواء الصيف    رئيس "الجبهة الوطنية": الفرص متساوية في الترشح لانتخابات "النواب".. والشفافية تحكم الاختيار    "ما السبب؟".. رد حاسم من لجنة الحكام على طلب الأهلي بإيقاف معروف    "كان بيطفي النار".. إصابة شاب في حريق شقة سكنية بسوهاج (صور)    القومي للاتصالات يفتح باب التقديم في برنامج "سفراء الذكاء الاصطناعي"    بعثة يد الزمالك تطير إلى رومانيا لخوض معسكر الإعداد للموسم الجديد    أرباح "أموك" للزيوت المعدنية ترتفع طفيفا إلى 1.55 مليار جنيه في 6 أشهر    الفنانة مي عز الدين تخطف الأنظار فى أحدث ظهور من إجازتها الصيفية    المفتي يوضح حكم صلاة الجنازة على الغريق المفقود    ماذا نعرف عن طارق فايد رئيس المصرف المتحد الجديد؟    "عين شمس" ضمن أفضل 700 جامعة عالميا وفق تصنيف شنغهاي 2025    مقترح برلماني لتعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا    بالفيديو.. الغرف التجارية: متابعة دائمة من الأجهزة الرقابية لتطبيق التخفيضات خلال الأوكازيون    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: دخول 266 شاحنة مساعدات منذ الجمعة والاحتلال سهل سرقة معظمها    الجمعة.. ويجز يحيي حفلًا بمهرجان العلمين    حظك اليوم.. تعرف على توقعات الأبراج اليوم الاثنين    رضا عبدالعال: خوان ألفينا سيعوض زيزو في الزمالك.. وبنتايج مستواه ضعيف    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    اليوم.. الأهلي يتسلم الدفعة الأولى من قيمة صفقة وسام أبو علي    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    نشأت الديهي يكشف مخططات «إخوان الخارج» لاستهداف مصر    وزيرة التضامن الاجتماعي: دعم مصر لقطاع غزة لم يكن وليد أحداث السابع من أكتوبر    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025 في أسواق الأقصر    وفاة شاب صدمته سيارة مسرعة بطريق القاهرة – الفيوم    «التعليم» ترسل خطابًا بشأن مناظرة السن في المرحلة الابتدائية لقبول تحويل الطلاب من الأزهر    "الأغذية العالمى": نصف مليون فلسطينى فى غزة على شفا المجاعة    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    «الصحة» تكشف عن 10 نصائح ذهبية للوقاية من الإجهاد الحراري    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    التعليم تحسم الجدل : الالتحاق بالبكالوريا اختياريا ولا يجوز التحويل منها أو إليها    جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025    دار الإفتاء توضح حكم شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    محافظة بورسعيد.. مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    قوة إسرائيلية تفجر منزلا فى ميس الجبل جنوب لبنان    "2 إخوات أحدهما لاعب كرة".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة إمام عاشور نجم الأهلي    دعه ينفذ دعه يمر فالمنصب لحظة سوف تمر    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    رضا عبد العال: خوان ألفينا "هينَسي" الزملكاوية زيزو    ماكرون: لا أستبعد أن تعترف أوكرانيا بفقدان أراضيها ضمن معاهدة سلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا أحد ينجو من طفولته !
نشر في الأخبار يوم 21 - 03 - 2019

الرغبة في العيش بالماضي ودوام التحسر عليه تيمة ثابتة في عقولنا ومخايلنا، نرجو ونتمني وتهفو نفوسنا إلي روايح روقان زمان ونسائه السِّمان.
البدايات هي التي تُهندس الطريق دائمًا إلي النهايات.
