لم يكن أحد يتوقع الفوز الكاسح للإخوان في الإنتخابات البرلمانية في جولتها الأولي فقد حصدوا أغلب المقاعد وتواري مرشحو الحزب الوطني ولكن أخطر ما في هذه الإنتخابات التي تمت علي مراحل ثلاث هو الصدام الذي حدث بين القضاء والشعب خاصة في المرحلتين الثانية والثالثة بعد تدخل الأمن ليرجح كفة الحزب الوطني ويصد تفوق الإخوان. وكانت دائرة مصطفي الفقي المثال الواضح لهذا الصدام بعد أن خرجت المستشارة نهي الزيني لتنتقد ما حدث في هذه الدائرة وتكون صاحبة التعبير الشهير "القضاء المنبطح" وتكون الزيني شاهد عيان علي ماحدث في هذه الانتخابات، والتي كانت سببا في أن يكون هناك تيار في القضاء مناهض ومعارض للنظام بسبب تدخلات أمنية في بعض منها وبلطجة في بعض آخر ولكن النتيجة كانت تشكيكا في قرارات القضاة بعد إعلانهم النتائج والأهم أن اتهام التزوير والتلاعب طال هيئة العدالة وهو ما أشعر المواطنين بالظلم والإهانة ونتج عنهما فقدان الثقة في قرارات القضاة. إلا أن النتائج في النهاية أسفرت عن وجود كتلة برلمانية اطلق عليها اسم المحظورة نسبة إلي أن الإخوان المسلمين محظورون من العمل السياسي وفقا للقانون وهو الأمر الذي بات مضحكا لأن نواب هذه الكتلة يتحدثون في الإعلام باسم الإخوان والإعلام الرسمي يصفهم بالمحظورة وأقصد هنا الرسمي بالصحف التابعة لمجلس الشوري والتليفزيون والإذاعة بينما وسائل الإعلام الخاص علي عكس ذالك تماماً وهو ما أوجد اهتزازا في الرؤي بالنسبة للمواطن الذي سرعان ما انحاز إلي كل ماهو غير رسمي في الإعلام ليستقي منه الأخبار والمعلومات حتي ولو كانت مبالغا فيها أو غير حقيقية. وجاء ظهور أحمد عز كقيادة حزبية خلفا لكمال الشاذلي في منصب الأمين المساعد مثالا للصورة الذهنية التي تراكمت عند أغلب المواطنين بأن ذلك تمهيد لمشروع التوريث في الحكم بعد إنتهاء ولاية مبارك الخامسة بينما أشاع البعض أن مبارك لن يكمل مدته وأن جمال قادم خلال عامين علي الأكثر. إلا أن وجود عز كان له انعكاس سلبي علي نظام الحكم بصفة عامة وعلي جمال بصفة خاصة فعز لم يكن شخصية محبوبة لدي المواطن بل كان الشارع كارها له، فتحول ذلك إلي تعاطف بدون شعور للحركات المعارضة في الشارع والتي لم تواجه سياسيا وإنما أمنيا فكان سببا في تعاطف وانضمام الكثيرين لهذه الحركات خاصة في ظل غياب واضح من بقية الأحزاب التي كان من المفترض أنها علي يسار النظام ولكنها فشلت في ضم هؤلاء لهم . وغاب عن البعض في بداية عام 2006 البحث بشكل جدي في حالة الهوس الذي أصاب المصريين بسبب مباريات كأس أفريقيا والذي ظهر بوضوح في الحضور الجماهيري للمباريات والتشجيع الهستيري الذي شارك فية الشباب من الجنسين وظهرت طبقة جديدة من الجمهور لم يكن معتادا حضورهم المباريات الكروية يحملون العلم المصري ويطوفون به الشوارع بعد كل انتصار لفريق مصر بحثا عن إنتماء مفقود للوطن ووجدوا أن ذلك هو السبيل في ايجاد هذا الانتماء، وبالرغم من الصورة التي ظهر عليها الشباب في الإستاد والشوارع لم يكلف الحزب الوطني نفسه في استقطابهم ومد جسور الثقة لهم وترك قيادات الحزب هؤلاء الشباب بعد المباريات ليبحثوا عن قيمة للإنتماء جديدة بعيدا عن مباراة رياضية وكأن شباب مصر مجرد كومبارس في الحياة وتلك هي الأزمة الحقيقية لأن الشباب شعر أنه مهمش في الحياة لا يجد وظيفة بعد تخرجه أو حياة كريمة يحياها وهو جعل الأغلبية منهم ناقمة علي البلد من ناحية وعلي النظام السياسي من ناحية اخري. وللحديث بقية.