وبعض الأطفال يحملون الرجولة علي كواهلهم الغضة، تمامًا كما أن بعض الرجال يتشرنقون بالطفولة في رجولتهم الهشة؛ وربما لذلك يؤكد علماء النفس دومًا أنه لا أحد ينجو من طفولته، وأننا أُساري لتلك البدايات بطريقة أو بأخري، ليس فقط لأنها مرحلة التشكل والتأسيس الجيولوجي لطبقات العُمر المتراكبة، بل لأن لواحق الأفعال موصولة بلحظات البدء مهما حاولنا التنصل منها، ولقد دُهشت حين رأيتُ عند أحد أصدقائي مئات البناطيل، دولابا كاملا لها وحدها، وقتها أخبرني أنه لا يستطيع أن ينسي ذلك البنطال الوحيد الذي امتلكه في طفولته، وكيف أن أمه كانت تُرقع كل رتقٍ جديدٍ فيه حتي نسي لونه الأصلي، والآن بعدما تيسرت أموره يُريد أن ينتقم لنفسه ويُشبع حاجته الطفولية بتكديس البنطلونات رغم تجاوزه الأربعين.. الأدهي أن تكون تلك العُقدة النفسية رغبات شاذة في الانتقام والتدمير نتيجة لسلوكيات عدوانية واضطهاد في الطفولة؛ خاصة أننا لا نبحث سوي في النتائج الظاهرة عند كل تفجير جديد دون أن نحفر عميقًا وننبش في البدايات، ومن ثم لم نهتد حتي الآن إلي سبيل حقيقي للتخلص من تلك القنابل البشرية.. ولأن الناس عبيد عاداتهم، كما يقول الأستاذ العقاد، فإننا نحتاج إلي ضخ مفاهيم التسامح والمواطنة عند أبنائنا في التعليم الأولي، حيث العقول طازجة وأكثر ليونة عن ذي بعد، وحيث نملك بناء شخصيات قوية وقادرة علي التفاعل والمحاورة، عِوضًا عن تلك المخلوقات الشائهة التي قهرناها في طفولتها فانفجرت في وجوهنا بكل أريحية وبسالة بحثًا عن حياة أخري، بالتأكيد لن تكون لهم أقل إيلامًا.
كرسي »المحزنة»‬!
في السرادق وزراء ولواءات ومستشارون، كلهم آذان واعية، وأبصار شاخصة، ورؤوس يُطوّحها الطربُ والتخشّع يمنة ويسرة، أصغرهم عمره ضعف عمر ذلك القابع علي كرسيّه كما السلطان علي عرشه، وإن سمّاه بعض الناس بكرسي »‬المحزنة»، لأن قارئ القرآن لا يجلس عليه إلا في أيام الأحزان والأتراح.. يملك القارئ المصري الشاب ألقًا ساحرًا وعينين تشعّان نورًا قادمًا من هناك، من أعماق الروح، ومع هذا يُجيل لحاظه من طرفٍ خفيٍّ ليعلم وقع قراءته في السامعين.. إنه إنسان في النهاية، والأمل يحدوه لإدهاش المستمعين.. عِمته الزاهية، وجبته وقفطانه المهندمان تشعرك بأنك في حضرة تراث عتيد، فتهبط عيناك عنده، أما »‬لاسته» المطوقة لعنقه، فكأنها أسلاك شائكة مضروبة حول كنز ثمين!
الحقيقة أننا نمتلك جواهر قرآنية فريدة وإن كنا لا نعرف قيمتها حتي الآن، رغم أن العالم كله ينحني احترامًا لأصوات مشايخنا ويعترف لهم بالفضل؛ ولقد حكي صديقي الصحفي الكبير عماد عمر كيف أن مدينة بيروت لا تذيع سوي أذان الشيخ عبد الباسط عبد الصمد في كل مساجدها، في الوقت نفسه الذي تتخبط فيه مآذن القاهرة في حشرجات تسد النفس، ومطبات صوتية تبعث علي الأسي؛ حتي التليفزيون المصري تجاهل تمامًا تراثه الضخم وأذاع صوتًا هزيلًا يدعو إلي الحوقلة من مسجد الفتاح العليم، وكان الأولي به تصدير الإنجاز المعماري الجميل للمسجد بصوت محمد رفعت أو البنا أو المنشاوي أو مصطفي إسماعيل؛ وإذا أراد إنتاج صوت جديد فمن خلال مسابقة تُشرف عليها نقابة قراء القرآن الكريم.. إن قراءنا - يا سادة - قوة ناعمة لنا في العالم كله، وفي إفريقيا تُساعدنا مجانًا وقت رئاستنا للاتحاد.
فيروسات داعشية
كالفيروسات المُهلكة تنتشر الأفكار الداعشية بين القارات وتتلبس في كل الأجساد دونما تفرقة بين الألوان أو العقول؛ هكذا تقول الكتاباتُ التي وضعها المُجرم النيوزيلاندي علي أسلحته الآلية وتضم أسماء متطرفين سابقين، ليس هو آخر نبتةٍ في شجرتهم الشيطانية وسلسالهم الآثم، تمامًا كما تقول إن هناك حقائق تاريخية لا يمكن تجاهلها أو القفز عليها؛ أهمها أن الإسلام مُبتلي بالمتشددين طوال تاريخه؛ سواء كانوا من مُدعيه الذين يسعون لتطبيق أفكارهم السقيمة عنه بالسيف، أو من متطرفي الملل الأخري الذين ينتمون إليها أيضًا بالاسم فقط، ولا شك أن لهم مآرب أخري، سياسية أو اقتصادية.. لا فرق؛ إذ المعلوم أن الأديان كلها خرجت من مشكاةٍ نورانيةٍ واحدةٍ لتحقيق التعايش والتسامح والتقارب بين أبناء الإنسانية.. ثم يستوي بعد ذلك منظر الدواعش وهم يقتلون بكل »‬يقين» إخوتنا المسيحيين في ليبيا نحرًا وبين هذا الداعشي النيوزيلندي الذي يقتل المسلمين في المسجد؛ ألم يقل نيتشة: »‬إن اليقين هو الذي يقتل وليس الشك»؟!
مُدَّعو الإسلام قتلوا المسلمين في المساجد والمسيحيين في الكنائس؛ ومُدَّعو المسيحية قتلوا المسلمين في المساجد وقتلوا المسيحيين في الكنائس؛ والصهاينة يقتلون الاثنين باسم يهوذا.. وكل الأديان بريئة من تلك الشراذم الآثمة التي تظن أنها يد الله الباطشة في الأرض وأنها إنما تفعل ذلك انتصارًا لإرادته.. تعالي الله عما يقولون علوا كبيرا.. غير أن الأمر في النهاية لا يتعلق - كما يقول سبينوزا - »‬بأن نضحك أو نبكي، وإنما أن نفهم»؛ لأننا مسئولون بطريقة أو بأخري عن الحوادث التي تقع ضدنا نحن العرب أو التي تقع ضدنا نحن المسلمين، وذلك لأننا ابتعدنا عن ضوء الدين الوهاج وصدَّرنا إلي الآخرين دينًا قاتلا مجرمًا سفاحًا للدماء، فبادلنا الدماء بالدماء، ألا يقولون إن الدم لا يغسله سوي الدم، تارة بأفعال الأفاكين من الدواعش والإخوان وتارة أخري بالتفسيرات الرجعية للقرآن التي انبثقت في سياقاتٍ تاريخيةٍ وبيئية مُغايرة؛ حيث تشبثنا بها واتهمنا مَن يُحاول إعادة التفكير في واقعيتها وصدقها بالكفر والزندقة، فغطسنا في أوحالٍ ماضويةٍ مُنبتة الصلة بالركب الحضاري.. كل هذا بالطبع مع تغذية استعمارية تسعي جاهدة لطمس بصيرتنا عن سكة العلم وطريق الحضارة بنفخ الكير في العصبيات الطائفية والمذهبية أو بالاحتلال العلني لأراضينا بادعاءات الديمقراطية!
ورغم أن المثل الصيني الشهير يقول: »‬مَن لا يُقارن لا يعرف»، ورغم أن المقارنة لا تعني المطابقة بالضرورة، فإننا لابد أن ندرك أن الأوضاع في الأمة الإسلامية مُشابهة جدًّا لما حدث في أوربا إبان العصور الوسطي، حيث كان التعصب للمذهب داخل الدين الواحد هو السائد، وأنه »‬خارج الكنسية المسيحية البابوية الرومانية المقدسة لا خلاص للإنسان في الدار الآخرة ولا مرضاة عند الله»، غير أنهم تغلبوا علي عاهاتهم، وانغمسنا نحن بها، وهذا ما تقوله خطابات القرضاوي والبغدادي والظواهري، وبل وقالته دكتورة سورية انضمت لداعش: »‬الإرهاب منهج إسلامي ضروري لابد منه لنشر الرعب في أولئك الذين انغمسوا في الشرك والشهوات ليفرض عليهم الخضوع في الإسلام»!!
لا مُلتحد لنا سوي إعادة غربلة ثقافتنا الإسلامية وبث التنوير في عقول أبنائنا لمواجهة عديمي الإنسانية هؤلاء - أيا كان دينهم - وتعريتهم تمامًا أمام أنفسهم وأمام العالم.. تلك هي مهمتنا الحقيقية وذلك هو جهادنا الأكبر.
نعكشات واجبة
أول الغيث قطرٌ ثم ينهمرُ؛ هذا ما شعرتُ به حينما استقبلت الكتاب الأول لصديقي الأستاذ سعيد الخولي، »‬أوراق العمر الأخضر، نعكشات في الذاكرة»، ذلك الكتاب متين السرد محبوك الأسلوب الذي يشع صدقا فنيا فريدًا دونما افتعال؛ تضحك مُبتسمًا »‬للماضة» ذلك الطفل الشقي المسكون بالمغامرة، ويخفق قلبك مع أول شنكلة في شباك الحب.. ثُم تُزيح الحجب فتكتشف أن النعكشات تحمل مستويين من الإرسال: مستوي السطح البراق، ويضم سيرة ذاتية للمؤلف وحكايا الريف النقي ولحظات اللطشة الأولي للمدينة، تلك اللطشة اللطمة التي أيبست قلوب أجيال كاملة نزحت من الطين إلي الأسفلت، من اتساع الأفق واندياح السبيل، إلي الانغلاق والضيق الخانق لوجوه أسمنتية لا تُبين عن دواخلها.. أما المستوي الثاني فهو غاطس في ظلال الكلام يحتاج إلي الغوص لاستكناه درره، وهو ما أعدّه سيرة ذاتية للوطن وخطا موازيا طوال عشرين عامًا.. سيرة مصر في عيني فتي حالم برغدٍ مقبلٍ، في كفاح والدٍ يرمي شباك رزقه حيثما توافرت لقيمات العيش، في تجاعيد أم تخلط العَرق بالماء لتطبخ عمرها وجبةً طازجةً تقتاتها أسرتها فتقوي علي تغول أوضاع متردية، في الأمل المُنكسر للعم الأفندي الذي محا الزمان ما خطه من تهاويم المستقبل.
الرغبة في العيش بالماضي ودوام التحسر عليه تيمة ثابتة في عقولنا ومخايلنا، نرجو ونتمني وتهفو نفوسنا إلي روايح روقان زمان ونسائه السِّمان؛ وهذا شوق مُفيد مادام لن يتخطاه إلي الاستلاب العقلي المتحنط بأوهام التقدم المعكوس إلي الخلف، مادام يُدرك أن عيوننا في الوجه وليست في القفا.. إننا نفتح كتاب التاريخ لنحدّ النظر إلي قُدام، لنعدلَ عرجتنا ونصلب طولنا ونمد أفئدتنا فنهتبل ما يليق بنا من أسباب التقدم والحضارة.. نعكشات الخولي، لازمة، واجبة، تمامًا كعلامات الطريق للمسافر؛ وإذا كان كل امرئ يُنفق من كيسه، فأنا أعلم أن كيس الأستاذ الخولي لايزالُ مُترعًا أو »‬مليان لأبو دينه»!
بنت نكتة
لاتزال الصحافة أهم روافد الحياة الثقافية المصرية في عصرها الحديث، ولاتزال مؤسسة أخبار اليوم أهم تلك الروافد وأقواها وأكثرها تجاوبًا مع الواقع ومتطلباته المتجددة، حيث تمد الوسط الصحفي بأبناء جدد يملأونه حيوية ناشطة ونشاطًا حيويًا، ويحملون شعلة التنوير التي أضاءها أساتذتهم الأقدمون الذين حملوا علي عاتقهم مهام وطنية معرفية لمواجهة التطرف الفكري والحفاظ علي أيقونة الأصالة الوسطية المصرية، من خلال إسهام كبار الساخرين الذين أضحكوا طوب الأرض بكتاباتهم اللاذعة، ليس لمجرد الإضحاك الأبله وإنما لمعالجة قضايا الوطن الاجتماعية والسياسية؛ ولا أعتقد أن هناك من يملك الجرأة لإنكار تأثير »‬نُص كلمة» لأحمد رجب أو بورتريهات مصطفي حسين في الواقع الثقافي والسياسي طوال نصف قرن.
إن الكتابة الساخرة قبسٌ من الحياة السياسية تتوهج إن نفخت فيها من روحها وتخبو إن جف ماؤها وانعدم تأثيرها؛ ولأن مصرنا الغالية تسعي نحو إعادة البناء فإنني أثق في عودة هذا النوع من الكتابة أقوي مما كان، ليس في ضحكة سخيفة تخرج من عقل فارغ مليء بالهراء، وإنما في بسمة عاقلة تناقش بعمق ناضج مشاكل الوطن المزمنة، الوطن الذي عاني كثيرًا من جهامة الإخوان وعبوسهم وقسوتهم علي أبنائه.. إننا نحتاج إلي استنساخ عظماء الضحكة للتصدي للعبث العابس للمتطرفين والإرهابيين، نحتاج إلي إعادة روحنا المصرية الساخرة من كل أزماتها المرهقة والتي تُخرج لسانها لكل موبقات الحياة لأنها روح - ببساطة - »‬بنت نكتة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.